نيفين سوريال
في يوم من الأيام، دُعيت إلى حفل عشاء مع نساء ورجال الأعمال من الشركات الكبيرة والصغيرة في إحدى أكبر قاعات فنادق القاهرة. قامت بدعوتي زميلتي التي كانت معي في الجامعة، حيث كانت تعمل كسكرتيرة في إحدى الشركات. قالت لي: "أريدك أن تأتي معي في هذا اليوم، ومن الممكن أن تلقي كلمة بسيطة عن الشخصية المؤثرة في من حولها من جميع الفئات."

أخبرتها أنني لم أكن مستعدة، فقالت لي: "استعدي لإلقاء الكلمة بإذن الله." وبالفعل، أحضرت الورقة والقلم وكتبت ما ألهمني الله به من كلمات لتكون مؤثرة في من يسمعها. وفي اليوم التالي، عندما وصلنا إلى القاعة، وجدتها مليئة بالشخصيات البارزة والعديد من الأشخاص. قالت لي زميلتي: "استعدي لتحيي مديرتي ومن معها." وبالفعل، بعد السلامات والتحيات، قالت لي صديقتي: "حضري كلمتك، تلقينها بعد ربع ساعة." مع أنني كنت أعتقد أنني سأكون حاضرة فقط، وليس متحدثة، خاصة في موضوع يتعلق بكيفية التأثير في الآخرين.

ورغم أنني كنت قد حضرت الكلمة واستعديت لإلقائها قبلها بيوم، فقد شعرت ببعض الرهبة وتساءلت: "هل سيسمعون لي بالفعل أم ستكون مجرد كلمات سأتلُوها عليهم؟" بسبب وجود بعض الحاضرين الذين يشغلون مناصب رفيعة جدًا، وأصحاب أعمال في مجالات مثل شركات التجميل والفن والرسم والنحت وغيرها

أخذت أنفاسي قبل البدء، وعندما أعطوني الميكروفون وبدأت، ألهمني الله أن ألقي كلمات قالوا إنها كانت رائعة جدًا. حيث طبقت ما تعلمته في مادة علم النفس والإلقاء، ورحب بي العديد من رجال وسيدات الأعمال.

ولكن ما جعلني أكتب هذا الموضوع هو ما أتذكره إلى الآن من كلمات إحدى السيدات، وكانت تكبرهم سنًا، حيث قالت لي:  "في شبابي، لم أكن أعرف معنى التواضع والصبر. لقد قلتِ كلمتكِ الحق، وهذا ما ينقصنا، الصبر والتواضع. لقد خسرنا الكثير بسبب انشغالنا بالمال والشركات وما نحن فيه عن أجمل عطايا الله، وهي الصبر والتواضع وطول الأناة." وشكرتني كثيرًا وقالت لي: "هذا ما نقوله لأصحاب المشاريع الصغيرة. بارك الله فيك."

وهذه هي الكلمة التي القيتها في ذلك اليوم:
التأثير على الآخرين يعد من السمات الشخصية التي يسعى إليها الكثيرون. الشخصية المؤثرة ليست فقط تلك التي تتمتع بالكاريزما أو القوة، بل هي أن يستطيع الشخص ترك أثرًا إيجابيًا على من حوله بشكل دائم. هناك عدة عوامل ومهارات يمكنك تطويرها لتصبح شخصية مؤثرة، وتشمل السمات الشخصية والقدرات الاجتماعية والتواصل الفعال.

1. الثقة بالنفس
الثقة بالنفس هي أساس الشخصية المؤثرة. عندما يشعر الأشخاص بالثقة في أنفسهم، فإنهم يعكسون ذلك في أفعالهم وكلماتهم. هذه الثقة تمنحهم القدرة على القيادة واتخاذ القرارات التي تكون محل احترام وتقدير الآخرين. الثقة بالنفس لا تعني الغرور، بل تعني الإيمان بقدراتك واحترامك لنفسك، مما يجعل الآخرين يتطلعون إليك كمصدر للثقة والتوجيه.

2. القدرة على التواصل الفعّال

التواصل الجيد هو مفتاح التأثير على الآخرين. الشخص الذي يجيد التعبير عن أفكاره بوضوح ويستمع إلى الآخرين باهتمام يخلق بيئة إيجابية للتفاعل. التواصل الفعّال يتضمن ليس فقط القدرة على الكلام، ولكن أيضًا القدرة على الاستماع وفهم مشاعر وأفكار الآخرين. الشخص المؤثر يجب أن يكون قادرًا على توجيه الحوار بطريقة تعزز التعاون والفهم المتبادل.

3. التعاطف والاهتمام بالآخرين
التعاطف هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معهم على مستوى عاطفي. الأشخاص المؤثرين يظهرون تعاطفًا حقيقيًا تجاه مشاعر الآخرين واهتماماتهم. عندما يشعر الآخرون بأنك تهتم بهم فعلاً وتفهم احتياجاتهم، فإنهم يميلون إلى تقديرك والثقة بك أكثر. هذا النوع من التعاطف يساعدك على بناء علاقات قوية ومستدامة.

 4. القيادة بالإلهام
القيادة ليست مجرد إعطاء الأوامر، بل هي القدرة على إلهام الآخرين وتحفيزهم للوصول إلى أهدافهم. الشخصيات المؤثرة تعتمد على تحفيز الآخرين من خلال تقديم مثال يحتذى به. القائد المؤثر يعزز الروح الجماعية ويشجع الآخرين على النمو والتطور، مما يجعله مصدر إلهام للأشخاص من حوله.

5. المرونة وقبول التغيير
الأشخاص المؤثرون يتمتعون بالمرونة والقدرة على التكيف مع التغيير. في عالم متغير، القدرة على التكيف مع الظروف الجديدة وإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات تجعل الشخص المؤثر محل احترام الآخرين. هذا النوع من المرونة يعكس القوة الداخلية والقدرة على التفاعل مع مختلف التحديات بمرونة وذكاء.

6. القدوة الحسنة
الشخص المؤثر يقدم قدوة حسنة للآخرين من خلال أفعاله وسلوكه. إن التزامك بالمبادئ والقيم التي تؤمن بها يجعلك قدوة للآخرين. عندما يرونك تعيش ما تقول وتلتزم بمبادئك، يزداد احترامهم وثقتهم بك، ويصبحون أكثر استعدادًا للتأثر بأفكارك وسلوكك.

7.  الفرح والتفاؤل
الشخصية المؤثرة غالبًا ما تتسم بالفرح والتفاؤل. الناس يميلون إلى الأشخاص الذين ينقلون مشاعر إيجابية ويشجعونهم على رؤية الجوانب الإيجابية في الحياة. التفاؤل يعزز بيئة مليئة بالإبداع والحماس، مما يجعل الآخرين يرغبون في التفاعل معك والبقاء بالقرب منك.

8. التواضع
التواضع هو جزء أساسي من الشخصية المؤثرة. الشخص المتواضع يعرف نقاط قوته وضعفه، ولا يحاول الظهور بأنه يعرف كل شيء. التواضع يسمح لك بالتعلم من الآخرين وبناء علاقات مبنية على الاحترام المتبادل. عندما تكون متواضعًا، يجد الناس أنك شخص واقعي وقريب من قلوبهم.

الخاتمة
الشخصية المؤثرة هي تلك التي تثق في الخالق العظيم وتثق في نفسها. الشخصية المؤثرة هي التي تتعاطف وتحب الآخرين، وتعرف جيدًا ما هو التواصل الفعّال، والإحساس والشعور بالآخرين، وتتمتع بالقيادة والإلهام. هذه هي العناصر الأساسية لتكوين شخصية مؤثرة. لتحقيق التأثير الحقيقي، يجب أن تركز على تطوير علاقات إيجابية مع الآخرين وتقديم الدعم لهم بطريقة تجعلهم يشعرون بأنهم مهمون ومقدّرون.

إذا كنت تسعى لتكون شخصية مؤثرة، عليك أن تتحلى بالصبر والمرونة وطول الأناة، وأن تعمل دائمًا على تحسين نفسك والقدرة على التكيف مع مختلف المواقف. يجب أن تتعلم كيفية الإصغاء الجيد وتقديم الحلول التي تتناسب مع احتياجات الآخرين. وفي النهاية، الشخصية المؤثرة ليست فقط من يلهم الآخرين، بل هي التي تدفعهم لتغيير حياتهم نحو الأفضل وتعزز قيم الإنسانية والتعاون في المجتمع.

بعض الآيات التي تدعمك لتكون شخصية مؤثرة:
- "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فيلبي 4:13)  
- "ليكن كلامكم دائمًا بنعمة، مصلحًا بملح، لتعرفوا كيف يجب أن تجاوبوا كل واحد" (كولوسي 4:6)  
- "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضكم لبعض" (يوحنا 13:35)  
- "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا" (متى 20:26)  
- "لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح" (2 تيموثاوس 1:7)  
- "كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح" (1 كورنثوس 11:1)  
- "افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضًا افرحوا" (فيلبي 4:4)  
- "فمن يضع نفسه يرتفع" (متى 23:12)