محرر الأقباط متحدون
كان الشيطان وعدم التحاور معه ومحاربة تجاربه محور تعليم البابا فرنسيس اليوم الأربعاء ٢٥ أيلول سبتمبر خلال مقابلته العامة مع المؤمنين
أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء ٢٥ أيلول سبتمبر مقابلته العامة مع المؤمنين، وذلك في ساحة القديس بطرس، ليواصل تعليمه والذي تمحور اليوم حول الشيطان. وعاد الأب الأقدس في بداية حديثه إلى رواية الإنجيل حسب القديس متى حول يسوع الذي سار به الروح القس إلى البرية ليجربه إبليس (متى ٤، ١). وقال البابا إن المبادرة إذن كانت من الله لا من الشرير، وأضاف أن يسوع قد أطاع ما أوحى به الروح القدس لا أنه قد سقط في مكيدة للشيطان. وبعد أن خرج من التجربة عاد إلى الجليل بقوة الروح (لوقا ٤، ١٤).
وواصل البابا فرنسيس تعليمه فقال إن يسوع في البرية قد تحرر من الشيطان ويمكنه الآن أن يحرِّر منه، وهذا ما سلط عليه الإنجيليون الضوء من خلال قصص كثيرة حرر فيها يسوع أشخاصا من أرواح نجسة. وعاد الأب الأقدس إلى كلمات يسوع الذي قال لمعارضيه "إذا كُنتُ أَنا بِروحِ اللهِ أَطرُدُ الشَّياطين، فقد وافاكُم مَلكوتُ الله" (متى ١٢، ٢٨).
توقف قداسة البابا بعد ذلك عند ما وصفها بظاهرة غريبة فيما يتعلق بالشيطان، فعلى مستوى ثقافس معين لا يُعتبر الشيطان موجودا وينظر إليه وكأنه رمز ناتج عن العقل الباطن الجماعي. وذكَّر قداسة البابا في هذا السياق بحديث شارل بودلير عن أن أخبث ما لدى الشيطان هو جعله الناس يعتقدون أنه غير موجود. وواصل الأب الأقدس مشيرا إلى أن عالمنا التكنولوجي والمعلمَن يمتلئ بالسحرة والمشعوذين والمنجمين وبائعي التمائم والأحجبة، وأيضا ومع الأسف بعَبَدة الشيطان، ويمكن القول إن الشيطان وبعد أن طُرد من الباب قد عاد من النافذة، قال البابا فرنسيس، لقد طرده الإيمان بينما أعادته الشعوذة، والمشعوذون هم بدون وعي في حوار مع الشيطان والذي لا يجوز أن يكون معه حوار.
وتابع البابا فرنسيس تعليمه مشيرا إلى أن أقوى دليل على وجود الشيطان لا نجده في الخطأة أو المستحوَذ عليهم بل في القديسين. فصحيح أن الشيطان موجود ويعمل في بعض أشكال الشر القصوى وغير الإنسانية التي نراها حولنا، ولكنه من الصعب في الحالات المنفردة بلوغ اليقين بأن هذا هو فعل الشيطان، وذلك لأنه لا يمكننا أن نعرف بدقة أين ينتهي عمله وأين يبدأ شرنا نحن. ولهذا فإن الكنيسة حذرة وصارمة فيما يتعلق بطرد الشياطين على عكس ما يُرى في بعض الأفلام، أضاف البابا.
توقف الأب الأقدس بالتالي عند حياة القديسين والتي يُجبَر الشيطان فيها على الظهور ليكون في "الضوء المعاكس". فكل القديسين والمؤمنين بقوة يشهدون بشكل ما لكفاحهم ضد هذا الواقع المعتم، تابع البابا فرنسيس وأضاف أنه لا يمكن افتراض أنهم جميعا مصابون بوهم أو أنهم ضحايا أحكام زمنهم المسبقة.
وعن المعركة ضد الشر قال البابا فرنسيس إن بالإمكان الانتصار فيها مثلما انتصر يسوع في البرية، أي بقوة كلمة الله. وحذر الأب الأقدس هنا مجددا من الحوار مع الشيطان، ودعا حين يأتي الشيطان بالتجربة إلى عدم التفكير فيما يطرح من إغراءات بل يحب التوقف ورفع القلب إلى الرب، الصلاة إلى العذراء وطرد الشيطان كنا عَلَّمنا يسوع. وسلط الأب الأقدس الضوء على أن القديس بطرس يحدثنا عن وسيلة أخرى لم يكن يسوع في حاجة إليها بينما نحتاجها نحن، اليقظة. وعاد البابا هنا إلى كلمات القديس بطرس في رسالته الأولى "كونوا قَنوعينَ ساهِرين. إِنَّ إِبليسَ خًصْمَكم كالأَسدِ الزَّائِرِ يَرودُ في طَلَبِ فَريسةٍ لَه" (٥، ٨). وذكَّر البابا أيضا بما كتب بولي الرسول في رسالته إلى اهل أفسس: "لا تَجعَلوا لإِِبليسَ سَبيلاً" (٤، ٢٧).
وبعد أن هزم المسيح إلى الأبد الشيطان "سيد هذا العالم" (راجع يوحنا ١٢، ٣١)، قال البابا فرنسيس، أصبح الشيطان وكما كتب أحد آباء الكنيسة، القديس سيزار دارل: مربوطا كما يُربط كلب بسلسلة، لا يمكنه أن يعض أحدا. وللرغبة في تحدي الخطر يتم الاقتراب منه. يمكنه أن يزمجر لكنه لن يكون قادرا على أن يعض إلا مَن يريد هذا". دعا الأب الأقدس بالتالي مرة أخرى إلى عدم الحوار مع الشيطان وإلى إبعاده دائما. وتحدث قداسة البابا هنا عن التكنولوجيا الحديثة كمثل فقال إنها وإلى جانب تقديمها الموارد الإيجابية الجديرة بالتقدير تطرح وسائل كثيرة "تجعل لإبليس سبيلا" يسقط فيها كثيرون، وذلك مثل الأفلام الإباحية على الشبكة والتي هناك وراءها سوق مزدهر، وهي ظاهرة منتشرة على المسيحيين أن ينتبهوا إليها وينبذوها بقوة.
يجب ألا يحبطنا وعينا بعمل الشيطان في التاريخ، واصل قداسة البابا، فالفكر النهائي يجب أن يتمثل هنا أيضا في الثقة والأمان. فقد هزم يسوع الشيطان ووهبنا الروح القدس كي نجعل انتصاره انتصارنا، قال البابا فرنسيس وأضاف أن حتى عمل الشيطان ذاته يمكن أن يكون في صالحنا في حال جعلناه، بمساعدة الله، يخدم تَطَّهرنا. وختم الأب الأقدس بالتالي تعليمه الأسبوعي، خلال مقابلته العامة مع المؤمنين اليوم الأربعاء ٢٥ أيلول سبتمبر في ساحة القديس بطرس، داعيا إلى نسأل الروح القدس وكما يُذكر في صلاة "هلم أيها الروح الخالق": اطرد العدوّ بعيداً، وأعطِ السلام سريعاً. وإذ تكون لنا قائداً متقدّماً، فننجو بك من كل ضرر.