د. عايدة نصيف
الدعم أداة تستخدمها الحكومات لتحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطنين، خاصة الفئات الأقل دخلًا، وينقسم الدعم لمن يسأل إلى نوعين رئيسيين الدعم العينى'>الدعم النقدى والدعم العينى،  لكل منهما أهداف ومميزات وتحديات تختلف عن الآخر.

وفى مقالى هذا، أعرض الفرق بين الدعم النقدى والعينى، وفوائد كل منهما، ونستعرض بعض الأمثلة لتطبيقات كل منهما فى مصر والدول الأخرى، وابدأ بالدعم النقدى فهو نوع من المساعدات التى تقدمها الدولة للمواطنين على هيئة مبالغ مالية مباشرة، ويتم إيداع هذه المبالغ فى حسابات الأفراد المستفيدين أو صرفها بطرق أخرى، بحيث يتمكن المواطن من إنفاقها حسب احتياجاته.

وللدعم النقدى مميزات منها المرونة فى الإنفاق، إذ يمنح الأفراد حرية استخدام المبالغ المالية فى تلبية احتياجاتهم، سواء كانت شراء الطعام أو العلاج أو غيرهما من الاحتياجات، بالإضافة إلى ميزة أخرى للدعم النقدى وهى الحد من الفساد، إذ يقلل الدعم النقدى من فرص التلاعب والفساد، نظرًا لأنه يصرف مباشرة للمستفيد، بل من مميزاته سهولة التنفيذ والتتبع إذ يمكن تتبع عمليات التحويل المالى بشكل أسهل من تتبع عمليات توزيع السلع، ولكن هناك تحديات للدعم النقدى منها إمكانية سوء الإنفاق، حيث قد يستخدم المستفيدون المبالغ فى شراء سلع غير ضرورية.

ومن ضمن التحديات أيضًا ارتفاع تكاليف التوزيع فى بعض الأحيان، حيث تكون هناك تحديات فى إنشاء وتحديث قواعد بيانات المستفيدين، ما يرفع من تكاليف التنفيذ.

أما عن الدعم العينى وهو تقديم السلع والخدمات للمواطنين بشكل مباشر، مثل توفير السلع الغذائية الأساسية كالخبز والزيت والسكر بأسعار مدعومة، أو تقديم خدمات صحية وتعليمية مجانية أو شبه مجانية.

ومن مميزاته توجيه الدعم نحو الاحتياجات الأساسية، إذ يساعد الدعم العينى على التأكد من استفادة المواطنين من السلع والخدمات الضرورية، مما يحد من سوء الإنفاق، وتحقيق الاستقرار فى الأسعار من خلال توفير سلع مدعومة، تساعد الحكومات فى تحقيق استقرار الأسعار وتخفيف حدة التضخم، وحماية الأمن الغذائى، إذ يضمن الدعم العينى توفير السلع الأساسية حتى فى الأزمات الاقتصادية.

ولكن هناك تحديات أكبر تواجه الدعم العينى مثل صعوبة الرقابة والتوزيع، فقد تتعرض السلع المدعومة للتهريب أو الفساد الإدارى أثناء التوزيع، ويزيد على ذلك التكلفة العالية، إذ يتطلب الدعم العينى تكاليف تشغيلية عالية تشمل النقل والتخزين والتوزيع.

و فى مصر، تعتمد الحكومة على كلا النوعين من الدعم لتحقيق التوازن الاجتماعى والاقتصادى، ومن أمثلة الدعم العينى على سبيل المثال لا الحصر منظومة دعم الخبز، حيث يحصل المواطنون على عدد معين من أرغفة الخبز يوميًا بسعر مدعوم، ما يسهم فى حماية الأمن الغذائى، كما توفر الحكومة للمواطنين سلعًا غذائية مدعومة شهريًا عبر منافذ محددة.

ويتساءل الكثير بل تطرح القضية على طاولة منصة الحوار الوطنى؛ أيهما أفضل الدعم النقدى أم العينى، وأرى أن الاختيار بين الدعم النقدى والعينى يعتمد على الهدف المنشود والفئة المستهدفة، بينما يميل البعض إلى تفضيل الدعم النقدى لأنه يعزز من قدرة الأفراد على اتخاذ قراراتهم الخاصة، ويرى آخرون أن الدعم العينى يضمن وصول المساعدات إلى الفئات المحتاجة ويحمى من سوء الاستخدام.

لذلك، يفضل اعتماد نظام هجين يجمع بين النوعين، بحيث يتم تقديم دعم نقدى مباشر مع الحفاظ على الدعم العينى للسلع الأساسية مثل الغذاء والدواء.

والمهم، من وجهة نظرى، أن يبقى الدعم، سواء كان نقديًا أو عينيًا، إذ يمثل وسيلة فعالة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف الأعباء الاقتصادية، لكنه يحتاج إلى تخطيط دقيق وتنفيذ سليم لضمان وصوله إلى مستحقيه وتحقيق الأهداف المرجوة منه، لذا من المهم أن تقوم الحكومة بدراسة مستمرة لفاعلية برامج الدعم وتطويرها لتتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، ما يضمن حياة كريمة لجميع المواطنين.
نقلا عن الدستور