قال مصرفيون تحدث إليهم مصراوي، إن مواصلة وزارة المالية رفع سعر العائد على أذون الخزانة يأتي تحت ضغط حاجتها إلى سيولة مرتفعة لسد عجز لموازنة وتمويل مصروفاتها وضغوط المستثمرين بطلب أسعار فائدة مرتفعة.
وخلال آخر شهر ونصف رفعت وزارة المالية سعر العائد على أذون الخزانة بنحو 3% ليتجاوز 28% لأول مرة منذ 5 أشهر من تحرير سعر الصرف في مارس الماضي وسط ضغوط زيادة عبء الفائدة المرتفعة على خدمة الدين ورفض المستثمرين شراء أذون خزانة بسعر فائدة منخفض.
وتستهدف المالية خفض الدين العام إلى 88.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري 2024-2025 على أن يصل إلى 80% بنهاية يونيو 2027، بهدف تقليل الدين على الموازنة العامة للدولة.
عرض وطلب
قال محمود نجلة المدير التنفيذي لأسواق الدخل والنقد الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، إن أذون الخزانة تخضع دائما إلى سياسة العرض والطلب بين المستثمرين ووزارة المالية وبسبب حاجة الطرف الثاني للسيولة بشكل دائم قامت برفع سعر العائد على الأذون.
كانت وزارة المالية رفعت سعر الفائدة 6% لتصل إلى نحو 32% في مارس الماضي تماشيا مع نفس زيادة البنك المركزي، ولكن قامت بخفض الفائدة بنفس نسبة الزيادة بشكل سريع خلال أول أسبوعين فقط من تعويم الجنيه وسط عدم حاجتها إلى سيولة، وزيادة عبء الفائدة.
وأوضح نجلة أن المالية توافق على رفع سعر العائد على أذون الخزانة ذات الأجل الأقصر 3 و6 أشهر وذلك لقناعتها بقرب البنك المركزي المصري بخفض سعر العائد قريبا مع حلول 2025 وبالتالي لا يوجد ما يدفعها لرفع سعر العائد على الأجل الأطول 9 أشهر والسنة.
وأذون خزانة تعد أحد الأدوات المالية لجذب سيولة لسد عجز الموازنة وهي مأخوذ بها في كافة دول العالم، ويتولى المركزي بالنيابة عن وزارة المالية طرح أذون الخزانة بشكل دوري أسبوعيا لأجل 3 أشهر و6 أشهر و9 أشهر وسنة.
بدائل أخرى أمام المستثمرين
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفي، إن المالية رفعت سعر العائد بعد أن أصبح أمام البنوك- أهم مستثمر في أدوات الدين الحكومية- مصدرا آخر لاستثمار فائض السيولة لديها وهي الوديعة الأسبوعية ذات العائد الثابت بالبنك المركزي بسعر فائدة أفضل من العائد المقدم على أذون الخزانة.
وأوضح أن البنوك تحصل على عائد 27.75% من استثمارها في الوديعة الأسبوعية للعائد الثابت لدى المركزي فيما يتم خصم 20% ضريبة من إجمالي العائد على أذون الخزانة ليكون الصافي نحو 22% إلى 23% بما يفسر عدم جاذبية الاستثمار في أذون الخزانة، وإضطرار المالية لرفع الفائدة.
وتعد الوديعة الأسبوعية لدى البنك المركزي إحدى الأدوات المالية الجاذبة للبنوك لتوظيف فائض السيولة فيها بعد تراجع أسعار العائد على أذون الخزانة، وقبول المركزي كافة السيولة المقدمة بدلا من نظام التخصيص الذي كان سائدا قبل 4 أشهر.
ومن ناحية أخرى الوديعة الأسبوعية تعد إحدى أدوات البنك المركزي للسيطرة على الضغوط التضخمية، وإمتصاص فائض السيولة.
إغراء المستثمرين
وأوضح محمد بدرة أن رفع المالية للفائدة يساعد على إعادة تجديد المستثمرين المحليين والأجانب استثماراتهم في أذون الخزانة عندما يحين أجل الأستحقاق بدلا من سحبها وإضطرار المالية إلى توفير سيولة في وقت تعاني منه من عجز الموازنة.
وقالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية، إن رفع المالية للعائد يساعد على إغراء المستثمرين الأجانب بإبقاء استثماراتهم في أدوات الدين للحصول على عائد مجزي والحد من خروجها، وسط زيادة التكهنات بخفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة على الدولار.
كان يوم الاثنين الماضي شهد خروج قوي للأجانب من أذون الخزانة المصرية بما أدى إلى زيادة مرونة تحرك الدولار وارتفاعه مقابل الجنيه بفعل مخاوف تصاعد التوترات بالمنطقة بين إسرائيل وإيران.
وأضافت الدماطي أن رفع العائد على أذون الخزانة يساعد في تقاربه مع سعر العائد المطبق على كوريدور لدى البنك المركزي.
ولا يزال العائد على أذون الخزانة أقل بنحو 5% عن العائد لدى البنك المركزي بما يستلزم مواصلة المالية رفع الفائدة، وفق ما قالته الدماطي.
كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة 19% خلال آخر عامين ونصف منها 6% دفعة واحدة في مارس الماضي ليصل العائد لديه إلى مستوى تاريخي 27.25% للإيداع و27.75% للائتمان والخصم و28.25% للإقراض بهدف إمتصاص الضغوط التضخمية الناجمة من تحرير سعر الصرف.