حمدى رزق

الشهيد السيد «حسن نصرالله»، كان يتمناها شهادة، سبقه إليها ابنه البكر «هادى» شهيدًا، كان يتمنى لقاءه فى السماء.

خشيت فى مقال أخير (قبل أيام) على حياة السيد «حسن نصرالله»، وحذرت كما حذر كثيرون من عمق الاختراق المعلوماتى، خطير ونافذ إلى أعماق الحزب، وحذرت من الجواسيس والعملاء على الأرض، فى الضاحية الجنوبية وحاراتها المزنوقة.

 

ذكرت تحديدًا «حارة حريك»، ويعرفها القاصى والدانى، كونها مقر قيادة الحزب، وتمثل قلب المفاعل، وكل مَن التقى إعلاميًّا بالسيد نصرالله تم جلبه أولًا إلى حارة حريك، وحدث معى شخصيًّا لمرات التقيت فيها السيد نصرالله، (أبوالشهيد).

 

اغتيال نصرالله ضربة نافذة فى القلب، تظلل التحليلات المستقبلية بضبابية كثيفة، بشأن صمود الحزب بعد اغتيال رمزه المقاوم الصلب، الذى ظل واقفًا على قدميه قويًّا، متحديًا، شديد الشكيمة، ثابت الجنان، لا تهزه غارات ولا انفجارات من فوق رأسه.

 

الحزب بعد نصرالله فى محنة حقيقية، منَعَتُه مخترَقة، وقواعده مخلخلة، وردوده سابقًا ليست مقنعة، وضرباته الصاروخية لا تترك أثرًا مقلقًا، وهداهد وهداهيد الحزب (جمع هدهد) لم ترسم خارطة استهداف مكافئة لتلهب صواريخ الحزب ظهر الاحتلال.

 

امتحان صعيب يخوضه الحزب، وجيش الاحتلال لا يترك قط مساحة لالتقاط الأنفاس، يطبق على الحزب فى معبده، فرصة نادرة وسنحت لنتنياهو وشركاه فى «كابينت الحرب» لتقليم أظافر الحزب الطويلة، وكسر إرادته العسكرية، وتقويض سمعته- كمقاوم صلب- تلك التى بُنيت على الردع المكافئ، الطائرة فى مواجهة الصاروخ، قاعدة أو قواعد الاشتباك، التى حكمت مناوشات الحزب مع جيش الاحتلال، ودامت طويلًا، قرابة العام، أطاح بها سلاح الجو الإسرائيلى فى أسبوع أخير.

 

لم يبقَ فى قوس الصبر منزع، ولن يصبر الحزب على استشهاد نصرالله والذين معه غيلة، معلوم أن الرصاصة التى تقتلك لا تسمع صوتها، وكتب «حليم خاتون»، (كاتب لبنانى مقاوم): «الرصاصة التى لا تقتل المقاومة تزيدها قوة، هى الألم الذى يصيب المقاومات مع سقوط الشهداء».

فى انتظار رد «حزب الله» ثأرًا، هل يصمت «حزب الله» على العربدة الإسرائيلية فى حرمه، الضاحية اللبنانية، وهل سيظل «الحزب» يناوش تحت لافتة «إسناد غزة»، القاعدة التى اسْتَنّها البطل الشهيد؟،

 

وهل يصمد مقاتلو الحزب على خط الحدود طويلًا، والطائرات (F 35) تصب حممها فوق رؤوسهم العارية؟،

 

وهل تتحمل البيئة المدنية الحاضنة للحزب فى الضاحية متوالية الغارات المخططة لبث الرعب ونزوح الآلاف، وقد شيعت الضاحية مئات الشهداء، فضلًا عن آلاف الجرحى، الذين تغص بهم المستشفيات اللبنانية؟.

 

ما جرى ويجرى فى الضاحية تجاوز «الاستهداف الانتقائى» إلى «الاستباحة المفرطة». جيش الاحتلال خرق كل الخطوط الحمراء، وأطاح بمعادلة توازن الرعب، وألحق بالحزب خسائر محققة، وكلفه غاليًا من صفوة قياداته، وقواعده، وأشاع الفزع بين صفوف بيئته الحاضنة.

 

المحزن..

ما سجلناه فى هذه المساحة قبلًا من خطورة «انكشاف ستر الحزب»، واختراق منَعَتِه المعلوماتية استخباراتيًّا حتى النخاع. للأسف، ظهْر الحزب بات مكشوفًا لتلقى ضربات قاسية.

 

الاستخبارات الإسرائيلية (موساد) خرقت المنظومة المعلوماتية، وشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وعملاؤها على الأرض (الجواسيس) نشطوا بشدة فى تهيئة أجواء نموذجية لضربات إسرائيلية نافذة إلى قلب الحزب النابض، وبلغت قلب المعبد اغتيالًا لرأسه الكبير.

نقلا عن المصرى اليوم