حمدي رزق
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خرج على الناس ببيان، مطالبًا بـ«إعادة النظر فى بعض الفتاوى الخاصة بحقوق المرأة، التى طغى فيها فقه العادات والتقاليد السائدة فى وقتٍ من الأوقات على أحكام الشريعة، وظلمت المرأة بسبب تأويلات غير صحيحة وغير دقيقة غلبت فيها الأعراف السائدة فى عهد معيَّنٍ على بعض أحكام الشريعة».
(من بيان المشيخة الأزهرية خلال استقبال الإمام الأكبر، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية الشيخ عبداللطيف آل الشيخ).
وعليه، فليقم فضيلته على رأس المشيخة الأزهرية، وعبر «مجمع البحوث الإسلامية»، بهذه المهمة الجليلة، إكرامًا للدين الحنيف، وتكريمًا للمرأة التى كرمها الله فى كتابه العزيز.
نعم يا مولانا الطيب، لقد ظلمت المرأة ظلمًا مبينًا، بسبب تأويلات غير صحيحة وغير دقيقة غلبت فيها الأعراف السائدة فى عهد معيَّنٍ على بعض أحكام الشريعة، وحان وقت رفع الظلم، والغبن، والعودة إلى أحكام الشرع الناصعة المبرأة من الأعراف التى سادت زمنًا، وتركت بصماتها غائرة، ترسم ظلمًا بينًا وقهرًا منسوبًا ظلمًا لدين الله الذى أكرم نساء العالمين جميعًا.
فضيلة الإمام، رفع الظلم عن المرأة أمانة، وأنتم أهل لحملها، وأشكال الظلم الذى تعانيه المرأة فى عصرنا الحالى بغطاء فقهى إسلامى كثيرة، والإسلام منها براء، ويجب مراجعتها وتصويبها.. « ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ» (الروم / ٣٨).
أشكال الظلم تتعدد، وترتكن إلى موروثات من أزمنة غابرة، ومنها منع المرأة من تولى المناصب العليا والقضاء، واعتبار الرجل قيّما عليها، والزواج المتعدد، وسلاح الطلاق الذى يملكه الرجل، واعتبار الرجل أكثر قيمة من المرأة فى قوانين الإرث والدية وغير ذلك.
لن أعدد أشكال الظلم الذى يلتحف بدثار الدين، ويتحدث به بعض من يفتون بغير علم، وهم كثر، ويستهدفون المرأة بظلمهم وهم يعلمون، وفضيلتكم مطلع على ما يفتون وتستنكرون.
وكما طالبتم نصًا فى بيان المشيخة العريقة بـ«ضرورة إعادة النظر فى بعض الفتاوى الخاصة بحقوق المرأة، التى طغى فيها فقه العادات والتقاليد السائدة فى وقتٍ من الأوقات على أحكام الشريعة».. وفضيلتكم أعلم، مسألة تغير الفتوى بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد، وهو أمر مقرر صحيح، ورفع الظلم يلزمه جهد فى الاجتهاد..
والاجتهاد لغة، بذل الجهد فى فعل شاق، وعرفه علماء أصول الفقه بأنه «بذل الجهد فى إدراك الأحكام الشرعية»، ويكون الاجتهاد ببذل مجهود علمى معتبر، ممن تتوفر فيه شروط الاجتهاد، للبحث والنظر والاستدلال، واستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها.
مجمع البحوث تحت رعايتكم كجهة علمية، أهل للاجتهاد، أولى بهذه المهمة العظيمة، يا مولانا، لا يكفى الإقرار بظلم المرأة فى أزمان ماضية، طغى فيها فقه العادات والتقاليد السائدة فى وقتٍ من الأوقات على أحكام الشريعة، وهو إقرار مشكور من فضيلتكم.. ولكن برفع الظلم، كف الظلم عن المرأة نصرة للإسلام ولدينه ولسنة نبيه الكريم..
وكف الأذى الذى عانت منه المرأة طويلًا، لا سيما ضرب الزوجات، وهذه عادة قبيحة، درج عليها العامة بلا مبرر شرعى، وفضيلتكم تحدثتم بها قبلًا، وترفقتم بالنساء، ولسان حالكم «رفقًا بالقوارير»، ولكن البعض لايزال يعتقد بكسر ضلع المرأة، ويصفونها بمكسورة الجناح.