ياسر أيوب
كثيرة جدا هى حكايات دورة برلين الأوليمبية التى استضافها هتلر ١٩٣٦ فى ألمانيا.. الدورة التى كانت بداية الاستخدام السياسى والدعائى للالعاب الأوليمبية.. والوحيدة التى تصدر فيها الألمان جدول الميداليات برصيد ١٠١ ميدالية منها ٣٨ ميدالية ذهبية.. واحتلت الولايات المتحدة المركز الثانى برصيد ٥٧ ميدالية منها ٢٤ ميدالية ذهبية.. ومن بين ٣٥٩ لاعبة ولاعبا مثلوا الولايات المتحدة فى تلك الدورة.. كان هناك ١٨ لاعبة ولاعبا من الأمريكيين السود الذين لم يسافروا إلى برلين فقط لمنافسة لاعبى ولاعبات بلدان أخرى.. إنما سافروا يريدون الفوز لمواصلة الحرب ضد العنصرية الأمريكية وإثبات أن السود فى أمريكا لهم نفس حقوق البيض كشركاء فى وطن واحد يسع الجميع.. وسافروا أيضا للرد على مزاعم هتلر بتفوق الجنس الآرى وأن السود ليسوا بشرا بنفس مكانة وقدرة البيض.. وأصبح لهؤلاء الرياضيين الأمريكيين السود حكاية استثنائية جميلة بكل تفاصيلها ومعانيها لكن لم يعرفها الناس إلا بعد ٨٠ سنة.

فبعد أن فاز البطل الأمريكى جيسى أوينز بأربع ميداليات ذهبية فى برلين ١٩٣٦.. التفت إليه الجميع وانشغلوا بميدالياته لبعض الوقت لكن لم يهتم أى أحد بمعرفة حكايات ونتائج باقى الرياضيين السود الذين عادوا من برلين ومعهم ١٤ ميدالية أوليمبية منها ٨ ميداليات ذهبية و٤ فضية وميداليتان برونزيتان.. ولم يكن ذلك كافيا لأن يهتم بهم الإعلام الأمريكى وقتها ويقدمهم للأمريكيين والعالم كله كأبطال أوليمبيين نجحوا فى تحدى واقع مؤلم وظروف قاسية وحياة غير عادلة لمجرد أن لونهم أسود.. وبعد ٨٠ سنة.. قررت فنانة ومنتجة سينمائية أمريكية اسمها ديبورا ريلى درابر فى ٢٠١٦ أن تجمع حكايات هؤلاء الرياضيين السود الذين كانوا فى برلين ١٩٣٦ لترد لهم حقوقهم واعتبارهم عبر فيلم وثائقى بعنوان الكبرياء الأوليمبى.

ولأن كل هؤلاء الرياضيين السود قد ماتوا قبل أن تقرر ديبورا تقديم حكاياتهم.. فقد اعتمدت ديبورا وفريقها المساعد على لقاءات كثيرة مع عائلاتهم وجمع قصاصات الصحف أثناء وبعد دورة برلين والبرامج الإذاعية التى تابعت دورة ١٩٣٦ ونقلت أخبارها للأمريكيين.. ومن هذا الفيلم.. عرف الأمريكيون ما جرى لهؤلاء الرياضيين السود فى ١٩٣٦.. كيف فازوا بميدالياتهم رغم كل الضغوط النفسية وعدم الاستعداد بشكل كامل وصحيح.. وحين فازوا وعادوا للوطن.. رفض الرئيس الأمريكى روزفلت مصافحتهم مثلما قام بمصافحة الأمريكيين البيض الفائزين بميداليات فى برلين ولم ينل هؤلاء أى مزايا أو مكافآت وتكريم مثل الآخرين البيض.. ونجح الفيلم وصفق له كثيرون سواء سود أو بيض.. وأهم النتائج كانت حفل استقبال داخل البيت الأبيض لعائلات هؤلاء الرياضيين الذين استعادوا حقوقهم الضائعة وكبرياءهم المجروح بعد ٨٠ عاما.
نقلا عن المصرى اليوم