نيفين سوريال
في حياتنا، نمر بفترات من الضيق قد تطول، وكأننا نعبر طريقًا مظلمًا بلا منارة، حيث يبدو كل شيء مغلقًا في وجهنا ولا نرى أي بصيص من الضوء. بسبب الضغوطات والمشاكل في الأسرة أو العمل، أو مع أشخاص لا نعرفهم، أو بسبب الحرمان أو الاحتياج، أو نتيجة عدم الاهتمام أو الاستغلال، نشعر في تلك اللحظات بالضيق والتشتت، وكأن العالم كله يتآمر ضدنا، ولا نجد من يقدم لنا كلمة دعم أو لمسة حنان. قد يكون هذا الشعور ناتجًا عن اتخاذ قرارات خاطئة في حياتنا، حيث يمكن أن تؤدي الاختيارات الخاطئة إلى الإحساس بالعجز والضياع.

الصعوبات جزء من الحياة
لا يمكن لأحد أن يعيش حياة خالية من التحديات. كل شخص يمر بمراحل من الضيق والصعوبات، سواء كانت على صعيد العمل، العلاقات، أو حتى على المستوى الشخصي الداخلي. هذه الصعوبات قد تكون نتيجة لخسارة، فشل، أو حتى مجرد شعور بالضياع والتوهان في مسار الحياة. لذلك يجب أن نتذكر أن الفشل ليس نهاية الطريق، "لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح." (2 تي 1: 7).

الشعور بالعزلة
أصعب ما يمكن أن يشعر به الإنسان هو الوحدة في مواجهة هذه الصعوبات. عندما تجد نفسك في ظلام حالك، ولا يوجد من يدعمك أو يقف إلى جانبك حتى بكلمة تشجيع، فإن الشعور بالعزلة يمكن أن يكون مؤلمًا للغاية. هذه العزلة تزيد من الضيق، وتضعف الروح، وتجعل الأمور تبدو أكثر سوءًا مما هي عليه. وقد تكون العزلة أحيانًا نتيجة لاختيارات خاطئة جعلتنا نبتعد عن الأشخاص الذين يحبوننا ويدعموننا. ولكن يجب أن نعود إلى الله ونفتش في الكتب فنجد راحة لقلوبنا، "فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي." (يو 5: 39).

كيفية التعامل مع الظلام والاختيارات الخاطئة
1.    التأمل والهدوء:

عندما تجد نفسك في مواجهة الضيق بسبب قرار خاطئ، حاول أن تهدأ وتتنفس بعمق. التأمل يمكن أن يساعدك على استعادة بعض السلام الداخلي وتقييم وضعك بموضوعية. "وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع." (في 4: 7)

2.    البحث عن الضوء في الداخل وروح الشكر:
أحيانًا، قد لا نجد الدعم من الآخرين، ولكن يمكننا أن نجد القوة والدعم في داخلنا. استرجع ذكريات لحظات القوة والشجاعة في حياتك، حينما وجدت أن الله لم يتخلَّ عنك. وتكلم معه لمواجهة الظلام وتجنب تكرار نفس الأخطاء. "احمدوا الرب لأنه صالح لأن إلى الأبد رحمته". (مزمور 136: 1).

3.    التعلم من الأخطاء:
من المهم أن نتعلم من أخطائنا وأن نستخدم هذه الدروس لتحسين قراراتنا في المستقبل. بدلاً من الشعور بالندم فقط، حاول تحليل ما حدث واستخدام هذه المعرفة لاتخاذ قرارات أفضل في المستقبل. "أعظمك يا رب لأنك نشلتني ولم تشمت بي أعدائي. يا رب إلهي استغثت بك فشفيتني." (مزمور 30: 1-12).

4.    التواصل:
إذا كنت تشعر بالعزلة، حاول التواصل مع شخص روحي مليء بروح الله. حتى لو لم يكن بمقدوره حل مشكلتك، فإن مجرد الحديث عنها يمكن أن يخفف من الضيق ويمنحك منظورًا جديدًا يساعدك في اتخاذ قرارات صائبة والامتلاء من روح الرب "وأما ثمر الروح فهو: محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداع، تعفف." (غل 5: 22).

5.    الإيمان بالصبر:
الحياة ليست دائمًا سهلة، ولكن بالإيمان والصبر يمكننا التغلب على معظم الصعوبات. تذكر أن الليل الحالك لن يدوم إلى الأبد، وسيأتي الفجر في النهاية، ويمكنك دائمًا إعادة توجيه مسار حياتك بعد اتخاذ قرارات خاطئة. تذكر دائمًا أن الصبر هدية من الله "والصبر تزكية، والتزكية رجاء." (رو 5: 4).

6.    العناية بالنفس:
في فترات الضيق والظلام، من المهم أن تعتني بنفسك. تناول طعامًا صحيًا، مارس الرياضة بانتظام، واحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم. هذه الأمور قد تبدو بسيطة، لكنها تؤثر بشكل كبير على حالتك النفسية والجسدية وتساعدك على تجاوز تأثيرات القرارات الخاطئة. "لأن الرياضة الجسدية نافعة لقليل، ولكن التقوى نافعة لكل شيء، إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة." (1 تي 4: 8).

7.    التحلي بالمرونة:
قبول أن الحياة مليئة بالتغيرات وأن الأمور لن تبقى على حالها دائمًا يمكن أن يساعدك على التحلي بالمرونة في مواجهة التحديات. وقبول الآخرين على قدر استطاعتك قد يكون التكيف مع الظروف الصعبة والأشخاص المحيطين بك جزءًا من النمو الشخصي وتعلم كيفية اتخاذ قرارات أفضل. "الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة، ولكنه لا يبرئ البتة. الرب في الزوبعة، وفي العاصف طريقه، والسحاب غبار رجليه." (نا 1: 3). "ليُرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث." (أف 4: 31). "وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضًا في المسيح." (أف 4: 32).

الخاتمة
مكتوب "فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء." (أف 5: 15). إذا سلكت بالحكمة وطاعة الكلمة ستنتصر على الصعوبات والاختيارات الخاطئة. ولابد أن تتذكر دائمًا أن هذه الصعوبات وخصوصًا الناجمة عن الاختيارات الخاطئة هي جزء من رحلتنا في الحياة، وهي التي تشكل شخصياتنا وتقوينا. ورغم أن الظلام قد يبدو مخيفًا، إلا أنه يوجد رجاء في كلمة الله الحية "لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفارق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته." (عب 4: 12).

تذكر أيضًا أن الصعوبات والتحديات التي تواجهها نتيجة قراراتك الخاطئة يمكن أن تكون فرصة للنمو والتعلم. لا تخف من مواجهة الضيق وتصحيح المسار، "التفت إليَّ وارحمني، لأني وحد ومسكين أنا." (مز 25: 16). وتذكر دائمًا أن هناك ضوءًا في نهاية كل نفق، وأن الفجر دائمًا يأتي بعد الليل الحالك. "الرب صخرتي وحصني ومنقذي. إلهي صخرتي به أحتمي. تُرسي وقرن خلاصي وملجأي." (مز 18: 2).