حمدى رزق

كلما مررت على الساعة السكانية الموجودة أعلى مبنى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أتذكر أغنية «حسنين ومحمدين زينة الشباب الاتنين» بصوت الكروان «فاطمة عيد»، أشهر وأهم حملة وطنية لترشيد الزيادة السكانية.

 

بالأمس، تجاوزنا المليون السادس بعد المائة الأولى، عدد سكان مصر بالداخل بلغ فى عين العدو 106 ملايين و750 ألف نسمة، بزيادة قدرها ثلاثة أرباع مليون نسمة خلال 206 أيام فقط.. تخيل عدد سكان مصر سجل زيادة 750 ألف نسمة منذ الثامن من فبراير الماضى.

 

منظمة الصحة العالمية تحتفل باليوم العالمى لمنع الحمل يوم 26 سبتمبر من كل عام، وبالضرورة البروتوكولية تحتفل وزارة الصحة والسكان باليوم، واليوم العالمى لمنع الحمل يفرض علينا التوقف أمام الزيادة الرهيبة فى المواليد. مصر رزقت بربع مليون نسمة فى الربع الأخير من هذا العام فى 62 يومًا.. تخيل معدل الزيادة الذى ينذر بكارثة محققة، تسعفنا مخططات التنمية، ستبتلعها تواليًا الزيادة السكانية!.

 

أصاب طيب الذكر المخرج الكبير «هنرى بركات» فى اختيار عنوان لفيلمه الأشهر «أفواه وأرانب»، تحفة فنية مرت بنا دون أن تترك أثرًا فى مقررات وزارة الصحة والسكان، لاتزال الأفواه فاغرة، تلقف ثمار التنمية، ولاتزال الأرانب تتكاثر.

 

جِدٌّ لا تزال الأرقام مقلقة، والساعة السكانية لا تكذب، وعقاربها توقظ النائمين فى العسل المر، تدق محذرة من خطر الانفجار السكانى، عَلَّهم يفيقون من الغفوة، الخطر ماثل، ولو مشينا بهذا المعدل.. ويلك يا وطن!.

 

الزيادة السكانية الرهيبة خطر داهم على مستقبل الوطن، مصر الدولة تزيد ما يساوى دولة صغيرة سنويًا، ترجمة أرقام الزيادة السكانية فى نماذج تنموية صعب الاستيعاب.. أفواه وأرانب، الأرانب ستأكل حشيشة الوطن الجافة!!.

 

أخشى تجاوزنا وصف الأزمة، فى الأزمة هناك القدرة على التدخل ودرء آثارها، بينما فى الكارثة فيكون التدخل فحسب لتخفيف الآثار الناجمة عنها.

 

الأزمة قد تتطور عندما لا نعترف بوجودها ولا نتعامل معها بالشكل السليم، فإنها فى هذه الحالة ستتحول إلى كارثة، والكارثة تولّد الأزمات.. معدل الزيادة السكانية ينذر بكارثة محققة، الساعة السكانية ليست للزينة والفرجة، والإشارة حمراء فى طريق المطار، ولكنها ناقوس خطر لينذر قومًا، فهم غافلون.

 

أخشى سنصل يومًا إلى أرقام تفوق قدرة الدولة على الاستيعاب، ستجوع الأرانب فى جحورها، مواردنا جد محدودة، والرقعة الزراعية تتزايد بالتيلة، وتوليد فرص العمل بشق الأنفس، والدخل الوطنى تلتهمه الأفواه الجائعة.

 

يلزم استدعاء حكمة «أفواه وأرانب» فى الفيلم الشهير، معلوم الحكومة اعتمدت برنامجًا مدته 10 سنوات ترتكز أهدافه على ألا يزيد عدد المواليد فى الأسرة الواحدة على طفلين فقط.. هل نسير فى الطريق الصحيح؟!.

 

 

الوصفة سهلة، ولكن دونها «خَرْط القتاد»، كناية عن الشىءِ البعيدِ المستحيلِ، والقتادُ نوعٌ مِن الشَّجرِ الشَّوكى الَّذى لا يُوصَلُ إليهِ إلَّا بعسرٍ ومشقَّةٍ.. وخرطُ القتادِ يعنى خرطُ وإزالةُ شوكِهِ للوصولِ إلى ثمرِهِ.. وعن «خَرْط القتاد» اسألوا رجال الدين، جماعة تكاثروا.. تكاثروا الذين يزعقون فى الناس بالتناسل ليل نهار!

نقلا عن المصرى اليوم