حتى قبل أن يجدد الهجوم الصاروخي المميت وجولة الاغتيالات المخاوف من نشوب حرب أوسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أثبت الصراع المستمر والمحتدم بين إسرائيل ومسلحي حزب الله في لبنان أنه مدمر.

 
منذ ما يقرب من عام، وتحديدا منذ أكثر من 10 شهور، كان الجانبان، أي إسرائيل وحزب الله، يختاران هجماتهما المتبادلة بعناية لتجنب صراع أكبر، غير أن تبادل إطلاق النار شبه اليومي تزايد وشمل مساحات أكبر.
 
وتوضح صور الأقمار الصناعية مدى عمق الخسائر على جانبي الحدود، وتشكل بلدة عيتا الشعب اللبنانية مثالا صارخا للأضرار والدمار الناجم عن الهجمات المتبادلة بين القوات الإسرائيلية ومسلحي حزب الله اللبناني، بحسب التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
 
ورغم أن القوات الإسرائيلية ومسلحو حزب الله، الذين تدعمهم إيران، يتبادلون، منذ سنوات وبشكل متقطع عمليات القصف، فإن الصراع اشتد في أكتوبر الماضي بعد أن شنت حركة حماس هجوما على مستوطنات غلاف غزة وردت إسرائيل على الهجوم بعملية برية واسعة النطاق مستمرة منذ أكثر من 10 شهور.
 
وفي القتال عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله، كان الدمار الهيكلي الأكثر انتشاراً في لبنان، حيث تضررت أو دمرت آلاف المباني. لقد تجاوزت آلاف الهجمات الإسرائيلية منذ أكتوبر عدد هجمات حزب الله على إسرائيل، وفقًا للبيانات التي جمعها مشروع بيانات موقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث، وهي منظمة غير ربحية تدرس الصراعات العالمية.
 
وقد تضرر حوالي ربع المباني في بعض القرى، وفقًا لتحليل بيانات الأقمار الصناعية الذي أجراه كوري شير من مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك.
 
وأدت الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي في لبنان إلى مقتل ما يقرب من 500 شخص، 100 منهم على الأقل من المدنيين، وفقًا للأمم المتحدة ووزارة الصحة اللبنانية.
 
وأطلق حزب الله 7500 صاروخ وقذيفة وطائرة مسيرة منذ أكتوبر 2023، وفقا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، مما أسفر عن مقتل 43 شخصا في إسرائيل، أكثر من نصفهم من المدنيين، وإشعال النيران في مساحات من الأراضي الزراعية. وشهد شمال إسرائيل أكثر من 700 حريق غابات، وفقا لمكتب رئيس الوزراء، الذي ألقت إسرائيل باللوم فيه على هجمات حزب الله.
 
 وتُظهر صور الأقمار الصناعية هذه ما حدث لمساحات واسعة من الأحراش الجافة المحيطة بكيبوتس المالكية بعد اشتعاله.
 
وليست إسرائيل وحدها هي التي تحترق، إذ تسببت عملية القصف المتبادل في حرائق كبيرة على جانبي الحدود، ويخشى الكثيرون من أنها قد تتسبب في أضرار طويلة الأمد للأراضي التي تلعب دورًا مهمًا في إنتاج الغذاء.
 
ويمكن القول إن العديد من القرى القريبة من الحدود على الجانبين أصبحت مدن أشباح، حيث نزح ما يقرب من 60 ألف شخص في شمال إسرائيل و100 ألف شخص في جنوب لبنان بسبب القتال على طول الحدود منذ أكتوبر الماضي، دون جدول زمني واضح للعودة إلى ديارهم.
 
والآن، هناك خوف من أن ينتشر الصراع نفسه، مثل حرائق الغابات. وفي الأسابيع الثلاثة الماضية، تصاعدت الهجمات، مما يهدد بحرب إقليمية أكبر.
 
وفي يوليو، أدى صاروخ أطلق من لبنان إلى مقتل 12 مدنياً في بلدة تقع في هضبة الجولان المحتلة التي تسيطر عليها إسرائيل. وكان هذا الهجوم الأكثر دموية على الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل منذ هجمات 7 أكتوبر التي قادتها حماس.
 
وردت إسرائيل بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، مما أسفر عن مقتل قيادي في حزب الله و5 مدنيين، بحسب السلطات اللبنانية. وبعد ساعات اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية. وتعهد كل من حزب الله وإيران بالانتقام.
 
 وتعتبر البلدات الحدودية اللبنانية مع إسرائيل، والتي تتكون بشكل رئيسي من المسلمين الشيعة، معقلاً لدعم حزب الله. ولكن هناك أيضًا جيوب مسيحية ومسلمة سنية.
 
وكانت بعض تلك البلدات الحدودية التي تحملت قدراً كبيراً من الدمار في الهجمات الحالية مسرحاً لقتال بري عنيف في عام 2006، عندما خاضت إسرائيل ولبنان حربهما الأخيرة.
 
والآن، مع تصاعد الأعمال العدائية، يريد بعض الإسرائيليين أن تقوم بلادهم بغزو واسع النطاق مرة أخرى، لكن يخشى آخرون أن يكون الرد الشامل من جانب حزب الله مدمراً.
 
وتعتبر ترسانة المسلحين من الصواريخ المتطورة الموجهة بدقة قادرة على ضرب المدن في جميع أنحاء إسرائيل، إلى جانب البنية التحتية الحيوية مثل محطات الطاقة والموانئ.
 
والقادة العسكريون الإسرائيليون لديهم مخاوفهم الخاصة، فهم ما زالوا يخوضون حرباً كبرى واحدة، ضد حماس في غزة، ولا يستمتعون باحتمال خوض حرب أخرى.
 
ومع تضاؤل مخزونات الذخيرة ، فمن غير الواضح مدى شدة المعركة التي يمكن أن يخوضها الجيش الإسرائيلي في لبنان.