د. ممدوح حليم 
حملت هاجر من إبراهيم وذلك بناء على اقتراح زوجته سارة. لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، إذ احتقرت الجارية الحامل سيدتها العقيم، مما جعل الأخيرة تذلها وتهينها ، مما جعل الجارية تهرب من وجه سيدتها. كل هذا وابراهيم الزوج لا حس له ولا خبر. إنها قصة وصراع نسائي شائع في الشرق، لذا حرمت المسيحية والحضارة الإنسانية تعدد الزوجات.
 
 لكن الله كان له موقف آخر، تعال نرى ما قاله نص سفر التكوين في هذه القصة الإنسانية المؤثرة
 
٦ فقال أبرام لساراي: «هوذا جاريتك في يدك. افعلي بها ما يحسن في عينيك». فأذلتها ساراي، فهربت من وجهها. ٧ فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية، على العين التي في طريق شور. ٨ وقال: «يا هاجر جارية ساراي، من أين أتيت؟ وإلى أين تذهبين؟». فقالت: «أنا هاربة من وجه مولاتي ساراي». ٩ فقال لها ملاك الرب: «ارجعي إلى مولاتك واخضعي تحت يديها». ١٠ وقال لها ملاك الرب: «تكثيرا أكثر نسلك فلا يعد من الكثرة». ١١ وقال لها ملاك الرب: «ها أنت حبلى، فتلدين ابنا وتدعين اسمه إسماعيل، لأن الرب قد سمع لمذلتك. ١٢ وإنه يكون إنسانا وحشيا، يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه، وأمام جميع إخوته يسكن». ١٣ فدعت اسم الرب الذي تكلم معها: «أنت إيل رئي». لأنها قالت: «أههنا أيضا رأيت بعد رؤية؟» ١٤ لذلك دعيت البئر «بئر لحي رئي». ها هي بين قادش وبارد. ١٥ فولدت هاجر لأبرام ابنا. ودعا أبرام اسم ابنه الذي ولدته هاجر «إسماعيل». ١٦ كان أبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لأبرام. (التكوين ١٦: ٦-١٦)
 
لقد تخلى ابراهيم عن هاجر ، واذلتها سيدتها، لكن الله كان يعتني بها ، فظهر لها ملاك الرب وطلب منها العودة إلى بيتها حتى يولد مولودها في بيت إبراهيم ويحسب ابنا له. و وعدها أن نسلها سيكون بلا عدد.
 
لقد دعت اسم الرب الذي حدثها بالتعبير العبري : أنت ايل رئي ( عدد ١٣ من النص السابق ) ومعناه أنت الله الذي يراني. كم هي مؤثرة هذه الكلمات، لقد هامت على وجهها في صحراء قاسية، لا تعرف إلى أين ستذهب ، ولا احد يرعاها، لكن الله كان يراها ويرعاها.
 
  قد يحتقر البعض هاجر كونها جارية . لكنها كانت محل رعاية الله ومحبته وتوجيهه.
 
لقد دعت البئر الذي الذي قابلها ملاك الرب عنده في الصحراء ( بالعبرية : بئر لحي رئي) ومعناه بالعربية بئر الحي الذي يراني. لقد كانت هاجر شديدة الإيمان أن الله يراها ويرعاها وينظر إليها، رغم قسوة الموقف.
 
عزيزي القارئ
الله يرعاك ويهتم بك ويراك حتى لو كانت مكانتك الاجتماعية والأسرية محدودة.... مثل هاجر.