رأى محللون وخبراء استراتيجيون أن الضربة التى وجهتها إيران إلى إسرائيل ستدفع الأخيرة إلى إعادة حساباتها، وستمنح حزب الله متنفسًا ودافعًا لترتيب صفوفه بعد الخسائر التى منى بها.
كما رأوا أن الرد الإيرانى الأخير لم يحدث من قبل من حيث عدد الصواريخ ونوعيتها المتقدمة، التى رآها الجميع فى مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل تسقط بكثافة على أهدافها، مبينين أن الضربة جاءت ردًا على الاغتيالات الإسرائيلية التى طالت قيادتى حماس وحزب الله، وردًا أيضًا على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال حول تغيير النظام الإيرانى.
وقال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن موجة القصف الإيرانى على إسرائيل، سابقة لم تحصل من قبل بهذا العدد الكبير من الصواريخ وبنوعيتها المتقدمة.
وأضاف أنه لم تتمكن منظومات الدفاع الجوى الإسرائيلية المختلفة من إسقاط العدد الأكبر من تلك الصواريخ لتصل إلى أماكن مختلفة فى إسرائيل، ومنها ما وصل إلى مناطق عسكرية حسبما تم تداوله من فيديوهات قبل فرض الرقابة العسكرية الحظر على تصوير أماكن إصابة الصواريخ فى الداخل الإسرائيلى.
وتابع: «هذا القصف الإيرانى كان ردًا على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى طهران، وكذلك اغتيال حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله، وعدد من قيادات الحزب والحرس الثورى الإيرانى، حسبما أعلن بيان الحرس الثورى».
وأكمل: «بالتالى يمكن قراءة هذا الرد على أن إيران لم تترك الفعل الإسرائيلى دون رد، خاصة بعد تمادى إسرائيل فى ضرباتها ضد إيران وحلفائها، إذ كان يتوجب عليها أن تتدخل مباشرة لإيصال تلك الرسالة».
وواصل: «يمكن أن نشير إلى مسألة فى غاية الأهمية، وهى سبب تسارع الرد الإيرانى من وجهة نظرى، وتتمثل فى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الأخيرة، التى خاطب بها الشعب الإيرانى وأشار إلى إمكانية تغيير النظام فى طهران».
وقال: «هذا الخطاب استفز الإيرانيين بمن فيهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى إيران خامنئى، الذى شعر بالخطر المؤكد، وأوعز برد عسكرى كبير، فما حدث بالأمس كان رسالة مهمة بأن ما قاله نتنياهو هو تجاوز لا يمكن الصمت عليه أو التأخر فى الرد عليه».
ورأى أن موجة الصواريخ الإيرانية ستشكل قوة دفع كبيرة لحزب الله فى لبنان، خاصة بعد الضربات المتتالية التى تلقاها والاختراقات الكبيرة، وكان على رأسها اغتيال حسن نصرالله، قائلًا: «هذه الضربة شكلت استعادة الحزب أنفاسه ليعيد ترتيب أوراقه ويعين قادة بدائل لمن تم اغتيالهم ليديروا المعركة حسب خطط عسكرية معدة لذلك». فيما قال عمرو حسين، الباحث فى العلاقات الدولية، إن الضربة الصاروخية الإيرانية، رسالة للكيان الإسرائيلى بأن إيران قادرة بصواريخها أن تصيب أماكن عسكرية استراتيجية.
وأشار إلى أن الرد الإيرانى جاء عقب تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المتعالية التى هدد فيها إيران أنه لا مكان لا يمكن أن تطوله ذراع إسرائيل الطويلة، وأن إسرائيل ستغير من شكل الشرق الأوسط.
وأضاف «إيران اضطرت للرد بعد الاتهامات الأخيرة التى وجهت لها بأنها تخلت عن محور المقاومة، خاصة حزب الله بعد الضربات النوعية التى تلقاها وآخرها مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
وأوضح أن إيران استخدمت صواريخ فرط صوتية فى تلك الضربات الصاروخية التى فشلت أنظمة الاحتلال الإسرائيلى فى اعتراضها، كما استخدمت أيضًا صواريخ باليستية، وهى رسالة إيرانية أنها لن تتخلى عن حزب الله وعن لبنان.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن ترد إسرائيل على تلك الضربات، مضيفًا: «سيتوقف الرد الإيرانى المقبل على شكل الرد الإسرائيلى المتوقع الذى من الممكن أن يطال أماكن حساسة مثل المفاعلات النووية، وإن حدث ستكون المنطقة كلها فى مواجهة شاملة وعلى حافة الهاوية».
من جانبها، قالت الدكتورة تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية، إن الصواريخ الإيرانية التى طالت تل أبيب، لم تنطو على عنصر المفاجأة، فالولايات المتحدة قد حذرت إسرائيل مسبقًا بأن إيران تستعد لمهاجمتها، لذا فعلت إسرائيل القبة الحديدية التى تمكنت من صد غالبية الصواريخ، وإن كان بعضها تمكن من إصابة عدد من المواقع، ومن ثم لم تؤثر سلبيًا بشكل كبير، إذ لا توجد إصابات بشرية، ولهذا يشبه هذا الهجوم ما حدث فى أبريل الماضى، والفارق فى عدد الصواريخ وأنواعها. وأضافت أن الصواريخ بمثابة رد من إيران على اغتيال إسماعيل هنية وحسن نصرالله، لحفظ ماء وجهها، خاصة أن تيارًا من المحافظين فى الداخل الإيرانى ينتقد سياسة الرئيس الإيرانى، الذى يرغب فى تجنب الحرب، وطالب هذا التيار بالرد على الاغتيالات حتى لا يفقد محور المقاومة الثقة فى النظام الإيرانى.
وأشارت «حداد» إلى أن الكرة الآن فى ملعب إسرائيل، التى فى الغالب سترد بطريقة مفاجئة، وهناك مخاوف من ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وستواصل إسرائيل سياسة التصعيد المتدرج، من أجل بتر أذرع إيران فى المنطقة، بعدها ستتعامل مع البرنامج النووى الإيران، فإسرائيل والولايات المتحدة لا ترغبان فى وجود برنامج منافس للبرنامج النووى الإسرائيلى. وأوضحت أن ما يحدث الآن على أرض الواقع هو عملية تصعيد إسرائيلى ممنهج ومتدرج، حتى لا يتطور الأمر إلى حرب إقليمية تنفيذًا لمتطلبات أمريكا، التى لا ترغب فى هذا السيناريو، لكن لا أحد يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث مستقبلًا فى ظل هذه المتغيرات المتسارعة.