اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار نياحة القديس العظيم انبا تكلاهيمانوت القس الحبشى (٢٤ مسرى) ٣٠ اغسطس ٢٠٢٤
في مثل هذا اليوم تنيح القديس المغبوط والناسك العظيم انبا تكلاهيمانوت الحبشي عاش في إثيوبيا في القرن الثالث عشر من أسرة مسيحية تقية، الزوج كاهن مُحِبّ لخدمة السيد المسيح اسمه "سجاز آب" أي "عطية الآب"، والزوجة ثرية جدًا مُحِبّة للفقراء اسمها "سارة".
وكان شفيع الأسرة هو الملاك ميخائيل، فكانا يعملان له العيد كل ١٢ من الشهر القبطي، بإقامة القداس، وتعمل بعد ذلك وليمة للفقراء.
وكانت الزوجة عاقر (لا تنجب)، وكانت دائمة الطلبة أن يعطيها الله ولدًا تفرح به، وكانت سارة تقضي معظم وقتها في الكنيسة، مشغولة بقراءة المزامير والأناجيل.. وأحبّت الفقراء جدًا وتفانت في خدمتهم، حتى لقّبها الناس "أجزهاريا" أي "مُختارة الله".
وذات يوم فكّرت سارة في أن تهب كل ما لهم للفقراء، وأن يعتقوا العبيد الذين عندهم، وقالت لزوجها وإتقفا، وفعلا كذلك.
وبعد سنوات كثيرة ملؤها السلام، ملك "موتملي" على أرض الداموت والشوا، وهو رجل وثني أغلق الكثير من الكنائس وحاول إحياء عبادة الأصنام.
وذات يوم هاجم "طلانس" حيث يعيش الأب الكاهن "سجاز آب" مع زوجته، فلما دخلا البلدة أصيبت بالذعر حتى كانوا يهربون هنا وهناك.
وإنطلق "سجاز آب" إلى طريق يختبئ فيها، فتعقبه أحد الجنود ليقتله، حتى وصلا إلى بحيرة قريبة، فألقى بنفسه فيها من وجه الجندي، وهو يطلب الملاك ميخائيل.. وفي الحال أصبح الماء فوقه كالخيمة، وظهر له الملاك لِيُقَوّيه. ولما طال الوقت، ظنَّ الجندي أنه غرق، فأخبره الملاك بإنصراف الجندي، فخرج في الحال. فقال له الملاك ميخائيل: "إن نجاتَك هي من أجل الطفل الذي سيخرج منك.." كما أخبره بأسرار كثيرة عن هذا الطفل، ثم حمله إلى البلد، وكان هذا في الثاني عشر من برمهات.
وعاد الكاهن، ليعرف ما جرى، فرأى في كل بيت مناحة على فقيد أو منهوب، وأنهم أخذوا زوجته سارة لتقديمها إلى الملك الفاسِد مونتِملى كهدية.
نظر الملك بهاء وجه أجزهاريا القديسة، فأمر أن تُعْطى ثيابًا فاخرة، وجواهر غالية للزينة، وتُحْفَظ في مدينة الآلهة حتى يتم زفافها إليه!
حزن سجاز آب على ما حدث لزوجته التي أحبها، وكان يخشى عليها من الملك الشرير، ولكنه ذهب في الحال إلى بيت الله. دخل الكنيسة وسجد أمام المذبح المقدس، وصار في تنهُّد وبكاء كثير مُختلطة بصلاة قلبية، يطلب فيها أن ينظر الله إلى زوجته المسبية.
وفي الثاني والعشرين من برمهات.. كان الكاهن سجاز آب يُقَدِّم قربان القداس باسم زوجته سارة مع كل شعبه، وبينما هو يطوف بالبخور في الكنيسة ويضع الصليب المقدس على رؤوس الموجودين للبركة، رأى بين المُصَلّين إمرأة تلبس ملابس غالية مثل ملابس الملوك، وقائمة للصلاة في مهابة كثيرة أمام الله، ففكّر في نفسه مَنْ تكون هذه؟!
ثم عاد إلى الهيكل فأكمل الصلاة، ولما فرغ من إنصراف الشعب، إفتقد الغرباء ومنهم هذه المرأة، ولما سألها عن حالها ومن أين أتت، قالت له.. إنني سمعت عن شخص يُدعى سجاز آب أنه قد سُبِيَت زوجته، فأتيت لأكون له زوجة!
فرشم الكاهن نفسه بالصليب وقال له: "يا إبنتي، هل يتزوَّج الكاهِن مرة أخرى؟! لا تقولي هذا.. إن زوجتي محفوظة بيد الله وهو سَيُعيدها لي بسلام."
فإبتسمت سارة فَرِحة بإيمان زوجها، وخلعت عنها برقعًا كانت تُغَطّي به وجهها، وإندهش الزوج من هذه المُفاجأة، وسألها كيف أتت؟! فقالت له أن الملاك أنقذها، وأتى بها إلى الكنيسة. فسجد الإثنان أمام الله في الكنيسة، وشكراه على عنايته بها.
ثم أخبرت سارة زوجها بأنها قد صلَّت من أجل سلامتها، فظهر لها الملاك ميخائيل بأنها سوف تعود من أجل إبنها الآتي.. ولما بدأت مراسم الزواج وإنتهت وبدأ الناس يُهنئون الملك بالزواج، حدثت بروق ورعود عظيمة إهتزّ لها المكان.. كان هذا قبيل مجئ الملاك ميخائيل لها وأنقذها وأحضرها للكنيسة.
وفي هذه الليلة رأى سجا زآب حلمًا، فيه شمس في حجرة نومهما ونجومًا كثيرة ونور بهي على الأرض كلها.. وفي الليلة التالية ظهر لهما الملاك ميخائيل وأخبرهما بحمل الإبن المبارك.
وفي الصباح وزّعا كثير مما كان قد تبقّى عندهما على الفقراء.. وكانوا يواظِبون على إقامة تذكار الملاك ميخائيل كل ١٢ من الشهر.
وفي يوم ٢٤ كيهك ولدت سارة طفلًا جميلًا وسُمّيَ "فرح صهيون" أو "فصح صهيون" أو "فرح الكنائس"، وأجرى الله منه عجائب مثل كلامه وهو إبن ثلاثة أيام، إشارة إلى أنه سيكون مُقَدَّسًا للرب. وعَمَّداه في اليوم الأربعين من ميلاده.
و حدث قحط شديد بالبلاد بعد سنة ونصف من ميلاد الصبي، حتى لم يكن ممكنًا أن تحتفل أسرة القديس الصغير بعيد الميلاد القريب حتى أن الأم كانت آسفة على ذلك جدًا، وذات يوم بينما هي تُصَلّى وتطلب من الله شيئًا تقدمه في عيد الملاك، وإذ هي تبكي وطفلها على ذراعها مسح دموعها، وأشار إلى داخل، فلما سارت به إلى حيث أشار، وجدت قليلًا من الدقيق في طبق، فلما إقتربت منه ووضع الطفل يده فيه فاض الطبق بالدقيق فإندهشت الأم، ثم بدأت تجمع القفف والزنابيل التي بالمنزل، فلم يبق شئ فارغ، وهكذا فعلت بالسمن والزيت والعسل.. وكان هذا في الثاني عشر من برمهات (تِذكار سبيها).
وقد أعطاه الله أيضًا موهبة حِفظ المزامير والكتاب المقدس..
و في أحد الليالي، ظهر الملاك ميخائيل للأنبا كيرلس أسقف إثيوبيا في حلم، وقال له: "غدًا يأتيك رجل أصفر اللون، ويسجد أمامك. هذا له إبنٌ مباركٌ، وهو مُختار لملكوت السموات، وهو عظيمٌ أمام الرب.. إرسمه شماسًا ثم اتركه ينطلق بسلام."
وبعدما تم ما قاله الملاك، وفي طريق العودة، فكَّرا أن يبيتا في أقرب قرية حتى يمكنهما أن يأخذوا طعامًا، وكانت المدينة القريبة هي "أمحرا"، وكان أهلها لا يطعمون غريبًا.
ولما دخلا المدينة، سأل الإبن جماعة من الذين كانوا في الطريق عن مكان يمكن المبيت فيه، فأخذ واحدًا منهم يشتمه ويضربه بدون سبب، فصرخ الشماس طالِبًا معونة الملاك ميخائيل الذي خَلَّصه سريعًا، وأصاب الرجل الشرير بضرر فلم يقدر الشماس المملوء من نعمة الروح القدس أن يرى هذا الإنسان، رغم أنه كان يضربه من وقت قليل، في هذه الحالة المؤلمة، فصلّى أن يرفع الله عنه هذه الآلام، فشفاه ملاك الله.. فآمن بالله وعائلته.
وبينما الأب مع ولده في الطريق مع أصحابهم (بعد قضاء ليلتهم في "أمحرا")، فرغ منهم الماء وقلَّ الطعام، فإنزوى القديس وصلّى بدموع أن يعطيهم الله ماء، فأجرى الله ينبوعًا من الصخر، فشربوا وأخذوا للطريق ماء.
وقد رغب الوالِدان في تزويج إبنهما، ولكنه رفض، وأخبرهم أنه قد نذر نفسه ليكون بتولًا كل الأيام. فقبل الوالدين أن يبقى بلا زواج، ولكن حسب عادة البلاد بقيت الفتاة معهم في المنزل كإبنتهم، إذ أحبت هي الأخرى ان تظل بتولًا..
ثم رُسَمَ كاهنًا، ومن ذلك الوقت زادت صلواته وعبادته وأصوامه مع محبة مُتَّقِدة للجميع في أن يتعرَّفوا أكثر على المسيح إبن الله، وبقى مع والده يساعده في الخدمة، حتى إنتقلت والدته "أجزهاريا" (سارة) إلى السماء في 12 مسرى، وبعدها بأيام قليلة إنتقل والده أيضًا إلى السماء.
وفي يوم ما بينما كان يمارس هوايته في الصيد في الغابات كعادته، ظهر له رب المجد يسوع محمولًا على أجنحة الملائكة وأبرق حوله بنور عظيم قائلًا: "أنا هو إلهك، حافِظَك من طفولتك.. لا يعود عملك صيد الوحوش بل صيد الناس. ومن الآن لا يكون إسمك "فرح صهيون" بل "تكلا هيمانوت" (والذي يعني "فردوس الآب والإبن والروح القدس"). ثم إختفت الرؤيا السماوية.
و حدث انه سمع القديس أن بلاد "كِتانا" يعبدون شجرة يسكن بها شيطان يخافون منه، ويسيطر عليهم جماعة من السحرة. فإحتدَّت روح القديس تكلا هيمانوت، كيف يَسْتَعبِد الشيطان وأتباعه السحرة أبناء الله المخلوقين على صورته، فقام وذهب إلى تلك البلاد كما دعاه الله، وما أن إقترب من المدينة التي بها الشجرة، حتى سمع الشيطان صلواته، وصار يصرخ ويقول: "إبعدوا تكلا هيمانوت، إنه إنسان خطر عليكم، لا تدعوه يدخل المدينة، فهو شرير!"
فطلب القديس تكلا هيمانوت شفاعة الملاك ميخائيل ومعونة الله في هذا العمل لإنقاذ الشعب. فإقترب من الشجرة وطلب منها بإيمان قوي أن تتحرَّك وتتبعه، فكانت الشجرة تمشي في إتجاه خطواته، وكانت جذورها تُحْدِث صوتًا كالرعد عند إنتزاعها من الأرض، فأصاب الرعب كثيرين، وكانت فروعها تقتل كثيرين في الطريق.. وكان الشيطان يصرخ ويقول: "لماذا تُعَذِّبني؟! أما يكفيك إنني تركت لك أرض "طلانس"؟ فأمره القديس أن يعترف أمام الناس أنه مُضِل، ويقر مَنْ هو الإله الحقيقي، فاعترف الشيطان أن المسيح هو الإله الحقيقي وحده.
ومن ذلك الوقت بدأ القديس يُعَلِّمهم الإيمان بالثالوث الأقدس، ثم عمَّدهم جميعًا، وأقام لهم كنيسة يتناولون فيها من الأسرار المقدسة. ومما ساعَد هذه البلاد على قبول الإيمان بالمسيح يسوع أن القديس تكلا هيمانوت بصلواته إلى الله أقام الذين ماتوا أثناء حركة شجرة الشيطان. وقد عَمَّد القديس نحو 60 ألفًا، وصارت "كتانا" كلها مسيحية..
ثم خرج القديس إلى برية "يكيس" للتفرُّغ للصوم والصلاة، وظل على هذا الحال طويلًا، وكان ملاك الله يرشده إلى ما يعمله كل حين، وذات يوم سمع صوتًا يناديه ثلاث مرات قائلًا: "امض إلى بلاد "الداموت" لأن لي هناك شعبًا كثيرًا، وابن لي كنيسة على اسم السيِّدة العذراء."
وفي طريق لـ"الداموت"، طاردته الشياطين، وكان ينتصِر عليهم بقوة الصليب المُحيي. ولما وصل بدأ في هدم الأصنام التي كان يعبدها الناس.
وقد عرف القديس أن الأمير به شيطان، فصلى القديس إلى الله وخرج منه الروح الشرير على شكل قرد. فآمن الأمير بالله وإعتمد هو وزوجته وابنه. وذاع خبر قدرته على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين بصلاته إلى الله.
و لما سمع الملك "موتملي" بخبر عِماد إبنه الأمير على يد القديس، فتألَّم كثيرًا، وأرسل جنده إلى الأمير لِيُسَلِّم لهم القديس فرفض، ولما علم الملك بذلك، أرسل كثير من الجند للقبض على إبنه الأمير والقديس وإحضارهم مُقَيَّدين.
ولما وصلا إلى الملك، أمر بتعذيبهما كثيرًا، لكن ملاك الله شفاهم. ثم تم إلقاؤهم بكهف ملئ بالوحوش، لكن أنقذهم الملاك مرة أخرى. وقد حاول الملك نفسه الهجوم على الأنبا تكلا هيمانوت برمح، فيبست يده وصار يصرخ من الألم، حينئذ وسوس له الشيطان أن كل هذه النكبات من هذين الرجلين، ولابد من قتلهما! فأصدر أمره أن يُعَلَّق الرجُلان على شجرتين في حديقة قصره، وما أن عُلِّق القديس من رقبته على الشجرة بالحِبال حتى مالَت الشجرة بجذعها القوي حتى لامَسَت أقدام القديس الأرض، ونزل بسلام. وإذا بأنوار بهية من السماء تضئ المكان فرفع الناس أنظارهم فرأوا طغمات سمائية تُسَبِّح وتُمَجِّد الله.. وحدث هذا وغيره من الأمور حتى آمن الكثيرين، ثم الملك نفسه بعد ذلك.
وفي يوم من الأيام ظهر له رب المجد يسوع وقال له: "امض إلى أرض "أمحرا" واسكن في ديرها إلى أن أُكَلِّمَك مرة أخرى، وهوّذا الملاك ميخائيل يكون معك."
وفي طريقه إلى "أمحرا" صادَف راهبًا ذاهبًا إلى دير وإرتحل الإثنان على سحابة نورانية رتَّبها لهما الله حتى وصلا إلى الدير في يومين مع أن المدة تستغرِق شهورًا كثيرة.
ولما ذاع خبر القديس على أفواه الناس طلب من الله أن يُنَجّيه من المجد الباطل، فظهر له الملاك ميخائيل وأمره أن يذهب إلى دير "اسطفانوس". وفي الطريق صادَف القديس نهرًا عميقًا لم يعرف كيف يعبره، فظهر له ملاك الرب وقال له أن يتبعه على وجه المياه، ثم إختفى الملاك وظلّ القديس سائرًا كما لو كان على الأرض، حتى وصل إلى الجانب الآخر من البحيرة. وعاش هناك في نسك كثير بأصوام وصلوات وميطانيات..
وذات ليلة أراه الله مجد الدهر الآتي وأفراح القديسين في السماء، فَسُرَّت نفسه وفرح كثيرًا وإلتهب قلبه بمحبة الله، حتى أن المنظر الذي رآه بأنواره التي
تغمر السماوات وكل أرواح القديسين
ومن هناك خرج القديس تكلا هيمانوت إلى أرض "الفخراني" بإرشاد من الملاك، ذاهِبًا إلى راهب قديس يُدعى "يوحنا"، وبقي عنده يتتلمذ على يديه 12 سنة في دير "ادوجواي".
و ظهر ملاك الرب للقديس وأشار عليه أن يذهب إلى مغارة أسفل الوادي حيث أن الدير كان على قمة الجبل، فودَّع رئيس الدير وسأله أن يذكره في صلواته وخرج الرهبان ليودعوه، وكان الرهبان يربطون مَنْ يريد النزول من على الجبل بحبل (لأنه كان مُنحَدِرًا بشدة). وفي أثناء نزول القديس، إنقطع الحبل، وانزعج الرهبان جدًا، ولكنهم شاهدوا ستة أجنحة تبرز من جنبيه تحمله إلى الأرض بسلام، فعاد الرهبان إلى الدير ممجدين الله على عظمته وعنايته بأولاده.
و نزل القديس إلى برية واسعة فيها كثير من القديسين يصومون خمسة أيام، ولا يأكلون خبزًا مما في العالم؛ بل طعامهم من نباتات البرية وشرابهم من ندى السماء يومي السبت والأحد. وقد زار كثير من الأديرة والكنائس، وإشتاقَت نفسه يومًا لزيارة القُدس بأورشليم، فسار قاصِدًا تلك البلاد، وزار كذلك الأردن حيث تعمَّد السيد المسيح.
ثم ظهر له ملاك الرب وأخبره بأن يذهب إلى أرض "الصوفان"، فهناك سيكون قبره، وسوف تُبنى كنيسة على اسمه.
إستقر أخيرًا القديس تكلا هيمانوت الحبشي في أرض "الشواريني" وبنى ديره المعروف باسم "البيانوس" وتلمذ رهبانًا كثيرين وجاهَد في نُسْكٍ بأصوام وصلوات وميطانيات كثيرة.. ورأى أنه لكي يكون مُنتَبِهًا في الصلاة، يمكنه الوقوف على قدم واحدة! فكان يُصَلّي واقِفًا على رجله اليُمنى حتى جَفَّت هذه الساق وإنكسرت. فأخذها أبناؤه ولفّوها في لفافة. أما هو فكان يُصَلّي على الرِّجل الأخرى ولم يكن يخرج من مغارته ليرى النور، بل ظلَّ حبيسًا بقية أيام حياته؛ إذ إستغنى بالوجود مع الله عن كل عمل مُداوِمًا على التسبيح والشُّكر.
و لما أكمل القديس تكلا هيمانوت الإثيوبي القِس جهاده، وصار جسده كالخشبة المحروقة، ظهر له مخلصنا الصالح، وأعطاه السلام، وأعلمه أنه سيموت بداء الطاعون وأنه سينتَقِل إلى السماء مع ثلاثة من أولاده. فمرض ثلاثة من الرهبان بداء الطاعون، ثم مرض القديس وتألم الجميع معه بسبب الآلام الشديدة التي لهذا المرض.. ولما إقتربت ساعة نياحته نظر الرب يسوع مع القديسة العذراء مريم وملائكة كثيرين يتقدَّمهم ميخائيل رئيس جُند الرب حارِسهُ وشفيعه. وأضاءت مغارته بنور سماوي بهي، وفاحَت رائحة بخور جميلة جدًا، فطلب أولاده أن يُصَلّي من أجلهم ليغفِر لهم الرب خطاياهُم، وللوقت صعدت روحه الطاهِرة بسلام إلى السماء، وكان ذلك في 24 مسرى، وبلغ عمره تسعة وتسعين سنة وثمانية شهور، وناحَت إثيوبيا على هذا القديس، وقد بكاه الكبير والصغير والذين عَرِفوا المسيح بواسطته.
أما أبناؤه فأخذوا جسده وكفَّنوه بإكرام جزيل بعد تحنيطه، ودُفِن في مغارته وبقي بها نحو 56 سنة وقد كانت خارج الدير. وفي السنة ال57 لنياحته ظهر للأنبا "حزقيا" الذي كان بعد تلميذه "إليشع" وقال له: "قد حان الوقت لأن تنقِلني إلى الدير." وقد تمّ ذلك في إحتفال مهيب، وقد أعطاه علامة على حضوره معهم بأنه بعدما يطوفوا به ثلاث مرات بالهيكل يوقد قنديل الزيت الذي يتركوه مُطفأ في شرقية الكنيسة.
وحدث أنه بعدما طيف بجسده الطاهِر ثلاثة مرات حول المذبح، أن قنديل الشرقية أضاء، ففرح الجميع لحضور القديس معهم. وقد حدث أثناء الطواف بالجسد أن داس الناس لكثرتهم رجلًا، فإنكسرت ساقاه، ولكنه حالما لمس جسد القديس قام صحيحًا في الحال، ودُفِن تحت المذبح بهيكل الكنيسة الذي يحمل اسمه بدير "ليبانوس" ب"الشوا".
بركه صلاته تكون معنا كلنا امين...
و لالهنا المجد دائما ابديا امين...