زكى أيمن
في مثل هذا اليوم استشهد القديسون أغاثو وبطرس ويوحنا وأمون وأمونا ورفقة أمهم. وتكشف لنا يا اخوة سيرة القديسة رفقة وأولادها عن اهتمام الأسرة المسيحية بالتمتع بالإكليل السماوي. فلم يكن يشغل قلب هذه الأرملة إلا أن تتمتع مع أولادها الخمس بالأحضان الإلهية، مهما كلفهم الثمن. لذا لم تفقد هذه الأسرة سعادتها وسط الآلام، بل تحولت الأتعاب إلى مصدر فرح جماعي للأسرة وشهادة حية أمام الجماهير لينالوا خبرة هذه الأسرة.
ومن جانب آخر إذ ارتفعت قلوب أعضاء الأسرة إلى السماء أرسل الله ملاكه عدة مرات لكي يسند القلوب المتألمة ويوجهها ويبهجها! فالحياة المقدسة مفرحة للمؤمنين المجاهدين وللسمائيين.
ترمّلت هذه السيدة وكانت أمًا لخمسة أبناء وهم أغاثون وبطرس ويوحنا وآمون وأمونه. وكان موطنهم قامولا مركز قوص بجوار الأقصر محافظة قنا. اهتمت الأم بتربية أولادها في الرب، فالتهبت مشاعرهم بحب الله الفائق.
وإذ أمر الإمبراطور الجاحد دقلديانوس بهدم الكنائس، وحرقه الكتب المقدسة، وتعذيب المسيحيين حتى ينكروا الإيمان، جمعت القديسة رفقة أولادها لتحثهم علي الثبات في الإيمان. ذكَّرتهم بقول الرب: "في العالم سيكون لكم ضيق"، "لا تخافوا من الموت" كما قالت لهم أن أعظم عطية يقدمها الإنسان هي حياته، يقدمها بغير تردد ولا ندم، بل بكل فرحٍ وشجاعةٍ.
ووقفت الأم مع أولادها للصلاة والتوسل إلي الله لكي يرحم كنيسته ويثبت شعبه في الإيمان.
وبينما كانوا يصلون ظهر لهم ملاك الرب، وأعلن لهم أنهم سينالون إكليل الشهادة علي اسم السيد المسيح بشبرا بالقرب من الإسكندرية، وأن أجسادهم ستنقل إلى نقرها بمحافظة البحيرة (وهي جزء من مدينة دمنهور الحالية). وعزاهم الملاك وبشرهم قائلًا: "الرب معكم ويقويكم حتى تكملوا جهادكم، فلا تخافوا الموت، ولا تجزعوا منه، اشهدوا للرب
وإذ تمتعت الأم وأولادها برؤية رئيس الملاك ميخائيل امتلأوا فرحًا. فكانوا يترقبون تمتعهم بإكليل الاستشهاد الذي تهيأوا له كل أيام حياتهم.
فقاموا للوقت ووزعوا مالهم على المحتاجين ثم توجهوا إلى ديونيسيوس القائد والي بلدة قوص.
وإذ طلب الوالي منهم التبخير للأوثان وجحد الإيمان المسيحي صرخوا جميعًا: "نحن مسيحيون، لا نعبد سوى رب السماء والأرض الذي بيده جميع البشر". فحاول القائد إغراءهم بهبات كثيرة، كما هددهم بالموت إن اعترفوا باسم المسيح. لكنهم أعلنوا شوقهم نحو الموت ليلتقوا مع محبوبهم المسيح وجهًا لوجه. وهناك اعترفوا بإيمانهم بثبات، فابتدأ يعذبهم عذابًا شديدًا، مبتدئًا بأمهم التي أثبتت صبرًا واحتمالًا، بل وكانت تشجع أولادها. وهكذا عذَّب الأبناء الخمسة كلهم، وبسبب ثباتهم وما احتملوه من عذاب آمن كثيرون وأعلنوا إيمانهم واستشهدوا.
أما القديسة رفقة وأولادها فوضعهم الوالي في السجن الذي كان محتشدًا بجموعٍ غفيرةٍ من الشعب مع أساقفة وكهنة.
ولما كان الابن الأكبر أغاثون وكان مقدم بلدته ومحبوبًا من مواطنيه، وبسببه هو وأمه واخوته استشهد كثيرون، أشار البعض على القائد بأن يرسلهم إلى أرمانيوس والي الإسكندرية حيث لا يعرفهم أحد هناك. ولما كان أرمانيوس غائبًا في بلدة شبرا، فقد أُرسلوا إلى هناك. وبعد أن عذبهم عذابًا مؤلمًا بخلع أسنانهم، ألقاهم جميعًا في السجن حيث ظهر لهم رئيس الملائكة ميخائيل للمرة الثانية، وشجعهم وشفى أجسادهم. وفي الصباح دُهش الجند وكل جمهور الشعب، إذ لم يروا علامة واحدة من الجراحات على أجسادهم. صرخت الجماهير تُعلن إيمانها بالرب يسوع، فأمر الوالي بذبح الجماهير.
ووضع الوالي القديسة رفقة وأولادها على أسرّة من حديد وأوقد نارًا تحتهم، ولم يُصب أحد منهم بشيء، بل أرسل الله مطرًا بعد ثلاث ساعات أطفأ النيران، واعترف جمهور غفير بالسيد المسيح واستشهدوا.
فلم يتحرك قلب الوالي بل ازداد عنادًا وأمر بتقطيع أعضاء هؤلاء القديسين ووضع خلّ وجير عليهم. فظهر لهم رئيس الملائكة للمرة الثالثة وأنار حولهم وشفاهم. ألقاهم الوالي في السجن مقيّدين بسلاسل فسمعوا صوتًا يقول: "جهادكم قد اقترب، وها أنا أعددت لكم أكاليل الحياة".
وبعد ذلك أمر الوالي بصلبهم منكسي الرؤوس، ثم وضعهم في خلقين (برميل)، فانقلب الخلقين بالزيت المغلي على الجنود المكلفين بتعذيبهم فماتوا. فأمر بقطع رؤوسهم وطرح أجسادهم في البحر.
و أُعلن الله لرجل مسيحي ثري من نقرها من أعمال البحيرة، بواسطة رؤيا أن يحفظ هذه الأجساد، فقدم للجند بعض المال وأخذ الأجساد منهم، وحفظها عنده حتى زال الاضطهاد.
و إذ حلّ الخراب بمدينة نقرها نقل المؤمنون الأجساد إلى مدينة ديبي في كنيسة الشهيد مارمينا، وظلت هناك حتى نُقلت إلى سنباط. وكانت تُسمي سنبموطية أو سنابيط، نسبة إلى حاكمها الروماني سنابيط. ومازالت هذه الأجساد الطاهرة في الكنيسة التي بُنيت على اسمهم ببلدة سنباط مركز زفتى محافظة الغربية.
بركه صلاوتهم المقدسه تكون معنا كلنا امين...
و لالهنا المجد دائما ابديا امين...