( 1924- 1999 )
إعداد / ماجد كامل
يمثل المستشار الدكتور وليم سليمان قلادة ( 1924- 1999 ) قيمة كبيرة في دراسات المواطنة في مصر ؛ كما كان رائدا في قضية الحوار بين الاديان . أما عن وليم سليمان قلادة نفسه ؛ فلقد ولد في 14 مارس 1924 بمدينة فوة محافظة كفر الشيخ ؛ وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي حصل علي ليسانس الحقوق جامعة فؤاد الأول ( القاهرة حاليا ) عام 1944 ؛ ثم حصل علي درجة الدكتوراة في القانون من جامعة القاهرة ؛ وكان موضوع الرسالة هو " التعبير عن الإرادة في القانون الدولي .... دراسة مقارنة " وبعد المناقشة والمداولة قررت لجنة الامتحان منحه درجة الدكتوراة في القانون بدرجة " جيد جدا " مع التوصية ببتبادل الرسالة مع الجامعات الأخري .
ثم عمل في الشئون القانونية بوزارة الدفاع ؛ وترقي في السلم الإداري حتي أصبح رئيسا لقسم التشريع بالإدارة القانونية بوزارة الحربية ؛ وعمل بعدها بمجلس الدولة عندما أعيد تشكيل المجلس عام 1955 . ولقد أستمر في عمله بمجلس الدولة حتي بلوغه سن التقاعد عام 1984 . ولقد شارك أثناء عمله في مجلس الدولة في عضوية العديد من اللجان نذكر منها :-
1-أشترك عام 1979 في عضوية اللجنة المركزية لبحث شئون التعاقد بين حكومة السودان والشركة الفرنسية التي قامت بتنفيذ مشروع قناة "جونجلي " بجنوب السودان .
2-عمل مستشارا قانونيا للهيئة العامة لمشروعات الصرف E P A D P خلال الفترة من ( 1973- 1984 )
3- كان العضو القانوني الممثل للمجلس الدولة في لجان البت في المناقصات المحلية والعالمية التي تمت بالتعاون مع البنك الدولي والولايات المتحدة وغيرهما .
4-شارك في الإعداد لمشروع القانون الذي قدمته وزارة الأشغال العامة والموارد المائية بشأن اتحادات مستخدمي مياه الري في الفترة من ( 1991- 1994 )
5-قام بالإعداد الجزء القانوني بمشروع إدارة المياه بمحافظة الفيوم الذي تم بالتعاون مع الحكومة الهولندي خلال عامي 1994 ؛ 1995 .
ولقد أستمر في العمل والأنتاج الفكري حتي توفي يوم 9 سبتمبر 1999 عن عمر يناهز 75 عاما .
أما عن الأنتاج العلمي والفكري للمفكر الكبير ؛ نذكر منه في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :-
1-الحوار بين الاديان ؛ وقد صدر عام 1976 .
2-الكنيسة المصرية تواجه الاستعمار والصهيونية ؛ وقد صدر عام 1978 .
3-مصر في طقوس كنيستها ؛ وقد صدر عام 1989 .
4-مدرسة حب الوطن ؛ وقد صدر عام 1993 .
5-مبدأ المواطنة ؛ وقد صدر عام 1999 .
6-دراسة وتحقيق كتاب " الدسقولية " أو "تعاليم الرسل " وقد صدر عام 1979 .
7-المسيح في بيته ؛ وقد صدر عام 1982 .
8-المسيحية والإسلام علي أرض مصر ؛ وقد صدر عام 1993 .
7- شارك في الكتابة في العديد من الدوريات المختلفة نذكر منها ( الأهرام – الطليعة – الهلال – مجلة إبداع – مجلة اليسار ..... الخ ) .
وحول فكر وليم سليمان قلادة في قضية المواطنة ؛ كتب سمير مرقس في مقال له بعنوان " وليم سليمان قلادة ... أيقونة المواطنىة الحية " أن قلادة رصد سبعة مقومات للكيان المصري تجسد الشخصية المصرية هي :-
1-الجغرافيا أو الأرض .
2-البشر أو المصريون علي اختلاف دينهم .
3-المشروع المصري .
4-الدولة .
5-الحضارة المصرية في صورتها المركبة التي تعكس تراكم مكوناتها المختلفة عبر التاريخ .
6-التعددية الدينية .
7-التاريخ أو المسار الذي أستوعب المقومات الستة السابقة .
وفي كتاب بالغ الأهمية بعنوان " مبدأ المواطنة " صدر عن المركز القبطي للدراسات الأجتماعية ؛ كتب الدكتور وليم فصلا بعنوان " نحو برنامج شامل لتطبيق مبدأ المواطنة " حيث قام بتحديد ملامح البرنامج في النقاط التالية :-
1-ثمة نقص خطير في مناهج التعليم ؛ وهو غياب المرحلة القبطية .... وتمثل المرحلة القبطية واسطة الوصل بين هذه المراحل ( مرحلة مصر القديمة – المرحلة القبطية – المرحلة الإسلامية ) .
2- لوسائل الإعلام المختلفة- وأيضا لوزارة الثقافة - دور كبير ومؤثر في تحقيق ثقافة المواطنة من خلال المقالات والبرامج المتنوعة التي تؤكد علي أهمية الوحدة الوطنية .
3-دخول مفهوم المواطنة مادة أساسية في جميع برامج إعداد القادة والمديرين .
4-يجب علي الأحزاب السياسية بجميع تياراتها إعداد كوادر من جميع مكونات الأمة لتشارك في قبادة العمل الوطني في مختلف المجالات .
5-عن بناء الكنائس ؛ يجب ضبط القواعد المنظمة لبناء الكنائس بعيدا عن الخط الهمايوني الذي صدر في عصر الدولة العثمانية والذي كان له ظروف خاصة .
6-ثمة حاجة إلي إبداع سياسي معاصر يواصل ما كانت تقوم به الحركة السياسية في مصر ؛ منها علي سبيل المثال ما اقترحه عبد العزيز فهمي أن يكتب الشاعر أحمد شوقي قطعة شعرية رفيعة المستوي تصلح أن يرددها الجميع ؛ وأن تتضمنها مناهج النصوص في المدارس ( راجع نص القصيدة بالكامل وبقية بنود البرنامج في المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات من 201- 210 ) .
ومن القضايا الهامة الهامة أيضا التي أهتم بها دكتور وليم قضية " الحوار بين الأديان " ولقد وضع سيادته مجموعة من المفاهيم التي ترسخ لهذا الحوار نذكر منها :-
1-إيمان بقيمة الإنسان ؛ فهو صورة الله وخليفته .
2-قبول المجتمع المصري لتعايش المطلقات ؛ فالمرجع هو التفكير العقلاني المشترك ؛ فالدين لله والوطن للجميع .
3-ثقة في قدرة العقل الإنساني علي فهم الواقع والسيطرة عليه ؛ ومقومات الحوار كما آمن بها سيادته هي :-
أولا :- التعددية .
ثانيا :- النظرة والتعايش المشترك .
ثالثا :- تحليل الواقع واعتبار أن المواطنة هي محور الانتماء .
ولقد آمن الدكتور وليم أن الكنيسة صلوات الكنيسة القبطية تعلمنا حب الوطن سواء في كتابها المقدس أو صلواتها الطقسية ؛ ولقد كتب كتابا بالغ الأهمية بعنوان " مدرسة حب الوطن " جاء فيه " فمن الكتاب المقدس يتعلم الطفل من سفر التكوين وصف الارض الخصبة انها كجنة الرب كأرض مصر (تك13 :10 ) ومن سفر اشعياء يدرس الطفل ويتعلم قول الرب "مبارك شعبي مصر" (اش19 :25 ) ؛ اما الطقوس والصلوات الكنسية فان الكاهن يصلي من اجل الارض والزروع والعشب ونبات الحقل فيقول (اصعد المياه كمقدارها كنعمتك فرح وجه الارض ليرو حرثها ؛لتكثر اثمارها اعدها للزرع والحصاد ودبر حياتنا كما يليق ) ولا تنسي الكنيسة ابدا الفقراء والمحتاجين في صلواتها فيصلي الاب الكاهن في كل قداس ويقول (بارك اكليل السنة بصلاحك من اجل فقراء شعبك من اجل الارملة واليتيم والغريب والضيف ومن اجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب اسمك القدوس لان اعين الكل تترجاك لانك انت الذي تعطيهم طعامهم في حين حسن اصنع معنا حسب صلاحك يا معطيا طعاما لكل ذي جسد املأ قلوبنا فرحا ونعيما لكي نحن ايضا اذ يكون لنا الكفاف في كل حين نزداد في كل عمل صالح). وتستمر الكنيسة القبطية في غرس عقيدة الانتماء للارض ففي ثلاث مناسبات تصلي الكنيسة صلاة "اللقان" من اجل تقديس المياه . المناسبة الاولي في عيد الغطاس حين اعتمد السيد المسيح له المجد في نهر الاردن . والمناسبة الثانية في خميس العهد حين غسل السيد المسيح ارجل تلاميذه . اما المناسبة الثالثة والاخيرة فهي في عيد الاباء الرسل في12 يوليو من كل عام ؛ وفي هذه المناسبات الثلاث يوضع مياه اللقان مملؤا بمياه النيل وسط الكنيسة وتصلي الكنيسة من اجل بركة مياه النيل في هذه الاعياد الثلاثة . وفي طقس البصخة واثناء اسبوع الالام تذكر الكنيسة مصر وشعبها ضمن اهتماماتها الرئيسية اثناء الصلوات فتصلي من اجل نهر النيل ومن اجل الارض ومن اجل المساكين والفلاحين والضعفاء وعن كل نفس لها تعب من نوع ... الخ ؛ كما رتبت الكنيسة عيد دخول السيد المسيح الي ارض مصر يوم 24 بشنس الموافق 1 يونيو من كل عام وفيه ترتل الكنيسة (افرحي وتهللي يامصر وكل بنيها وكل تخومها لانه قد اتي اليك محب البشر) فالقبطي حين يسير علي ارض مصر انما يسير علي خطي السيد المسيح نفسه فمصر هي البلد الوحيد في العالم خارج ارض فلسطين التي سار السيد المسيح علي ارضها .
والجدير بالذكر أن الدكتور وليم سليمان قلادة كانت تربطه علاقة خاصة جدا بمجلة مدارس الأحد ؛ فلقد كان من ضمن الرعيل الأول من كتاب المجلة ؛ كما عمل رئيسا تحرير للمجلة خلال الفترة من ( 1954 – 1959 ) بعد رهبنة نظير جيد ( قداسة البابا شنودة الثالث نيح الله نفسه والذي ترهبن في 18 يونية 1954 ) ومن خلال المتاح لي من الأعداد الموجودة للمجلة يمكن ذكر بعض من هذه المقالات علي سبيل العينة لا الحصر .
1- قصة العدد :-حيث تكون المحبة ؛ ؛ يوليو 1947 .
2-رسالة دكتوارة :- قصة العدد :- لقاء ؛ أغسطس 1947 .
2- هيئة الأمم المتحدة :- أكتوبر 1947 .
3- الأدب القبطي :- فبراير 1948 .
4- من تاريخ المجلس الملي :- ديسمبر 1948 .
5- هذه هي المسيحية :- يوليو 1949 .
6- من الغريزة إلي المشكلة :- أغسطس 1949 .
7- عشرون سنة اخري أخري من تاريخ المجلس الملي :- سبتمبر 1949 .
8- في الدراسات القبطية :- أكتوبر 1949 .
9- يوسف الشاب الناجح :- نوفمبر 1949 .
10- فيما بعد منتصف الليل – يناير 1950 .
11- مكان الأب في الأسرة – يناير 1951 .
12- مكان الأب في الأسرة الحلقة الثانية – فبراير 1951 .
الفترة التي شغل فيها منصب رئيس التحرير :-
1--مشروع قانون كنسي بتنظيم المحاكم الكنسية ؛ يناير 1955 .
2-بين المجلة والقراء ؛ فبراير 1955 .
3-مذكرات دروس مدارس الاحد ؛ مدارس الأحد في الميدان ؛ مارس 1955 .
4- العشور ؛ أبريل 1955 .
5- القمص متي المسكين ؛ يونية 1955 .
6-حديث مع الدكتور وهيب عطا الله ؛نوفمبر وديسمبر 1955 .
7-القداسات ؛ يناير 1956 .
8-بركات العشور في العهد القديم ؛ فبراير 1956 .
9- البيت المسيحي كنيسة ؛ مارس وأبريل 1956 .
10-إلي بيت لحم ؛ ديسمبر 1956 .
بعض الذكريات الشخصية مع كاتب هذه السطور :-
أتيحت لي فرصة التعرف علي الدكتور وليم سليمان قلادة خلال عام 1994 تقريبا عن طريق الكورسات المتخصصة في أسقفية الشباب ( كورس التنمية الثقافية أساسا ) حيث كان مشاركا أساسيا في الكثير من المحاضرات ؛ كما كان يحضر بصفة شخصية الكثير من الندوات كمستمع ومناقش ؛ ومع تأسيس المركز القبطي للدراسات الإجتماعية في عام 1994 ؛ عمل الدكتور وليم استشاريا بالمركز في وحدة المواطنة ؛ وكان لي بركة الخدمة في المركز من خلال المكتبة وإعداد الندوات وتجهيز ملفات المحاضرات ؛ وعندما قام الدكتور وليم بكتابة كتابه عن المواطنة ؛ كلفني بالبحث والتنقيب في بطون الدوريات عن صورة نادرة لويصا واصف وهو واقف أمام البرلمان لتحطيم السلاسل ؛ وبعد طول بحث وتنقيب تم العثور علي الصورة المطلوبة في مجلة اللطائف المصورة عدد يوم الأثنين 30 يونية 1930 ؛ العدد 803 – السنة السادسة عشر ؛ فقام بوضعها الغلاف الرئيسي للكتاب ؛ ونظرا لقرب منزلي من منزله نسبيا ؛ كنت كثير التردد علي بيته في ميدان المحكمة للاستماع الي علمه وفكره ؛ وكان يرحب بنا ويهدينا الكثير من كتبه وأيضا بعض الكتب المناسبة التي ينصحنا بقراءتها .
بعض مصادر ومراجع المقالة :-
1-مينا بديع عبد الملك :- د وليم سليمان قلادة ... رائد المواطنة في مصر ؛ جريدة الدستور ؛ 2 أكتوبر 2018 .
2- سمير مرقس :- تسعينية وليم سليمان قلادة ؛ جريدة الأهرام ؛ 24 مارس 2021 .
3-جورج أسحق :- وليم سليمان قلادة .... ومدرسة حب الوطن ؛جريدة المصري اليوم ؛ 18 نوفمبر 2020 .
4-وليم سليمان قلادة :- مبدأ المواطنة ؛ دراسات ومقالات ؛ المركز القبطي للدراسات الإجتماعية ؛ سلسلة المواطنة رقم 3 ؛مايو 1999 ؛ الصفحات من 201- 210 ) .
5-شكر خاص للأخوين الحبيبين الدكتور عادل شكري مدير بيت مدارس الأحد والأستاذ أسحق الباجوشي عضو لجنة التاريخ الكنسي لتفضلهما بإمدادي بقوائم مقالات الدكتور وليم سليمان قلادة بمجلة مدارس الأحد .
6-بعض الذكريات الشخصية مع كاتب هذه السطور .