الأحد ٢٣ ديسمبر ٢٠١٢ -
٣٥:
٠٧ ص +02:00 EET
بقلم: مدحت بشاي
في زمن العبث وعلى مسرح الملهاة السوداء ، توجه المصريون إلى لجان الاستفتاء على دستور احتشد إلى وضعه وصياغة مواده رموز فصيل واحد من أبناء شعبنا العظيم تم قهر إرادته بتجاوز كل الأصوات التي طالبت بضرورة إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ، وعليه كان اللجوء إلى القضاء فأنصفهم وكان قراره بالاستجابة وحل تلك الجمعية ، وفي إصرار ديكتاتوري بغيض تم تشكيل الجمعية الجديدة بنفس التوجه إلا قليلاً بإضافة أسماء بعض من قرروا النزول إلى المناطق الرمادية وإن كانوا رسمياً يدعون أنهم يمثلون التيار الرافض ولكنهم انتقلوا فكرياً إلى مرحلة النضج والرشاد والحكمة والوطنية الصحيحة ( من وجهة نظرهم ) وعليه تم ضمهم للاستئناس بمعارضتهم الأليفة الوديعة البديعة ، ولكن كانت لهم بالمرصاد المعارضة النكدية الفاضحة التي تسمسك بما يسمونها حقوق الغلابة في المواطنة على أرضها بعد أن باتوا غرباء بفعل حكم أزمنة العسكر ، والآن بفعل أهل وعشيرة السلطان ، فكان اللجوء مرة أخرى إلى القضاء .. وعندها أعلن أهل الحل والربط أن الكيل قد فاض بهم من هؤلاء الأدعياء اللي ما طمرش فيهم الامتثال لحكم القضاء بتغيير التشكيل وما كانوا له من المجبرين ، وعليه ذهبوا إلى حكمة " لا يفل الحديد إلا الحديد " وإذا كان عندكم قانون فللسلطة قوانينها وأنتم لا تعلمون " الدفاتر دفاترنا " ، فكان الرد أن تستمر الجمعية في عملها على أن ( تكلفت الدستور قبل إصدارالحكم ) ، ودعم الموقف بإصدار " إعلان دستوري " جديد ( كلمة السر) التى ورثوها من حكام الفترة الانتقالية لتظبيط الأمور ، ثم توجيه الأهل والعشيرة للاحتشاد والترهيب أمام تلك المحكمة النمرودة التي لا تعرف غير لغة القانون ، فهي التي أصر رجالها أن يُقسم الرئيس أمامها في دارها وأمام سدنة العدل ، وهي التي أصدرت قرارها بحل مجلس الشعب ، والحكم الأول بحل الجمعية التأسيسية ..
ولأن "الحق أبلج والباطل لجلج" كتوجيهات السيد الرئيس حتى لو كنا نعيش زمن العبث ، فقد جاء رد ممثل سدنة العدالة على من اتهموهم بالبلطجة القضائية من رموز زمن العبث رائعاً وبليغاً وسريعاً وقوياً ولا تنقصه شجاعة أو حكمة .. قال بيان المحكمة الدستورية العليا في واحدة من فقراته " لم يكن صحيحاً ولا صدقاً ـ بل محض افتراء وكذب ـ الزعم بأن حكم مجلس الشعب الذى صدر جاء بالاتفاق مع آخرين لإسقاط مؤسسات الدولة المنتخبة ، بما يؤدى إلى إنهيار الدولة ، وبما مفاده الاشتراك فى مؤامرة لقلب نظام الحكم .ولم يكن صحيحاً ولا صدقاً ، ولا من الأمانة والعدل والإنصاف القول بغير ذلك ، أن المحكمة تنتهك نصوص الدستور وتخالف أحكام القانون فتفصل فى الدعاوى المطروحة عليها بناء على هواها السياسى دون اعتبار للدستور والقانون .ولم يكن صحيحاً ولا صدقاً الادعاء بأن قضاة المحكمة الدستورية يتم اختيارهم من أصحاب التوجهات السياسية المعينة أو الموالين للنظام السابق.
وفي مقطع أخر من البيان وجه حديثه للرئيس " لكن الحزن الحقيقى الذى ألمّ بقضاة هذه المحكمة ، حين انضم السيد رئيس الجمهورية ـ فى مباغتة قاسية ومؤلمة ـ إلى حملة الهجوم المتواصلة على المحكمة الدستورية ، عندما اتهم المحكمة بتسريب أحكامها قبل صدورها فى الجلسة المحددة للنطق بها . وسبق للمحكمة فى بيانها السالف أن ناشدت السيد رئيس الجمهورية أن يوافيها بما اتصل بعلم سيادته عن تفاصيل هذا الاتهام وما توافر من أدلة على ثبوت هذه الجريمة ـ وهو اتهام جد خطير ينبغى أن لا يمر دون حساب ـ حتى تجرى المحكمة شئونها فيه ، إلا أنه ـ للأسف الشديد ـ لم يكن هذا الطلب محل استجابة ، ولم تتلق المحكمة رداً فى هذا الشأن حتى الآن . ومازالت تنتظر.."
في زمن العبث ، كان لمحاصرة القضاء في الفترة الأخيرة أمثلة كثيرة وخطيرة ولكنني هنا أرى الاكتفاء بعبارة جاءت في مذكرة رمز من رموز القضاء الحر المستقل في مذكرة تم نشرها " وقد أُخطرنا انه يتعين علينا حبس 45 متهما من البسطاء ولكننا رفضنا " ، ولا تعليق لدي سوى " لماذا تسألون من يخالف القانون لماذا يخالف،إذا كان هناك ضغط على سدنة العدالة لمخالفته " ، والسؤال الأهم : كيف سيطبق مواد الدستور والحكم وفق بنوده رجال قضاء أعلنوا رفضهم له جهراً له ؟ !!!
وفي زمن العبث تم محاصرة أجهزة الإعلام وصُناعه "سحرة فرعون" ، فهناك حملات شرسة يقودها مكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة وممثليهم في مجلس الشعب عندما كان موجوداً ، بالإضافة ، لواقعة التحرش المادي السافر والمعلن باحتشاد جموع أهل وعشيرة النظام الحاكم أمام مدينة الإنتاج الإعلامي ( بيت الفضائيات ومنتجة برامج التوك شو المسائية الشريرة ) وتوجيه الشتائم وسخائم القول لأروع رموز الفضائيات ، وتجاوز قوانين تنظيم الإضرابات والاعتصامات عملاً ويقيناً ، ووفق ما ذكرت عند التحرش بمؤسسات القضاء فللسلطة قوانينها وأنتم لا تعلمون " الدفاتر دفاترنا " وإلا فلماذا يُسمح للشيخ المحامي دارس القانون أن يوصي رجاله ببناء حمامات على أرض حديقة مدينة الإنتاج الإعلامي والقيام بعمل توصيلات المياه والصرف بكل جرأة ودون إذن الجهات المختصة ، بل وذبح الجمال خارج السلخانة في تشويه للبيئة وإضرار بصحة البشر و إحداث تلوث بصري ؟!! .. ويبقى سؤال : أين رئيس المدينة ومسئول أمنها ، أم أنهم قد سلموا دفاترها لأهل الحكم والحكام ؟!!!!!
الغريب أن الشيخ المحامي الذي يقود الحرب على الإعلام ، هو هو صاحب الوجه الذي احتفت به وبوجوده كل قنوات تلك المدينة ، وهي التي قدمته وعرفت به الجماهير ، لأن الظهور عبر القنوات الدينية فقط لم يكن يمنحه الظهور كسياسي وكمرشح لرئاسة الجمهورية رغم يقين كل تلك القنوات والصحف بعدم أحقيته في التقدم لذلك المنصب الرفيع ، وهو الذي لم يعتذر حتى لرجاله الذين يواصلون الليل بالنهار عملاً بأوامره أنه ماكان صادقاً بدليل حكم المحكمة وفشله وهو محامي في تقديم ما يثبت صدق إدعائه !!
وفي زمن العبث يهاجمون الكنيسة لموقفها الوطني والتاريخي الرافض المشاركة بالتوقيع على الدستور ، عبر إطلاق عبارات غير لائقة من رموز الحزب الحاكم ، وهو أمر غريب ومرفوض ، وإليهم أؤكد أن الكنيسة قد انسحبت لأنها رأت أن دستورهم مرفوض من رجال القانون والإعلام والنقابات والفلاحين والعمال وأهل الإبداع والبحث العلمي ورجال التعليم ، بالإضافة لعدم موافقة الجمعية على ما رأى رموزها في اللجنة التأسيسية أنه ينتقص من حقوقها وحقوق المسيحيين على أرضهم ، لقد طالبت الكنسية بإلغاء مواد تفسير الشريعة والعزل والتعريب والرقابة على الأوقاف والاختصاصات التشريعية للشورى ، فماذا فعلت الكنيسة من جرم يا أهلنا وعشيرتنا ؟!!