(من رواد مدارس احد اسكندرية)
Ⲛⲓϣⲟⲣⲡ ‘ⲛⲥⲁϧ ‘ⲛϯⲁⲛⲍⲏⲃ ‘ⲙⲠⲓⲟⲩⲁⲓ ϧⲉⲛ ϯⲛⲓϣϯ ‘ⲛⲃⲁⲕⲓ Ⲣⲁⲕⲟϯ...
القمص اثناسيوس فهمي حورج
لمدينة الإسكندرية تاريخ ناري فى الغيرة الإلهية على مدى الأجيال المتعاقبة ، وقد استمرت كمركز اشعاع كرازي لخدمة مستنيرة ومنيرة في إيقاظ الحس والإدراك لدوائر واسعة من حولها بالامتداد .
للإسكندرية تاريخ عطري ونوراني في بشارة الكلمة والتعليم ، طَبَعَ ملامحه على مدارس الأحد فيها ، لتصير مدرسة للروحانية الأرثوذكسية واللاهوت ؛ منذ بدايات مدرستها القدسية الأولى .. ومنهجاً للأخلاق والسلوك الإنجيلي ، فكراً ومنهجاً وتلمذة آبائية واحدة ، وممارسة لحياة الأسرار والذبيحة الواحدة نفسها .
لذلك نفخر أننا رأينا وعاصرنا تقوى الخدام وقداسة سيرتهم وعمق معرفتهم الاختبارية ، وحفظهم لجدة الإيمان العامل ؛ الذي عبروا به عن مسارهم ومسيرتهم من ( أورشليم المخدع - الي أورشليم النفس - ومنها الي أورشليم المحيط الخاص ) .
فأنتجت مدارس الأحد السكندرية ايضا للكنيسة ثمارًا من أفخر الثمار ؛ والذين من بينهم القمص موسى البسيط "المتنيح أنبا أندراوس أسقف دمياط" ، صاحب الهمّة والغيرة التي دفعته أن يذهب إلى ضواحي الإسكندرية لخدمتها ؛ بأُفُق متسع وبالتحلي بمواهب الروح القدس ؛ التي انطبعت على وجهه الملائكي ، الذي كان كل من يتطلع إليه وهو في الجسد ؛ يرى فيه إطلالة وجه المسيح في الوجود التاريخي ؛ ويستمع الي صوته الروحاني العذب ؛ وهو منشدا نشيد الابدية بالافراح التي ارتسمت علي وجه ؛ وطعام الحق خارج من فيه ؛ وشرابه الروح الذي يعطيه ؛ ونسيمه رائحة التقديس التي اغنته عن كل عوز خارج عنه ... تاركا لكراسات خطية مكتوبة ؛ كتب فيها التسبحة بقيثارة قلبه العفيف ؛ وحنجرته ذات الاوتار ؛ عارفا مايقوله ؛ ومزينا بالبهجة المثلثة الطوبي ؛ احلي من العسل في حضرة مليكنا ؛ الذي دعاه لملكوته وقصر عنه لكي يستريح . لذلك سبق وشهد له قدامي الخدام بعد رقاده ؛ انه تدرب علي روح السفر والترك ؛ روح العبور والغربة ؛ روح الانتقال والارتحال ؛ للاستعداد المبكر للرحيل .
كان خادمًا نابغة ؛ عاش التقليد الكنسي ، وذهب إلى القرى البعيدة ، مكرساً حياته علي مذبح البتولية الطاهر في نذر الرهبنة ؛ من دون أي تغيير أو استحداث زمني متغير ، حتى صار ناسكاً وراهباً أسقفاً في الكنيسة الفاخرة ، وثمرة ناضجة أينعت في حقل مدارس الأحد . لتعد أجيالاً واعدة ؛ أساقفة وكهنة ورهبان وخدام وأراخنة ومؤمنين ؛ جميعهم متعلمين من الله . هؤلاء الرواد صاروا علامات على الطريق ؛ جعلوا القديم جديداً ؛ والماضي أصبح حاضراً بقوة التجديد والإحياء والنمو ؛ لأنهم ربيع دائم لا ينطفئ سراجه .
وُلد نبيه عزيز موسى فى ١٩٣٠/٤/١٠م وخدم في مدارس الأحد منذ عام ١٩٤٥م -تخرج من كلية هندسة ( جامعة الاسكندرية ) سنة ١٩٥٢ ؛ ثم ترهبن عام ١٩٥٥م بإسم الراهب موسى السريانى البسيط - عُين سكرتيراً للبابا كيرلس السادس عام ١٩٦٠م - رُسم أسقفاً عام ١٩٦٩م ، خدم في اجتماع الشباب الخاص بالإسكندرية عام ١٩٤٧م بكنيسة العذراء محرم بك ، والدُهُ المهندس عزيز وإخوته القمص رويس عزيز والقمص انطونيوس عزيز ..( بمطرانية البحيرة ).
اهتم بفروع مدارس الأحد في منطقة غيط العنب وكرموز وكوم الدكة ؛ وزامله في خدمتها د. بهجت عطالله والخادم جلال فوزي ؛ حتى صار أميناً لخدمتها . تخرَّج من كلية هندسة الإسكندرية عام ١٩٥٨م ، صمم نافورة مياه باب شرقي بالإسكندرية ونفذها ونال عنها مكافأة قدرها ٣٠جنيهاً.
عاش راهباً وظل راهباً ومتوحدًا يعيش في سيرة ملائكية مُفعمة بالمحبة والتسامح والمصالحة ؛ متمسكًا بما عنده حتى صار الشبه الإلهي يلمع ويضيء في أفعاله ؛ وبقيت سيرة خدمته تشع بنورها ؛ يسير على نسجها الغروس الجدد ؛ ويكون المزكّون ظاهرين .
كتب رسالة لخادم صديق له يقول فيها : "لا أحب أن أتدخل في مشاكل أنأى بنفسي عنها ؛ لأن خدمة المسيح فرح وسلام... أسكبُ نفسى أمام الله كي يحل فيَّ الهدوء ، ويُبعد عن خدمة أولاده كل شر ، ولا يسمح أن نضيع وقتنا ؛ فيصبح الجو غير الجو . هذه الخدمة تكونت بالعرق والتعب ؛ وعصرت الخدام فيها التجارب وأكلوا خبز الوجع ، لذلك لازم نتعلم أن تغيب الشمس ويغيب معها شر اليوم ؛ لنستيقظ على توبة وفرح ورجاء لا يُخزى " . --- ان حياته ترجمه لحياة وفكر وتلمذه خدام التربية الكنيسة الاولين ، الذين سلكوا بالروح الوحدانية وتاصيل المحبة والابتعاد عن تيارات التحزب والمجادلة والدمدمة ، حتي يخمدوا الثرثرة والشخصنة التي عطلت النماء في حقول الكرم حيثما وجدت واينما وجدت .
انتقل أبا أندراوس الأسقف البسيط تلميذ وخادم مدارس الاحد إلى المجد في غروب يوم ٤/ ٨ / ١٩٧٢ عن عمر ٤٢سنة ،واحدثت نياحته - ( اختطافه بغتة ) - ؛ اثرا عميقا في قلوب الشعب الذين يذكرونه ؛ بالذكر الحسن كخادم امين وبسيط ؛ مغمور بمحبة الله وقد رؤا فيه وداعة المسيح وهدوئه .. يذكرون سيرته كناسك من طراز نادر في وادي الريان ؛ وكراهب وسكرتير للقديس البابا كيرلس السادس .وكراعي يجتاز في المدن والقري متجولا في براري بلقاس ودمياط وكفر الشيخ ؛ ليخدم حتي وقت اصابته بالحمي الشديدة التي سبقت خروج نفسه من جسده .ولأنه ليس عند الله ما هو من قبيل الصدفة ، فقد انطبق عليه ما جاء في سفر الحكمة لسليمان الحكيم "أما الصديق فإنه وإن تعجَّله الموتُ يستتر في الراحة"..هذا وقد وضع جسده في مدفن الاساقفة بدير الشهيدة العفيفة دميانة بالبراري . ؛ نيح الله نفسه الطاهرة ونفعنا بصلواته وبركة سيرته .