ياسر أيوب
هناك مثل فرنسى يقول إن الدموع فى أعيننا هى الكلمات التى لم نستطع قولها بألسنتنا.. وإذا كان ذلك صحيحًا.. وأظنه صحيحًا.. فإنه كثير جدًّا هو الكلام الذى لم تستطع سارة سمير أن تقوله إلا بدموعها.. دموع صرخت فى أشد أوقات سارة عذابًا ومرارة ودموع أخرى رقصت فى أكثر أوقاتها فرحًا وكبرياء.. فلم تعرف الرياضة المصرية بطلة عاشت وعانت وعرفت ما واجهته سارة من مظالم وتجاهل ونسيان رغم ما حققته من نجاحات وبطولات وميداليات.. ففى مارس ٢٠٢١.. كتبت سارة على صفحتها الشخصية تشكو ظروفها وأحوالها، لكن الأشد مرارة كان أنها ظلت فى بيتها سنة ونصف السنة لا يسأل عنها أحد أو يرد على مكالماتها الكثيرة المتكررة أو على استعداد لاستقبالها وسماعها.. ولم تكن سارة وقتها مجرد لاعبة عادية وفاشلة يمكن تجاهلها والهرب منها.. إنما كانت صاحبة الميدالية البرونزية فى رفع الأثقال فى دورة ريو دى جانيرو الأوليمبية ٢٠١٦. وتسلمت ميداليتها كأول لاعبة مصرية تقف على منصة التتويج الأوليمبى رغم أن عبير عبدالرحمن فازت بميدالية فى بكين ٢٠٠٨، لكنها تسلمت ميداليتها بعد سنوات حين تم سحب ميداليات بطلات ثبت تعاطيهن المنشطات..
وفازت سارة بعد دورة ريو بعام واحد ببطولة العالم فى الولايات المتحدة لتصبح أول لاعبة مصرية تجمع بين الميدالية الأوليمبية وبطولات العالم وإفريقيا والبحر المتوسط.. وتخيلت سارة بعد كل ذلك أنه يصعب تجاهلها ونسيانها، لكن التى اعتادت الفوز على بطلات العالم خسرت معركتها مع مسؤولى الرياضة فى مصر.. وقبل نهاية ٢٠٢١.. كانت سارة مع موعد جديد مع موسم الدموع الأشد مرارة.. فلم تتمكن سارة وزملاؤها فى رفع الأثقال من المشاركة فى دورة طوكيو لأن هناك مجرمين وفاسدين ومهملين تسببوا فى الإيقاف الدولى والأوليمبى للأثقال المصرية.. وكانت أرقام سارة وقتها أعلى من الفائزة بذهب طوكيو.. ورغم الحزن والبكاء.. عادت سارة لتفوز ببطولة العالم فى كولومبيا ٢٠٢٢ ثم بطولة العالم فى السعودية ٢٠٢٣.. ثم سافرت إلى باريس تريد الذهب، لكنها فازت بالفضة وعادت تبكى من جديد بدموع امتزج فيها ملح الحزن بحلاوة الفرحة.. وهناك عبارة شهيرة للنجمة الإيطالية صوفيا لورين قالت فيها إن العيون التى لم تعرف الدموع لا يمكن أن تكون جميلة.. ولم تكتسب سارة من دموعها فقط جمال عينيها إنما جمال روحها وأخلاقها وأحلامها أيضًا.. وقصدت بذلك أننا غالبًا لا نشاهد أى بطلة أو بطل إلا فى لحظة انتصار أو انكسار دون أن نعرف حجم المعاناة والعذاب قبل هذه اللحظة.. لحظة يظهر فيها الجميع عند الانتصار، ويختفون تمامًا وقت الانكسار.
نقلا عن المصرى اليوم