د.أحمد الخميسي
سأفتح الباب وأراكِ يومًا. حتى لو لم تكوني أنتِ سأراكِ. حتى إذا لم تظهري أبدًا سأراكِ. سأراكِ مضطربة في فتحة الباب. تتطلعين إليَّ وأنت تتفادين الماضي. ينفطر قلبي على وجودك الهش كجناح فراشة تحت ذرات الضوء. سأراكِ لأني لم أفقد الأمل. عندما تهامسوا بأنكِ لن تعودي لم أفقد الأمل. عندما قالوا انقضت سنوات وانتهى كل شيء لم أفقد الأمل.
 
كنت أتجه إلى الباب أفتحه وأنتظرك.
 
أقف طويلاً، وصوت عميق في قرارة روحي ينبئني أنكِ قادمة، وأنني سأفتح الباب يومًا وأراكِ. نظراتك وأنفاسك وأصابع يديك من محبتي. عنقك وكتفاك من انتظاري. تقودك قدماك نحوي مغمضة العينين، كأنما تمشين في النوم، فأفتح الباب وأراكِ. أضع يديك بين يدي.
 
تفتحين عينيك، وتكون التجاعيد قد حفرت جبيني، وصبري على العشق قد حفر قلبي. ترفعين في وجهي عينيكِ الواسعتين المنهكتين من الرجاء. تتفادين أن تنزلقي بروحك إلى هوة السنوات الطويلة التي عذبتنا. تندفعين إليَّ ملهوفة.
 
يرقد وجهك يمامة في صدري. تسحبين رأسك من بين كتفي. تتنهدين فأستنشق عطرك الذي يدور منه قلبي. تملأين عينيك من طول تحملي ومن الغرام الذي في روحي. تقولين لنفسك إنه حين مزق البرق وجه السماء، حين كان الليل بمفرده سيد الكون، عندما لم يعد ثمت أمل، حين أغلق الجميع أبوابهم، وحده لم يفقد الأمل، وحده كان ينتظرني، أكبر من اليأس، وأشد حنانًا من مرارة العتاب. شعركِ مبتل وكتفاكِ ترتجفان من طول الفراق. تضحكين بألوان الزهور. تهمسين لي "هل كبرنا؟". أقول لك إن ما جاء وردة يرحل وردة. تتطلعين إليَّ بعمق.
 
ينفطر قلبي على الوجود الهش الذي منحنى كل تلك القوة لكي لا أفقد الأمل، لكي أفتح الباب وأتطلع طيلة العمر إلى الطريق وأُمني نفسي بأنني سأراكِ، عندما تكونين ندى على وردة، نورًا من نجمة بعيدة، أو دفء قلب مقدس.
 
حتى عندما لا تكونين، سأظل أفتح الباب، أقف في الرعد والعتمة إلى أن تكوني، إلى أن تطوقي عنقي بذراعيك، فأهمس لك، إني لم أفقد الأمل، يتقد حبي، يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام. تغمغين في أذني بصوت خافت، لكنني لا أسمع ما تقولين من انفعالي الذي يزلزل كياني، ترفعين صوتك قليلاً وبالكاد أسمعك تقولين "أنتَ". ولا يكتمل الكلام.