القمص اثناسيوس فهمي جورج
بحثًا عن الخروف الضال الذﻱ خرج من الحظيرة ولم يعُد، خرج الراعي فى إثره حتى وجده ، ومن فرحته به ؛ حمله على كتفه ليهوِّن عليه وُعُورة الطريق. وجد خروفه وأوصى كنيسته لتفتش على كل ضال، و تبحث عن درهمها المفقود ؛ بكَدٍّ فى كل الأرجاء . فتكنس باجتهاد كي تعثر عليه ؛ لأن الراعي العظيم بنفسه أتى ليدنو من الخطاة وليجلسهم كي ياكلوا معه ، حتى يجدوا أنفسهم الضائعة فيه، ويجدوا ضميرهم المعذَّب ونفوسهم المنقسمة عنده. انه جاء ليبحث عن البشرية المطرودة والمشتتة، وعنده وحده مفتاح الحياة. يسعى فوق التلال والوديان وينادﻱ حتى بُحَّ صوته؛ ليرجع الجميع ويضمهم إليه. وقد أمر الرعاة كى يصونوا رعيته؛ لأنه سيسألهم عَمَّن خرج وضلّ. وماذا صنعوا من أجله؟!
إن خلاص المسيح مقدَّم للجميع : للسِّكِّيرين والمقامِرين واللصوص، ولمدمني المخدرات والساقطين والفجار. خلاصه لكل الناس، خلاص للّاهين وللثائرين ضده. لذا صار خلاصه صفقة وتجارة رابحة لمن يقبل ويتجاوب ويعود ويقوم ويتوب ويرجع ويجاهد قانونيا حسب الوصية
خلاصه مقدم منذ الآن فينا ؛ ويبدأ من هنا بكل معطياته ، لكل من يلقي عنه انسانه العتيق و قناعاته الذاتية ؛ ويعيش معه عن حقيقة ويقين لا عن تمثيل ولاعن تردد ، سالكًا فى حق المسيح ونوره وإنجيله وحريته وحياته؛ كقاعدة فكر وعمل وسلوك. فليس مكتوم κεκαλυμμενον الا ويكشف αποκαλυφθησεται .
الله من جهته يحفظ الاتفاق ؛ بأنه إنْ اعترفنا بخطايانا؛ فهو أمين وعادل أن يغفرها لنا .. هو صادق وأمين فى مواعيده؛ ولا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا. يحبنا أولاً وفضلاً؛ ولن ينكر نفسه ، ففي خلاصه يدِرُّ علينا خيرًا وربحًا وفيرًا، نورد له بؤسنا يعطينا فرحًا. نورد له حزننا يورد لنا مجدًا ورجاءً. نورد له ضعفًا وفشلاً وهو يمنحنا قوة ونجاحًا. نورد له فقرًا يعطينا غنًى ورخاءً. نورد له أنانية وفسادًا وهو يهبنا بهجة خلاصه ، لنكون سراجا علي منارة λύχνος επι την λυχνιαν ، إنها صفقة خلاص رابحة ؛ ننالها كلما نطلب ونسال ونقرع ؛ فنجد ونعطي ويفتح لنا .
هذه الصفقة تتطلب توبة ورجوع ؛ تتطلب يقظة لضرورة موضوعة وخدمة رعاية وتفتيش، حتى يرجع كل بعيد إلى راعي نفوسنا وأسقفها ومدبرها الذي ترك لنا مثالا υπογραμμον لنسلكه ونقتفي خطواته . وهو الذي بقدرته يرعاهم وبذراعه يجمعهم ، وفى حضنه يحملهم ويقودهم إلى مراعيه الدسمة، لأنها هى غنم مجده وحده ؛ وهو الذي يربضها ساعيًا وراء الضال؛ ليسترده ويجبر الكسير ويعصِب الجريح؛ والذي يحفظ السمين؛ ويهدينا جميعًا بسلام وعدل؛ كراعٍ خالد ، بلا خطية Χωρις αμαρτίας لا يُعوِز كنيسته شيء. يُشبعنا من خيره وبره ويُربضنا فى خضرته ويوردنا ماء راحته، ويردّنا ويهدينا بمعونته وسندته لنستريح، مسنودين على خيره ورحمته التي تدركنا كل أيام الحياة. كل راعٍ مسئول عن الداخل والخارج، وإنْ لزم الأمر فهو يترك ال٩٩ ويجرﻱ وراء الضال حتى يصبح القطيع ١٠٠٪ . فالجرﻱ وراء الضال أصعب من خدمة التسعة والتسعين، ويحتاج إلى تعب و سرعة وشجاعة وإقدام وروح أبوﻱ صادق. لذلك رعاية الكنيسة تستمد طاقتها وتستكمل في وظيفة الراعي الأعظم، لأن كل رعاية لاهوتية صحيحة هى أرفع وظيفة لارتباطها بالعمل الإلهي وبانجيل الملكوت ευαγγέλιον της βασιλείας .
فلنفكر فى الخراف الأُخَر ، ونسعى ليأتوا إلى الوليمة الكبيرة (لو ٤ : ٢٣) سامعين لصوت المسيح راعينا يدعوهم أن يجتمعوا فى بيته، لكنهم كيف سيسمعون صوته؟! "نحن صوت المسيح" فلنجعله مسموعًا خارج كنائسنا في كل مكان ولكل إنسان وفي أﻱ وقت وفي كل عالم الله المتسع؛ من دون انحصارية او ذاتية أو اقتصارية. كي ”يؤتى بهم“ (لا ١٤ : ٢). نخرج إليهم لنُحضرهم كما جيء بالمفلوج. نخرج إليهم خارج المحلة؛ لأن مسيحنا يذهب دائمًا لمن لا يقدر أن يدخل المحلة بعدُ من نفسه.
دعوة المسيحي هي دعوة حرية؛ ليست فريضة صَمَّاء أو قوانين أصمّ، لكنها دعوة إلهية تؤازرها إرادة إلهية، لتصبح واقعًا فى صميم الحرية الروحية التي تفتش وتسعى، من غير شروط أو قيود على كل نفس، لتلمس مجد ونور وجلال وبهاء الراعي عند استعلانه للعيون المستحقة، بحضرته الحانية التي تخطف العيون والعقول، في زماننا الحاضر ومقاربته على الانتهاء، عند أزمنة الارتداد (١تى ٤ : ١)، وانتشار الأرواح المُضِلَّة وتعاليم الشيطان والنبوات الكاذبة بنارها التي لاتطفأ ασβεστω .
الضرورة موضوعة على الكنيسة (نحن) كي نزيد اجتماعات وأوقات الصلاة، من أجل هذا العالم الموضوع فى الشرير ، والذي يغتر بمشورة الحية القديمة القتالة للناس منذ البدء Ο ανθρωπολόγος όφις ، صلاة من أجل أعداء صليب المسيح والذين يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهِّرونه. اجتماعات صلاة من أجل هِداية الذين يقتلوننا ويحرقوننا ويسلُبونا ويضطهدوننا ؛ ويزدرون بنا وبمسيحنا في كل البقاع ، بينما تسهر الكنيسة باستعداد الباروسيا παρουσια لمجيء ابن الانسان .
انها دعوة للصلاة من أجل إعداد جيش الخلاص وخدام كرازة الكلمة والمحبة العملية ، صلاة من اجل التعليم السليم وعدم قيام الشِّيَع والزيف ψευδος وملاقاة الهراطقة الذين يمزقون ويفرقون جسد المسيح. صلاة من أجل البعيدين والذين رفضوا الحق الإلهي ومالوا إلى طريقهم . صلاة من أجل الديانات المزيفة وعُبَّاد الأوثان والنفوس الشاردة التى بلا إله فى هذا العالم، حتى ينفجر نور النهار ويطلع كوكب الصبح فى قلوبهم؛ وتُستعلن لهم ذراع الرب ( قوة η δύναμις وغني το πλούτος وبركة η ευλογια وملء το πλήρωμα المسيح του Χριστού ) . نصلي من أجل العهد والوعد والاستمساك بالنبوات وتفسيراتها فى ثباتنا وأصالتنا وسيرتنا التي فى السموات.