كتبها Oliver
فى الإنسان كل المواسم.فيه ربيع إنتعاش المحبة و الفرح بالرب و بالناس و بالأحداث.
و فيه خريف من تقلبات الحياة. فيه صيف حين تترصدك التجارب و فيه الشتاء حين تصيب المحبة برودة و إنسحاب.
لكن المواسم دائرة لا تتوقف.فلا نقف عند واحد من فصولها.
فى الإنسان جبال الصعاب و سهول هى عمل الله الذى يمهد التلال.الضيقات كالبحار تبدو فى بدايتها بلا شطآن.دع الربان يروض السفينة حتى تصل إلى بر الأمان. فى الطريق سترى داخل البحر جزر كثيرة لكي تستريح و تلتقط أنفاسك و فى النهاية تعاين أن للبحر شطآن .لأنه لا ضيقة تدوم و لا تجربة بلا نهاية.
أحياناً تسود الغيوم الحياة.لا وضوح للرؤية .الطرق متشابهة و لا نفع للخرائط.لكن شمس البر يأتى.تستضيء المسكونة.يتكلم فنبصر و نتهلل بمعرفة جديدة.
الأمطار هدايا السماء تأتى فنبتل منها لكننا نعرف أن هذا كله يؤول إلى الخير الوفير .
ليست كل العطايا تأتى كالهدايا .بعض العطايا يأتى كالعاصفة.يقتلع المصير من طريق إلى آخر.ينقلنا رغما عنا من دروب الجهل إلى مساكن النور.ليس شرطاً أن يأتى المطر هادئاً فمهما صاحبه من رعود مقلقة فإنه يبقي لخير الإنسان.و مهما رافقته البروق فهى ومضات سمائية تبشر بالخير.ثم لما نرى قوس القزح نتذكر عهد الله مع الإنسان ألا يكون الغمر مهلكاً بل فى الغمر يحملنا.هكذا تختلف الأمطار.بين لكزات خفيفة للتبكيت إلى هزات عنيفة للإستفاقة.لكن كل المطر خير.
بعض الكلمات تخرج من الألسنة مليئة بالمرارة كمياه آسنة.راكدة فى آبار أو قلوب مشققة غلفتها نترات الأرض الكاوية.و بعض الكلمات تأتى كالبسلم من قلوب كالأنهر الصافية لأن الروح الذى فيها يمنحها نقاوة و عذوبة.
إرشادات الجهلاء كالرمل في العينين.تزيد التائه توهاناً.و كلام الحكماء يمحو الغشاوة فنعرف التقوي من الخطية.
لا توجد صخور أكثر قساوة من إنسان لا يعرف المغفرة و من سيد لا يعرف الرحمة .أكثر صخور الأرض فى قلوب الناس لكن الذى وضع في يد الرب قلبه فهو قادر أن يجعل الصخر أثمن من الماس و يلينه أكثر من الماء.
فيك معادن الأرض.فعلياً و روحياً.في الجسد حديد و ماغنسيوم و بوتاسيوم و زنك و نحاس وغيرها من المعادن.لكنك روحياً أيضاً تملك إرادة يمكنها أن تفوق الحديد صلابة. و تملك رجاءاً أكثر حدة من سيف نحاسي ينفذ فى الضيقات و يفتتها.
أنت أغلى من ذهب الأرض لأنك إبن المسيح الحى. فيك إيمان ينقل الجبال و يعيد ترسيم الأشجار إذ يقلع الجميزة و يزرعها في مكان آخر حتى في لسان البحر.
الأفق البعيد البعيد قدامك هكذا لا ندرك الأشياء لكننا بالإيمان نراها تتحقق .الإيمان للروح كالهواء للجسد.لا نستغني عنه لحظة .نعيش به و نحن لا نراه.هكذا الإيمان .لا يستطيع إنسان أن يجد راحة لحياته إلا بالإيمان.يتنفس حباً و بِراً و سلاماً.
كأنك أنت الأرض. و أنت الشمس.نور للعالم.بمحبتك و غفرانك و إقتداءك بالمسيح النور الحقيقي.
كأنك أنت القمر تضيء عتمة لآخرين.تشددهم بالرجاء و الإيمان و الصبر.كأنك أنت الجبل لا تهتز من هياج الريح و هجمات إبليس.
كأنك أنت الزرع تثمر فى كل وقت و كل ظرف
.كأنك نبتة ضئيلة حكيمة تصمد قدام العواصف لأنها لا تتشامخ بل تميل بمرونتها فتعبر عنها الزوابع.أنت النبتة المتضعة.لا يوجد شيء فى الأرض ليس فيك.
أنت تحمل الأرض التى تحملك. و يد القدير تحمل الكل.