أحمد الخميسي
نشعر جميعا أو نخمن لكن من دون دليل، أننا نخضع لرقابة يقظة في استخدامنا وسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك إلى واتس آب وحتى اتصالات المحمول. ويتولد ذلك الشعور من تفاصيل صغيرة كثيرة، فقد حدث على سبيل المثال أن اتصلت بصديق لم أكن قد كلمته من زمن بعيد، وفي اليوم التالي مباشرة وجدت فيس بوك يقترحه علي بصورته كصديق! مثل تلك التفاصيل كثيرة، وكلها تقطع بأن هناك رقابة غير مسألة حذف ما لا يعجبهم من التعليق أو التدوين. ويرجع السبب في الرقابة على وسائل التواصل إلى عناية أجهزة المخابرات الدولية أو المحلية بالسيطرة على قواعد البيانات الضخمة لمستخدمي تلك الشبكات بحيث يمكن تصنيف المواطنين،
كل حسب معتقداته وتوجهاته السياسية والاجتماعية. وإذا كنا نشعر بتلك الرقابة مجرد شعور، فإن هناك من الدلائل ما يؤكدها، ومنها على سبيل المثال أن السلطات الفرنسية القت القبض في 24 أغسطس هذا العام على رجل الأعمال الروسي بافل دوروف الذي أنشأ تطبيق "تليجرام" عام 2013، أما التهمة فهي نشر رسائل ذات محتوى متطرف، بينما تتوارى التهمة الحقيقية وهي رفضه التعاون مع السلطات الأمنية الفرنسية حيث أن التطبيق المذكور يتضمن " التشفير الكامل"، كما حَظَرَت أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدّول " الديمقراطية" تطبيق تيك توك لنفس السبب. وإذن فقد ساقتنا التكنولوجيا التي اخترعناها بسعادة إلى تعاسة الخضوع للرقابة والتصنيف وفقدان" الحياة الشخصية"، وقد رأينا في لبنان مؤخرا كيف انتقلت التكنولوجيا من محو الحياة الشخصية بالرقابة إلى إبادة الحياة بتفجير وسائل الاتصال " بيجر" وقتل العديد وإصابة ثلاثة آلاف بمختلف الجروح. وقد كشفت تلك الجريمة " العلمية" - إذا جاز التعبير- عن خطورة العلم إذا كان في سياق استعماري،
الأمر الذي دفع الزعيم الانجليزي تشرشل ذات يوم لأن يقول :" أخشى أن يكون فناء الأرض على أجنحة العلم المتطور اللامعة". وفي الوقت ذاته يتضح لنا بقوة خطورة الكيان الاسرائيلي الذي يمد أذرعه المسلحة إلى لبنان وسوريا واليمن ويشارك في تقسيم السودان وضرب العراق ليتبين بوضوح قاطع أن المسألة ليست " فلسطين وإسرائيل" فحسب، لكنها مسألة قاعدة عسكرية للاستعمار تقفز لتؤدي دورها في النزاعات الروسية في الشيشان، وتقوم بوظيفتها حتى في أكرانيا، حيث تشتري اسرائيل تحت قناع الشركات المتعددة الجنسية الأراضي الأوكرانية بنهم بلغ حد أنها استولت على أربعين مليون هكتار من تلك الأراضي، وبتنسيق مع إسرائيل أعلن الرئيس الأوكراني الدمية في أبريل 2022 أنه يعتزم انشاء : " إسرائيل الكبرى" في أوكرانيا.
والحرب الالكترونية الأخيرة على لبنان مجرد سطر في دفتر وجود الكيان المكتظ بالجرائم منذ إنشائه، وكلها جرائم تكشف عن الطابع المصطنع لذلك الكيان الذي يتقنع بالدين اليهودي كغطاء لدوره الاستعماري في المنطقة وفي أنحاء العالم حيثما يطلبه سادته الذين اخترعوه، وأطلقوا عليه صفة دولة ، واخترعوا له شعبا.
نقلا عن الدستور