ياسر أيوب
قرار تويوتا وباناسونيك بالاعتذار عن عدم الاستمرار فى رعاية اللجنة الأوليمبية الدولية.. ليس مجرد خبر مهم يتابعه حاليا إعلام العالم الرياضى.. إنما حكاية لها كثير من معانٍ تستحق التوقف والتأمل وكثير أيضا من دروس لابد من تعلمها والاستفادة منها.. وأحد أهم هذه الدروس هو ضرورة مراجعة إنفاقك طول الوقت وهل تنفق مالك فيما يستحق أم أنه مال يضيع بلا جدوى أو فائدة حقيقية.. مراجعة لازمة ودائمة سواء كان قليلا الذى تملكه أو كان كثيرا أو حتى كثيرا جدا..
وحين قررت تويوتا وباناسونيك إنهاء الرعاية الأوليمبية لم يكن نتيجة قلة المال الذى تملكه الشركتان.. فشركة تويوتا التى أصبحت أكبر صانع للسيارات فى العالم برقم يتجاوز ١٠ ملايين سيارة كل سنة بلغت أرباحها فى أول أغسطس الماضى ٢٤ مليار دولار.. وشركة باناسونيك التى هى إحدى أكبر وأهم شركات العالم للإلكترونيات والأجهزة الكهربائية ورغم أزماتها الأخيرة إلا أن أرباحها فى مارس الماضى اقتربت من ٣ مليارات دولار.. ولم يكن مبلغ ٨٣٥ مليون دولار الذى قدمته تويوتا للجنة الأوليمبية الدولية فى العشر سنين الأخيرة يمثل أزمة لعملاق السيارات اليابانى.. ورغم ذلك توقف مسؤولو تويوتا وراجعوا حساباتهم واكتشفوا أن ما استفادته تويوتا من الرعاية الأوليمبية لم يكن يستحق ما سددته من مال.. وأنه لا يعنيهم أو يسعدهم ارتباط شركتهم بالشعار الأوليمبى إن لم يتحول ذلك إلى أرباح حقيقية وزيادة فى مبيعات السيارات..
كما أنهم ليسوا سعداء بالتحول الذى طرأ على اللجنة الأوليمبية الدولية التى أصبحت لجنة سياسية وليست رياضية فقط.. ونفس الأمر بالنسبة لباناسونيك التى ترعى اللجنة الأوليمبية الدولية منذ ١٩٨٧ ودفعت فى الثمانى سنوات الماضية ٣٢٠ مليون دولار.. وبدأت شركة بريدجستون أيضا تخطط للخروج من قائمة الرعاة الأوليمبيين.. فالرعاية فى تلك البلدان البعيدة ليست مجرد مال يتم سداده مقابل اسم ولافتة وحفلات وعلاقة لا تحكمها مصالح ومكاسب خاصة غير معلنة وصداقة شخصية بين من يمثل الهيئة ومن يمثل الراعى.. إنما حسابات ومصالح عامة وحقيقية ومعلنة ومتبادلة، وتتم مراجعتها بوضوح كل فترة.. وكان المتنبى شاعرنا الكبير على صواب حين قال..
بذا قضت الأيام ما بين أهلها مصائب قوم عند قوم فوائد.. فإن كانت اللجنة الأوليمبية الدولية قد خسرت أموال تويوتا وباناسونيك وستقل إيراداتها من الرعاية التى تزيد عن مليارى دولار كل أربع سنوات.. فقد ربحت كوكاكولا دوام رعايتها الأوليمبية رغم حملة بدأت منذ سنوات للمطالبة بإلغاء هذه الرعاية لتناقض المشروبات الغازية مع صحة وسلامة الجسد.. ولم يعد هذا الانفصال ممكنا بعد انسحاب تويوتا وباناسونيك مهما كانت الضغوط والحملات.
نقلا عن المصرى اليوم