ياسر أيوب
ليس هناك تعريف واضح ومحدد ودائم للنجاح.. فهناك من يقيس النجاح بالمال أو الشهرة أو القوة أو احترام الناس.. وهناك من تأتيه أيامه بنجاحات كثيرة حقيقية وجميلة لكن ليس من بينها النجاح الذى كان يريده وينتظره ويفتش عنه.. وأحد هؤلاء كان النجم الكروى الكبير الفريدو دى ستيفانو.. وهو الذى حكى لى بنفسه عن نجاح كان يحلم به ولم يستطع تحقيقه.
فقد كنت فى الطائرة التى سافرت من القاهرة إلى مدريد لتعود بفريق ريال مدريد لملاقاة الأهلى.. وكنت أجلس بجواره وبدأت معه حوارا طويلا هادئا إلى أن فوجئت به منفعلا وغاضبا وصارخا معتبرا سؤالى بمثابة إهانة له.. فقد سألته عن رأيه فى حيرة العالم الكروى حول اللاعب الأفضل فى التاريخ وهل هو بيليه أم مارادونا.. وأمام هذا الغضب شعرت بالدهشة والحيرة والارتباك وبقيت صامتا حتى أدرك دى ستيفانو بسرعة أننى لم أفهم سر غضبه وثورته.. وقال لى بعد أن استعاد هدوءه أنه ليس أقل من بيليه ومارادونا، وأن السؤال الصحيح هو أيهم الأفضل من هؤلاء الثلاثة؟.. وكان من السهل أن أتهم الرجل الجالس بجوارى بالغرور لولا بقية حوارنا الذى كان إنسانيا أكثر منه حوارا كرويا.
وقبل الحديث عن ذلك وقبل أيضا أن أجلس مع دى ستيفانو كنت أعرف قدر الرجل ومكانته وقيمته وتاريخه أيضا.. فهو أحد النجوم الكبار جدا فى عالم كرة القدم.. والفائز بالكرة الذهبية 1957 و1959 والوحيد الذى فاز بسوبر الكرة الذهبية.. وهى جائزة لم يتم منحها سوى مرة وحيدة، وتم طرح ثلاثة أسماء للتصويت هم: دى ستيفانو ويوهان كرويف وميشيل بلاتينى والفائز كان دى ستيفانو فى 1989.. وإلى جانب موهبته الكروية الاستثنائية كان دى ستيفانو النجم الأول وصانع أسطورة ريال مدريد الذى فاز معه بالدورى الإسبانى ثمانى مرات وخمس بطولات أوروبية.. وكان من الطبيعى أن يحمل الاستاد الثانى للريال بعد برنابو اسم دى ستيفانو تقديرا واحتراما للرجل الذى ظل حتى وفاته الرئيس الشرفى للريال.. أما الحلم الذى تحول إلى وجع مزمن فى قلب وعقل دى ستيفانو فهو أنه أبدا لم يلعب فى نهائيات كأس العالم.. ورغم أنه أرجنتينى الأصل ولعب لمنتخب الأرجنتين ثم لعب لمنتخب كولومبيا وبعد أن نال جنسية إسبانيا لعب أيضا للمنتخب الإسبانى.. وتوالت المصادفات التى حالت كل منتخب لعب له دى ستيفانو من المشاركة فى المونديال.. وبات يعتقد أن هذا هو الذى جعل العالم لا يضعه مع بيليه ومارادونا.. فكل نجاحات دى ستيفانو وجوائزه بالتأكيد أسعدته لكنها لم تجعله ينسى وجع المونديال الذى ظل يلازمه حتى وفاته 2014.
نقلا عن المصرى اليوم