القمص اثناسيوس فهمي جورج
منذ ولادتها ولدت لأبوين عاقرين هما يواقيم البار وحنة ،وكانا قد نذرا مولودهما للهيكل ،قبل الولادة وربما كانا يتمنيا ولدا ذكرا ليحمل اسم الاب كعادة اهل الشرق ،لكنها قدمت انثي ولكونهما نذراها ،فقد سكنت الهيكل ليكون بيتها الاول والوحيد مع النذيرين ،وعندما كبرت وبلغت التغيرات الفسيولوجية تبدو عليها ،وقعت القرعة علي يوسف الشيخ البار لياخذها الي بيته ،خاصة بعد انتقال والديها المتقدمين في السن عند بلوغها الاثني عشر من عمرها ...ومنذ ذلك الحين والي ان أتتها البشارة بالحبل الالهي وعلاماتها ،التي تلازمت مع الشك والريبة بالأمها النفسية والجسدية ،حيث راحت مريم الفقيرة النذيرة تتحمل الام امومتها الالهية  منذ البشارة و ماصاحب ذلك من شك عند يوسف البار الذي اراد تخليتها سرا  ، 
 
ورحلة ولادتها لابنها في بيت الناصرة لا كسائر الامهات اللائي يستعدن لولادة اولادهن ،لكنها تكبدت مشاق السفر المضني من الناصرة الي بيت لحم لتكتب المولود في اكتتاب الاحصاء العام ،ولكي يظهر المسيح في مكان مجد يهوه ،وفي بيت ابيه ونسبه لذرية داود الملك حيث اتتها الام  المخاص ولم يكن لها موضع سوي مزود المغارة ،التي تحولت الي سماء ونجوم وتسبيح وسجود وهدايا وملائكة وهتافات علوية بمجد الأعالي وسلام الارض و مسرة الناس ،حيث عظمة العلي قد\\
 
\\حولت الارض سماء وجعلت المغارة لاتقترب ،لان النور اشرق ومحا الظلام والغني حل عوض الفقر والقحط ،وفي الموضع ولد راعي الحملان الناطقة الذي اتي ليحول بهيميتها الي انسانية الخليقة الجديدة . ثم سمع صراخ الرامة ومخاوف مجزرة اطفال بيت لحم وعويل وصوت الانين ،علي هؤلاء الذين فدوا بشهادة دمهم الطفل المولود وماتبع ذلك من هروب والام نفي وتشريد ومشاقات تكبدتها مريم العذراء ،وحتي رجوعها في عودتها وسط الاتعاب ،التي استمرت عند بحثها عن الصبي في الهيكل وحنق الكتبة والفريسين عليه ،الي يوم القبض والمحاكمة والصلب والتكفين والدفن ثم استضافتها في بيت يوحنا الحبيب ،وسط رحلة الام ودموع بقدر ماسال من دم جراحاته الشافية المشفية . قبلت الالام وخضعت للناموس وصعدت الي الهيكل لتقدمه الي بيت ابيه وهي عالمة انه ابن العلي وانه هو رب الهيكل وبانيه ،وانه هو كلمة الله ذبيحة العالم كله ،قدمته بامومتها المسيانية كصعيدة الصعائد وكمحرر للعالم من اسر ابليس المنجوس ،لكنها ومع ذلك خضعت للشريعة وفي فقرها قدمت فرخي الحمام،
 
بيقين ان ابنها هو مكمل الناموس ،وهو العلامة الوحيدة الحية للخلاص الفصحي علي الصليب ..قدمته مما له علي كل حال ومن اجل كل حال وفي كل حال ،وهو وحده ملئها وتقدمتها الممكنة والمقبولة ابديا ،غفرانا للخطايا ونور مجد الامم وعزاء خلاص الشعوب .،،،،لكنه في الوقت عينه هو العبد المتألم الذي تمجد بالالام ،وبذل ظهره لسياط الضاربين وخده للناتفين وترك وجهه للبصاق والتعيير ،حتي ان صورته لم تكن لتنظر ولم يكن له بهاء منظر ،مزدري ومرزول وهو رجل اوجاع ومختنر حزن ( اش ) لذلك وبذلك جاز السيف الطويل المخيف romphaia عبر حياتها كلها ،في فقر وشك ومخاض الولادة   والالام المطاردة والقبض  ووجع وعري وجلد وهزئ وشوك ومسامير وصلب ودموع ،حتي وجع المعصرة والجلجثة ....وهالكنيسة علي مثال العذراء مريم تتالم حتي اليوم ،وتسجل كل يوم رحلة صليب العبد المتالم والقائم من الاموات ،في شركة الطريق ،لانها لاتعرف شيئا الا يسوع المسيح واياها مصلوبا ،وتتمم في جسدها ( اعضائها ) مانقص كمطابقة المثيل لمثيله ،فياعذراء ياام العبد المتالم اشفعي عن خلاص العالم وكرازة الله في الشعوب واشفعي في المشردين والمضطهدين والمنفيين والمنحورين في عالمنا ، لان شفاعتك قوية ومقبولة وقد غيرت الازمنة في قانا الجليل فغيري الازمنة ياقوية في الحروب ومعدن الجود والبركات.