بقلم: أندرو أشعياء
حين كنت صبي كانت أمي تُحيطني ببعض التحذيرات حين تُرسلني لقضاء بعض «المتطلبات اليومية والمصالح المنزلية» قائله بنبرة تحمل في طياتها مزيج مِن الحزم والشفقة: «خُد بالك مِن نفسك.. إمشي جنب الحيط» أدركت وقتها أن الحائط هو صمام الأمان في رحلتي حتى عودتي مِن مخاطر زحام الشارع؛ إذ بجانب الحائط أتجنب مخاطر العربات والكهرباء المُعلقة أسلاكها أعلى وسط الشارع. كنت أُفكر أن الحائط هو ما يرتكز عليه البيت «القديم» ويحمي البنيان مِن الإنهيار، وأيضًا يستر الناس مِن فراغ الشارع، ويحميني انا شخصيًا من عشوائية الحركة فيه. وهكذا كان تحذير أمي فكرة لمعنى الأمان أن بجانب الأسوار العالية يكمن الأمان، ولكن لفترة وجيزة حتى كبرتُ وعرفت أن أحدهم انتقل بسبب سقوط الحائط عليه اثناء عملية بناء! وآخر صعقته الكهرباء إذ كان يلمس الحائط! .. يلمس الحائط؟! نعم، وقتئذ فهمت أنه إن لمس حافٍ سلك كهرباء عاري وكان يلمس الحائط، بهذا تكتمل الدائرة الكهربائية ويصيبه سريعًا التيار. وبدأت أخاف مِن مصدر الأمان في صبوتي: الحائط. لقد خفت حين فهمت، أو بالأحرى وللدقة صرت أكثر حرصًا حين فهمت. أدركت للوقت أن الأمان يكمن في التخلي عما هو في مُخيلتي أمان. ووثقت أن الأمان هو الفهم، وتذكرت أن «الفاهمون يضيئون» بالفعل يضيئون لأنهم في أمان..
الأمان هو رحلة متدرجة مِن الفهم إذ كلما نفهم، كلما أدركنا الأمان. وكلما أضاء الفهم في داخلنا، كلما نثرَ نحو الناس أشعة الأمان. والصلاة هي شراع سفينة الفهم والاعتراف هو صيانة وصون لكل فهم. «اقْتَنِ الْفَهْمَ.» (أمثال٤: ٥)
كمثال: في دانيال5: 27 : תְּקֵ֑ל תְּקִ֥ילְתָּה בְמֹֽאזַנְיָ֖א וְהִשְׁתְּכַ֥חַתְּ (חַסִּֽיר) تَقَيْلُ، وُزِنْتَ بِالْمَوَازِينِ فَوُجِدْتَ (نَاقِصًا).
كلمة חַסִּֽיר تأتي بمعنى راغب، وترادفت في الترجمة مع كلمة ناقص. وكأن: مَن وجِدَ راغبًا كان ناقصًا. والرغبة هنا تعني اشتراك وانشغال القلب بمحبة او اهتمام اخر. أي: كلما تحرر الإنسان وتخلى كلما تتدرج في مرحلة الكمال النسبي. ومعظم الترجمات الإنجليزية (وبالأخص NKJV, NIV, ESV,ASV, JPS Tanakh1917) وضحت هذا:
You have been weighed in the balances, and found wanting
في حين ترجمة (Peshitta - Aramaic Bible in Plain English) استفاضت بوصفه ضعيف مفتقر (Lacking) وترجمة (GODS WORD® Translation) بوصفه خفيف لا صقل له ولا تمييز (To be Too Light). تقيل، وُزِنْتَ بالموازين فوُجِدْتَ ناقصًا خفيفًا ضعيفًا مُفتقرًا لا صقل لك ولا تمييز لأنك وُجِدْتَ راغبًا تمتلكك رغبة!