الأب رفيق جريش

لا يخفى على أحد أن مصر برؤيتها السياسية الثاقبة أصبحت مركزًا تنظر إليه كل دول العالم، فاقتناعها بأن السياسة التى تتبناها مصر وتتعامل من خلالها مع الأزمات الإقليمية المتتالية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط تكتسب أهمية خاصة، إذ دائمًا ما كانت مصر تنادى بضرورة منح الأولوية لمعالجة الأسباب الرئيسية التى أدت إلى اندلاع المواجهات السابقة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية ومنها حماس، وكانت الدافع الأساسى للحرب الحالية التى تشنها إسرائيل فى القطاع منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، وذلك عبر إقامة دولة فلسطينية وإنفاذ حل الدولتين.

تحظى الجهود الحثيثة التى تبذلها مصر من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار فى قطاع غزة، ووضع حد للتصعيد العسكرى الذى طرأ على الساحة الإقليمية، بعد اندلاع الحرب فى القطاع، باهتمام خاص على المستوى العالمى. وقد بدا ذلك جليًّا فى اللقاء الذى عقد بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الخارجية الفرنسى ستيفان سيجورنيه الذى أشاد بالدور الحيوى الذى تقوم به مصر فى الوساطة المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية وقطر، بهدف الوصول إلى وقف لإطلاق النار فى القطاع.

 

وكان لافتًا أن سيجورنيه قام، قبل زيارته للقاهرة، بزيارة إلى لبنان، الذى استقبل أيضًا وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى، حيث كان العمل على خفض التصعيد الإقليمى وتقديم الدعم للدولة اللبنانية أحد أهم عناوين تلك الزيارة.

 

وتوازى ذلك فى مجمله مع البيان المشترك الذى أصدره وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، والذى أكد دعمه للجهود التى تبذلها مصر والولايات المتحدة الأمريكية وقطر فى هذا الصدد، كما حضر إلى القاهرة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية فى إطار جولة شرق أوسطية، وشكر القاهرة على العمل الحثيث من أجل وقف إطلاق النار والمساعدة فى الإفراج عن الرهائن والمساجين ودخول المساعدات قطاع غزة، وأثنى على رؤية القاهرة فى وجوب إنهاء الحرب فورًا وتنفيذ حل الدولتين.

 

إن رؤية مصر لهذا الخيار سوف يكون لها دور بارز فى تقليص حدة التوتر والتصعيد التى تشهدها الساحة الإقليمية وذلك يحظى بأهمية خاصة من جانب القوى الدولية، على أساس أن تفاقم الأزمات فى منطقة الشرق الأوسط سوف ينتج ردود فعل مباشرة، سرعان ما سوف تتجاوز بدرجة كبيرة مصالحها وتصل إلى أنحاء مختلفة من العالم، وهو ما يمكن أن يفسر أسباب دعم تلك القوى للتحركات والأدوار الفعّالة التى تقوم بها مصر فى هذا الصدد.

نقلا عن المصرى اليوم