سامح فوزي
هناك أشياء نتداولها، ونروجها، ونسخر منها، ثم نتساءل: لماذا تستمر، ونتأسف لاستمرارها دون أن نتخذ إجراء فى مواجهتها. مثال ذلك الأخبار المفبركة، والدعايات السيئة التى تظهر على وسائل التواصل الاجتماعى. منذ أيام أطلق البعض تدوينة بها صورة الطبيب العالمى الدكتور مجدى يعقوب، وهو يحمل لافتة مدون عليها الشهادتين الإسلاميتين، مما يعنى إسلامه. البعض تنبه سريعًا إلى أنها مفبركة عن طريق الفوتوشوب مأخوذة عن صورة أخرى كان يحمل فيها هدية لشخص آخر، والبعض الآخر تهلل فرحًا بالخبر، وأحدهم ذكر أنه حلم بذلك، وتمنى للطبيب العالمى حسن الخاتمة، رغم أنه لم يشر يومًا إلى ديانته المسيحية فى أى موقف، وينحاز فى أحاديثه إلى الإنسان، والإنسانية. وأتذكر أنه يومًا جمعنى به حوار، ووجدت لديه فكرًا إنسانيًا عميقًا، واطلاعًا واسعًا على كثير من الأفكار المعاصرة، على نحو يتجاوز الطب، والمعرفة السطحية بالأديان. أغضب هذا الموقف المسيحيين، فقام أحدهم على الفور باستخدام نفس التقنية، أى الفوتوشوب، وفبرك صورة للاعب المصرى العالمى محمد صلاح، وهو يحمل لافتة مدون بها الإيمان بالسيد المسيح. رافق هذه الصورة وتلك حديث طائفى، اعتدنا عليه على وسائل التواصل الاجتماعى فى مناسبات عديدة أبرزها حكايات تغيير المعتقد الدينى. ولن أتجه إلى انتقاد ما حدث مثل الآخرين، من خلال الحديث عن نقاء الطبيب وأدب اللاعب، ولا ترديد القول الشائع أن الإسلام لن يزيد والمسيحية لن تنقص، والعكس صحيح، بخروج شخص منها، أو دخوله فيها. ولكنى أتساءل عن الإجراء القانونى الذى لم يُتخذ، وكأن المسألة عبارة عن مباراة إلكترونية، يسعى كل طرف إلى تسجيل هدف فى شباك الآخر؟

هناك العديد من القضايا، التى يقبع أصحابها فى السجن، بتهمة إشاعة أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، هذا فى السياسة، رغم أن هناك مطالبات بالإفراج عن كل من حُبس بسبب التعبير عن رأيه، ولم يرتكب عنفا، وهو مسار نقاش فى الحوار الوطنى، ولكن لماذا لا ينسحب هذا الاتهام على من قاموا بافتعال أخبار كاذبة، ونشر شائعات، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى فى حالة كل من الدكتور مجدى يعقوب واللاعب محمد صلاح، بصرف النظر عمن أطلق الرصاصة الأولى، ومن رد عليه، النتيجة واحدة. وفى الحالتين يسهل على الجهات المعنية تتبع من أطلق الشائعة، والوصول إليه، مثلما يحدث فى مناسبات عديدة.

من الخطورة ترك الشأن الدينى نهبا للشائعات، والطعن فى المعتقدات، وإساءة التعبير عن الآخر الدينى، لأن ذلك يؤدى إلى تغذية مناخ طائفى نود التخلص منه، وإذا زاد، وتراكم، ينذر بانفجار مع أول عود ثقاب. فالمساجلات الدينية ليست مجالا للإلهاء، ولا متنفسا غير طبيعى للناس، لأنها إذا زادت وتيرتها، وتنامت، تنضح كراهية فى سلوكيات ومواقف ومشاحنات، بما لا نستطيع إيقافه، أو الحد منه. من هنا فإن السوشيال ميديا ستظل أحد المجالات التى يمكن من خلالها النظر فى منسوب التسامح فى المجتمع، وهى باتت الأكثر قربا من الناس، والأكثر تعبيرا عن اتجاهاتهم ومشاعرهم دون تدخل من أجل الضبط والتهذيب.
نقلا عن الشروق