مدحت قلادة
في ساعة هدوء وصفاء رن الهاتف فأسرعت اليه فإذ به صديقي الغالي و اخي الذي دائما منذ ان عرفته وانا افتخر به و سألني متي ستاتي فأخبرته نظرا لانشغالي لن استطيع السفر الي مصر إلا في نهاية العام الحالي او بداية العام القادم .
اخي وصديقي هو دكتور عيون و دائما حينما اكون في مصر فأنا ضيف في العيادة لعمل كشف نظارة ، وهو بالطبع كريم من واقع صداقتنا يجري فحص قاع عين و يحدد درجة قوة العين لعمل النظارة المناسبة .
اخي هذا هو بالمصري ابن ناس، وابن أصول خريج مدرسة الفرير و يتقن اللغة الفرنسية والإنجليزية وبالطبع العربية والقبطية بكل تاكيد ، وابن ناس هنا اي تعني طيب دمث الخلق ملتزم دينيا صادق مع الكل امين في تعاملاته ،،، صفات ندرت في مصر منذ اكتساح فيروس الصحوة الدينية التي اصابت المصريين في مقتل .
سالته كيف حالك وكيف حال مصر ؟ فإذ به يحدثني بنبرة حزن في صوته للأسف التعامل في مصر مع البشر اصبح صعب و أسلوب الكلام اختلف فاصبحت قوة الحنجرة مقياس لقوة الانسان وان الكل اصبح يصيح ويعلي صوته بلا داعي!! بل اصاب المصريين فيروس ليس انعدام المناعة با انعدام الادب والاحترام بل التحدث بشكل طبيعي .
انتهت مكالمتي مع اخي وصديقي دكتور العيون الجميل الطيب على امل اللقاء قريبا عند حضوري الي مصر .
واخذت أفكر في مصر قبل وبعد الصحوة الدينية ، بكل اسف هذه الصحوة افقدت المصريين النخوة والانسانية ، مع الصحوة الدينية فقد المصريين الاخلاق و الضمير و الرقي الانساني بل اصبحت الصحوة الفاسدة هي تحركهم كالبوصلة ولكن في اتجاة عكس العرف الأنساني فصارت الكراهية في الله " ولطالما صدعنا الشعراوي قديما والسلفيين حديثا " قائلين انتبه ان مدحك مسيحي فهذا دليل علي ان اعمالك ترضية !!! وهنا الخطر فرضاءه عنك علامة علي عدم رضى الله !!! والشيخ السلفي برهامي الذي لدية على اليوتيوب عظات " عدم حب المسيحيين " ويطالب تعاملهم نعم تودهم لا " فتحول الجميع اتباع امة اقراء الى امه أكرة " ، الصحوة الدينية أفسدت الجميع فصار الدين اداة فرز بين البشر بل حينما تفعل الخير يجب ان تتاكد من ان هذا الشخص مسلم مثلك !!! لئلا ترتكب ذنب و تعمل الخير مع مسيحي ليس من دينك !! و صار شعار المرحلة " صلي الفرض وانقب الارض " فليس عجيب ما دونه كاتبنا العظيم نجيب محفوظ " لا تتعجب ان معظم اللصوص فوق مكاتبهم " هذا من فضل ربي " الصحوة الدينية خاصة ومظاهر التدين الشكلي في هذا العهد السلفي فصار الكل ينافق و صارت الشعارات الدينية على كل لسان و اصبح الكل يتسابق في أعلام الاخر عن دينة من خلال كلمات وليس افعال بل صار الدين ليس بلا ثمر إيجابي بل ثمار سلبية كراهية حقد بغضه انعدام أمانة ، وصار التنكيل بالآخر وكراهيته نتيجة طبيعية للإيمان !!!
الصحوة الدينية فاضت على مصر بفائض ديني شكلي فقط و جففت ينابيع الحب والمرؤة والرحمة ، فاضت في ربوع ارض مصر بتدين شكلي فقط بلا ثمر ، الصحوة الدينية أحيت الشكل الديني فقط وأماتت الفضيلة والأخلاق والضمير .
قلبي مع اخي وصديقي الدكتور الطيب ابن الناس الأصيل الذي تعود علي التعامل مع بشر متحضرين وكان يقابل سابقا واحد بالمائة قليل الادب ولكن بكل اسف تحول الحال واصبح تسعة وتسعين بالمائة ليسوا قليلين الادب بل عديمي الادب والسبب الصحوة الدينية الفاسدة التي أفسدت العقول واماتت الضمير وقتلت الأمانة و ازالت الإنسانية
ترى متي تستيقظ مصر من الصحوة الدينية الفاسدة، متي يعود للمصريين الطيبة والضمير والإنسانية ؟
واخيراً متي يفهم شيوخ المسلمين ان الله محبة وليس كراهية ، واختم بكلمات السيد المسيح له كل مجد ""وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ." (لو 6: 32).