نادر شكري
تعود العلاقة بين الأرمن والمصريين إلى عمق التاريخ و كان للأرمن مساهمة كبيرة نحو تطوير الاقتصاد والثقافة والعلوم في مصر، وذلك بحسب كتاب: "الأرمن في مصر: مساهمة من الأرمن إلى القرون الوسطى والحديثة" لسونيا زيتليان والذي نشرت السفارة الأرمنية في القاهرة مقتطفات منه.

الطريق لمصر
شهد القرن التاسع عشر بداية نزوح موجات أرمينية إلى مصر، فشكلوا جالية كبيرة وارتبط هذا النزوح بشخص محمد علي وظروف حكمه حيث سمح لهم بالعمل بالحرملك كمترجمين واطباء، وأدار الأرمن الثروات الخاصة لاسرة العلوية.

وكانت مصر في القرن التاسع عشر وبداية العشرين مقصدا للمبدعين والتجار والأقليات العرقية والدينية بسبب تمتعها بحكم مستقل عن سيطرة الباب العالي في اسطنبول. وكانت مصر خلال عهد محمد علي باشا تشهد تطورا كبيرا واستقرارا أمنيا جعلها واحة لاستقرار عدد كبير من المبدعين والباحثين.
ويعتبر قتل الآلاف من الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى علامة فارقة في تاريخ الجالية الأرمنية في مصر التي تلقت أعدادا كبيرة من اللاجئين فزادت أعدادهم في مصر حتى وصلت ذروتها في ما يظهره إحصاء 1927 من أن عددهم كان نحو 17 ألفا يتركز أغلبهم في القاهرة و الإسكندرية.

كانت البداية للهجرة الكبيرة لمصر مع بدء الإبادة الأرمينية، وتعرف أيضًا باسم المحرقة الأرمنية والمذبحة الأرمنية أو الجريمة الكبرى، تشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل حكومة تركيا في الدولة العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل والترحيل القسري والتي كانت عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين. ويقدّر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن بين مليون إلى 1.5 مليون شخص معظمهم من المواطنين بالدولة العثمانية

•  بداية العمل وأنشاء المدارس
وتم إنشاء أول مدرسة أرمنية في مصر عام 1818وهي مدرسة يغيازاريان الدينية في منطقة بين السورين و نقلت عام 1854 إلى درب الجنينة و تغير اسمها إلى خورنيان على اسم المؤرخ الأرمنى موفسيس خوريناتسى.

و في عام 1904 نقل رجل الأعمال بوغوس نوبار المدرسة إلى بولاق، وفى 1907 أسس مدرسة كالوسديان فارجان الأرمنية التى ضمت أيضا روضة أطفال في شارع الجلاء فى وسط القاهرة.
 
وأسس بوغوس يوسفيان ثانى المدارس الأرمنية فى مصر فى 1890 في الإسكندرية، وساهم الأرمن فى مصر فى تطوير العديد من الصناعات بما في ذلك بناء السفن وصناعة النسيج والتبغ.

وبحسب الكتاب فإنه من بين أبرز الأسماء الأرمنية في مصر خلال الفترة من العصر العباسي في القرن السابع إلى العصر العثماني في أوائل القرن التاسع عشر كل من الأمير علي بن يحيى أبو الحسن أرماني حاكم مصر بين عامي 841 و849، والذي عين من قبل الخليفة العباسي، وبدر الدين الجمالي وهو مملوك من أصل أرمني استعان به الخليفة المستنصر الفاطمي في 1073 لمساعدته عندما ضعفت مصر بسبب الفتنة الداخلية و المجاعة والجفاف، وسنان باشا وهو المهندس المعماري للإمبراطورية العثمانية الذي قام ببناء المسجد التاريخي في بولاق، وسوق القاهرة للحبوب ، وحمام بولاق العام.

وصدرت أول صحيفة أرمنية في مصر في عام 1865 وتدعى أرمافيني. وتبعها العديد من الصحف ليصل مجموعهم إلى 140.

صحيفتان يوميتان: "هوسابير" التي تأسست في عام 1913 و "عارف" وتأسست في عام 1915. وأيضاً هناك صحيفة أسبوعية تدعى "تشاهاجير" تأسست في عام 1948، و ملحقاً شهريا من "عارف" باللغة العربية، و ملحق فصلي موسيقي من "تشاهاجير" تسمى "دزيدزيرناج"والأرمن المصريون إما أرثوذوكس أو كاثوليك.

ومن أشهر الشخصيات الأرمنية المصرية نوبار باشا وهو أول رئيس وزراء مصري ورسام الكاريكاتير صاروخان والفنانات فيروز ولبلبة وميمي جمال ونيللي وأنوشكا.