حمدى رزق

نحن فاروق الأول ملك مصر قرر مجلس الشيوخ ومجلس النواب القانون الآتى نصه وقد صدقنا عليه وأصدرناه:

‏المادة ١:

يلغى قانون العقوبات الجارى العمل به أمام المحاكم الأهلية وقانون العقوبات الذى تطبقه المحاكم المختلطة ويستعاض عنهما بقانون العقوبات المرافق لهذا القانون.

 

‏المادة ٢:

على وزير الحقانية تنفيذ هذا القانون ويعمل به من ١٥ أكتوبر سنة ١٩٣٧.

نأمر بأن يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وأن ينشر فى الجريدة الرسمية وينفذ كقانون من قوانين الدولة.

‏صدر بسراى عابدين فى ٢٣ جمادى الأول ( ٢١ يوليو سنة ١٩٣٧ )، فاروق، بأمر:


حضرة صاحب الجلالة

رئيس الوزراء مصطفى النحاس.

تخيل من الخيال المحلق، قانون العقوبات أعلاه بمرسومه الملكى، هو ذات القانون المعمول به فى المحاكم المصرية حتى ساعته وتاريخه، قانون من الحقبة الملكية، بلغ من العمر عتيا، وتقادمت مواده، واعتراه العجز عن مواكبة سنة الكون فى التغيير.

 

القانون أعلاه يعود إلى العام ١٩٣٧ ميلادية، تتخيل ٨٧ سنة عمر هذا القانون، قانون معمر، أخشى سيعمر طويلا.

 

صحيح أدخلت عليه تعديلات عدة فى مراحل ماضية، آخرها وأحدثها فى ١٥ أغسطس ٢٠٢١ بالقانون ١٤١ لسنة، لكن قانون فاروق الأول تقادم، وصار مهلهلا من كثرة التعديلات، كان يليق بالملكية، لم يعد يليق بجمهورية مدنية ديمقراطية حديثة.

 

ولا ينبئك مثل خبير، ولا يخبرك بالعقوبات السالبة للحريات، فى هذا القانون الملكى، مثل خبير بها، وفقهاء القانون يتشوقون لقانون عصرى، يواكب الفلسفة العالمية الحاكمة للعقوبات، سيما فى العقوبات الأشد، تحديدا عقوبة الإعدام، ليس بغرض إلغائها قط، فقط قصرها على الجرائم الأشد، بما لا يخالف شرع الله فى محكم كتابه العزيز.

 

وليس بصعيب، ولا من المحرمات، ولا من المقدسات، القانون فعل بشرى متطور، والفلسفة العقابية الحاكمة تتطور وتتوجه نحو استبدال السجن بغرامات مالية أو بالخدمة العامة.

 

وإذا كانت الفتوى تتغير بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد، وهو أمر مقرر صحيح، كذا العقوبات تتغير، وكذا القانون يستوجب تغييره، بالأدق تحديثه وعصرنته، ليس بإدخال تعديلات تلبى جريمة ظهرت، أو تسد نقصا، أو تعالج عوارا، لكن بمشروع قانون يلبى التطلعات الحقوقية.

 

المنظمات الحقوقية تتجهز بمشروع قانون يحتاج إلى إرادة سياسية، وهى والحمد لله متوفرة لإنجاز قانون يعبر عن روح الجمهورية الجديدة، من انحاز لتعديلات الحبس الاحتياطى (الجائز)، سينحاز لمثل هذا مطلب قانونى عادل. ومن أنجز مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» بإرادة وطنية بهذه الكيفية الاحترافية التى تتحدث عنها المراجع الحقوقية وتثنى على المشروع الثناء الجميل، وتستحث مجلس النواب إقراره عاجلا فى انعقاده المقبل، قادر على إنجاز مشروع قانون العقوبات المصرى الجديد.

 

الثورة التشريعية المأمولة والتى ينشدها الرئيس السيسى، بدأت بالحبس الاحتياطى، وبقانون الإجراءات الجنائية، ومستوجب وطنيا أن تنجز قانون عقوبات عصريًا، عنوانه الرئيس حقوق الإنسان.

نقلا عن المصرى اليوم