محرر الأقباط متحدون
توجه البابا فرنسيس عند الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت إندونيسيا إلى مسجد الاستقلال في جاكارتا حيث كان في استقباله الإمام الأكبر نصر الدين عمر، وزار الحبر الأعظم ما يُعرف بـ"نفق الصداقة" الذي يربط بين المسجد والكاتدرائية الموجودة في الجهة المقابلة. بعدها توجه فرنسيس برفقة الإمام إلى الخيمة الكبيرة حيث شارك البابا بلقاء بين الأديان.
خلال زيارته "نفق الصداقة" ألقى فرنسيس كلمة قال فيها إن النفق يهدف إلى أن يكون مكانا للحوار واللقاء. وأضاف الحبر الأعظم: إن فكرنا في نفق، فإننا نتخيل بسهولة طريقا مظلما يمكن أن يخيفنا، خاصة إن كنا وحدنا. لكن أود أن أقول لكم إنكم أنتم النور الذي يضيئه، بصداقتكم، وبالانسجام الذي تعملون على تنميته، وبدعمكم بعضكم بعضا، وبالسير معا الذي يقودكم، في نهاية الطريق، نحو النور الكامل.
تابع البابا قائلا: نحن المؤمنين، الذين ننتمي إلى تقاليد دينية مختلفة، لدينا دور نقوم به: أن نساعد الجميع على عبور النفق بنظر موجه نحو النور. وهكذا، في نهاية الطريق، يمكننا أن نكتشف، في كل من سار إلى جانبنا، أخا وأختا، يمكننا أن نتقاسم معه الحياة ونسند بعضنا بعضا. وأمام علامات التهديد العديدة والأزمنة المظلمة، لنعارض ذلك بعلامة الأخوة التي تستقبل الآخر، وتحترم هويته، وتحمله على الانضمام إلى مسيرة مشتركة، مبنية على الصداقة، وتقود إلى النور.
هذا ثم قال الحبر الأعظم: شكرا لجميع الذين يعملون وهم مقتنعون بأنه يمكننا أن نعيش في انسجام وسلام، مدركين حاجتنا إلى عالم أكثر أخوة. آمل أن تتمكن جماعاتنا من تحقيق مزيد من الانفتاح على الحوار بين الأديان، وأن تكون رمزا للعيش السلمي معا الذي يميز إندونيسيا. ختم البابا كلمته قائلا: أرفع صلاتي إلى الله، خالق الجميع، كي يبارك كل الذين يمرون عبر هذا النفق بروح الصداقة والانسجام والأخوة.
بعد زيارة "نفق الصداقة" وقبل بداية اللقاء ما بين الأديان وقع الحبر الأعظم والإمام الأكبر نصر الدين عمر على إعلان مشترك تحت عنوان "تعزيز التناغم الديني من أجل خير البشرية". جاء في الوثيقة: كما يتضح من أحداث العقود الماضية، من الواضح أن عالمنا يواجه أزمتين خطيرتين: التجريد من الإنسانية والتغير المناخي. وتتسم الظاهرة العالمية، ظاهرة التجريد من الإنسانية قبل كل شيء بانتشار العنف والصراعات على نطاق واسع، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وما يبعث على القلق بشكل خاص أن الدين غالباً ما يستخدم كأداة لهذا الغرض، مسبباً معاناة للكثيرين، لاسيما النساء والأطفال والمسنين. غير أن دور الدين ينبغي أن يشمل تعزيز وحماية كرامة كل حياة بشرية.
تابع الإعلان المشترك: لقد ساهمت إساءة استخدام الإنسان للخليقة، التي هي بيتنا المشترك، في تغير المناخ، ما أدى إلى عواقب مدمرة مثل الكوارث الطبيعية والاحتباس الحراري والظروف الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها. لقد أصبحت الأزمة البيئية الراهنة عقبة أمام التعايش المتناغم بين الشعوب. تجاوباً مع هذه الأزمة المزدوجة، مسترشدين بتعاليمنا الدينية ومقرّين بمساهمة المبدأ الفلسفي الإندونيسي "Pancasila" ، نطالب، مع المسؤولين الدينيين الآخرين الحاضرين هنا، بما يلي:
أولا، ينبغي أن تُعزز القيم التي تتقاسمها تقاليدنا الدينية تعزيزا فعالا لدحر ثقافة العنف واللامبالاة التي يعاني منها عالمنا. لا بد من توجيه القيم الدينية نحو تعزيز ثقافة الاحترام والكرامة والرأفة والمصالحة والتضامن الأخوي للتغلب على التجريد من الإنسانية وتدمير البيئة على حد سواء.
ثانياً، يتعين على القادة الدينيين على وجه الخصوص، مستلهمين من تاريخهم وتقاليدهم الروحية، أن يتعاونوا في التعامل مع هذه الأزمات، وتحديد أسبابها واتخاذ الإجراءات المناسبة.
ثالثا، بما أنه توجد أسرة إنسانية عالمية واحدة، لا بد من اعتبار الحوار بين الأديان أداة فعالة لحل الصراعات المحلية والإقليمية والدولية، لاسيما تلك الناجمة عن إساءة استخدام الدين. كما أن معتقداتنا وطقوسنا الدينية لديها قدرة خاصة على مخاطبة قلب الإنسان وبالتالي تعزيز احترام أعمق للكرامة البشرية.
رابعاً وأخيرا، إدراكا للحاجة الحيوية إلى جو صحي وسلمي ومتناغم لخدمة الله بشكل أصيل ورعاية الخليقة، ندعو بصدق جميع الأشخاص ذوي الإرادة الحسنة إلى التصرف بشكل حاسم للحفاظ على سلامة النظام البيئي وموارده الموروثة من الأجيال السابقة، والتي نأمل أن ننقلها إلى أطفالنا وأحفادنا.