القس رفعت فكري سعيد
عنوان هذا المقال هو عنوان لكتاب قيم صدر الشهر الماضى يضم بين دفتيه حوالى ٥٠٠ صفحة من القطع الكبير، من تأليف الأستاذ الدكتور حسن البيلاوى أستاذ علم اجتماع التربية بجامعة حلوان وأمين عام المجلس العربى للطفولة والتنمية، والكتاب صادر عن مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات.

فى تقديمه للكتاب كتب الفيلسوف المصرى الكبير الأستاذ الدكتور مراد وهبة

«إذا أردت أن تقرأ فى فلسفة التربية أو فلسفة التربية فى زمن الإرهاب فإن هذا الكتاب يأتى فى الصدارة بلا منافس».

ويضم الكتاب تسعة فصول، «تمهيد فى ضرورة النقد: المعنى والمنهج»، «الثقافة والتربية والأيديولوجية»، «إشكاليات إصلاح التعليم»، «المرتكزات الأساسية فى إصلاح التعليم: التنوير نسق ثقافى مغاير»، «أوهام وأساطير الدعوة إلى التعليم الفنى قبل الجامعى»، «رباعية الديموقراطية عند مراد وهبة»، «الديموقراطية والتنوير فى حجرة الدراسة»، «قضية التنوير كمدخل لمحو الأمية»، «عمل الأطفال».

ويدعو الكتاب فى مجمله إلى فتح حوار عقلانى وناقد لواقعنا الثقافى والاجتماعى بما يمكن من كشف ما نعيشه من إشكاليات كامنة فى ثلاثية الثقافة والتربية والأيديولوجيا، وعلاقة تلك الثلاثية بالتنمية، وضرورة الوصول إلى مقاربات فكرية مستنيرة تتجاوز إشكاليات الواقع، وتضىء طريقا على مسار تقدم الحضارة.

ويؤكد الدكتور البيلاوى أن الهيمنة الثقافية والأيديولوجية فى مجتمعنا خليط من تخلف ثقافى ماضوى موروث، تعيد إنتاجه وديمومته قوى أصولية دينية ظلامية استطاعت إسدال هيمنتها على ثقافة الحس العام المشترك بين الجماهير، والنفاذ إلى مؤسسات الدولة من خلال ٣ محاور: اقتناص كثرة الجماهير بأوهام امتلاك الحقيقة المطلقة واحتواء الجماهير بالدين ودغدغة العواطف الدينية وأيضا اختراق معظم مراكز البحث العلمى والمؤسسات الأكاديمية، خاصة الكليات التطبيقية العملية والتربوية، وكذلك استطاعت القوى الأصولية خلال سبعينيات القرن الماضى أن تدخل فى تحالف عضوى مع الفئات الطفيلية التى جلبت أموالها من دول البترول، مما نتج عنه أن الفكر الأصولى الظلامى تواجد وتموضع فى قوى اجتماعية اقتصادية مؤثرة فى الواقع الاجتماعى فى مصر.

ولا خلاص من كهف الهيمنة الظلامية الأصولية سوى بالشجاعة فى المواجهة وإعمال العقل ونشر ثقافة التنوير، وهنا قال فريدريك كوبلستون «إذا أراد المرء أن يجد علما من أعلام تأسيس عصر التنوير كرجل دولة لن يجد أفضل من فريدريك الأكبر».

وهنا يحتاج الأمر لتأسيس تيار قوى للتنوير من المثقفين بغية مواجهة الفكر الظلامى فى امتلاك الحقيقة المطلقة، وأيضا يعملون على إثراء وعى الناس وخلق حس عام مشترك راق مستنير مفتوح يرسخ لمثل التنوير العقل والعلم والإنسانية والعلمانية والتقدم، فلا ديمقراطية بدون علمانية ولا تقدم ولا مواطنة ولا عدالة اجتماعية بدون مناخ ثقافى علمانى راسخ يؤسس للتسامح، ولا علمانية بدون مثل التنوير، فالتنوير نسق ثقافى مغاير.
نقلا عن المصرى اليوم