ياسر أيوب
فى حوار طويل معه حين كان رئيسًا للقسم الرياضى بجريدة «نيويورك تايمز».. حكى لى جيم لوتريل عن قضايا كثيرة قد تفسدها الصحافة حين تحيلها من قضية خاصة إلى قضية عامة.. ففى القضايا العامة ممكن أن يصبح الجميع قضاة أو يصبحوا كلهم أيضا متهمين.. ولن يبقى هناك مسؤول محدد وواضح يمكن مساءلته أو حل حقيقى يمكن المطالبة به.. وهذا هو ما تقوم به الصحافة المصرية كل أربع سنوات بشأن المشاركة الأوليمبية.. وبعيدًا عن استثناءات قليلة.. تبقى القاعدة هى تعميم الحكاية، فتنتهى الحفلة الصاخبة دون تحديد حقيقى لمن أخطأ وعلى من تقع المسؤولية.. وزارة أو لجنة أوليمبية أو اتحادات أو لاعبين أو مدربين.. ولست هنا أبدأ حفلة جديدة أو أحاول إنقاذ حفلة قديمة أفسدتها مزاعم نجاحنا فى باريس.. إنما أتحدث عن مرام محمد إبراهيم كنموذج للمستقبل وما يمكن القيام به خلال أربع سنوات مقبلة.. فمنذ ثلاثة أيام فازت مرام بالميدالية البرونزية لبطولة العالم للمصارعة تحت ١٧ سنة.. ففى البطولة فازت مرام على بطلة تونس فى دور الـ ١٦، ثم بطلة تركيا فى دور الثمانية، وخسرت أمام بطلة الهند فى قبل النهائى، ثم فازت على بطلة الصين فى مباراة البرونز.. وكانت مرام قد فازت فى مارس الماضى ببطولة إفريقيا أيضًا.. ويعنى ذلك أننا أمام بطلة مصرية جديدة ومشروع قد لا يكتمل لأسباب كثيرة فنية وإدارية أو نفسية واجتماعية.. وقد تواصل مرام نجاحاتها وبطولاتها حتى تصل لسن ٢١ عامًا قبل دورة لوس أنجلوس ٢٠٢٨.. ومثل دول كثيرة فى العالم بدأت منذ أيام استعداداتها لدورة ٢٠٢٨.

من الممكن أيضًا إعداد ملف خاص بمرام يتضمن كل شىء عنها.. لياقتها الفنية وحالتها النفسية والاجتماعية وسجلها الطبى والتعليمى ونظامها الغذائى الذى يناسب لعبتها وتحليل جيناتها.. وفى نفس الملف أوراق أخرى لا تقل أهمية، مثل هل تريد مرام الاستمرار بالفعل؟، وهل تملك طموحًا دوليًا وأوليمبيًا؟، أم أنها مثل مصريين كثيرين بطولات إفريقيا هى سقف أحلامهم؟.. وأيضًا التحديد من الآن للوزن الذى ستستقر عليه مرام مستقبلًا وتشارك به فى مختلف البطولات.. وما هى البطولات الرسمية التى لابد أن تشارك فيها مرام مستقبلًا مع متابعة دقيقة لكل بطلات العالم فى المصارعة اللاتى يلعبن فى نفس وزن مرام ومميزاتهن وعيوبهن ونقاط قوتهن وضعفهن ومقارنة مرام بهن؟.. فهكذا تتم صناعة البطل الأوليمبى بعيدًا عن معسكرات خارجية ترفيهية ولقاءات ودية ثانوية ونتائجها الخادعة.. وتطبيقًا لنصيحة جيم لوتريل فإن حديثى عن مرام وهذا الملف هو البداية الصحيحة لمشوار أوليمبى جديد ويمكن تطبيقه على أكثر من لاعب ولاعبة.
نقلا عن المصرى اليوم