القمص أثناسيوس فهمي جورج
نشأت المعاهد اللاهوتية و الكلية الإكليريكية في العصر الحديث، وأهتم رُوادها الأوائل بأن تكون رسالتها على مستوى العصر في مواجهة الإرساليات الطائفية في ذلك الزمان. لذلك استخدمت أساليب عصرية مناسبة في منهج التعليم والتدريس، محافظة على مضمون التقليد، وانتقلت من مهمشة إلى منطقة الأنبا رويس ، واتسع الاهتمام جغرافيا وزمنيا من اجل التكوين والتلمذه الكنسية ، وامانة التسليم ، ومن اجل مواجهة التحدي الايماني الارثوذكسي ، بالحوار dialog ، والشرح والاقناع في عمل كامل ، لتدريس لا دارسين فقط بل قديسين عارفين كارزين بملكوت المسيح المخلص .
وقاد التدريس فيها باقة من أساتذة الجامعات الأكاديميين والعلماء الكنسيين من أمثال:الارشيدياكون حبيب جرجس، القمص فيلوثاؤس ابراهيم ، المعلم ميخائيل البتانوني ، يسّىَ عبدالمسيح، بقطر شحاتة، زاهر رياض، د.عزيز سوريال، د. وهيب جورجي، د. شاكر باسيليوس، د. وهيب عطاالله ( انبا اغريغوريوس ) ، د.أنتوني سوريال، يوسف منقريوس ، د. سليمان نسيم ، المؤرخة ايريس حبيب المصري ، المؤرخ يوسف حبيب ، د. موريس تواضروس ، د. جودت جبره ، د. رشدي حنا عبد السيد ، د. فلورا عبد الملك ، المستشار عوني برسوم ، نيافة الأنبا ديسقوروس ( اسقف المنوفية ) ، إميل ماهر ( القس شنودة ) ، قداسة البابا انبا شنودة الثالث ، نيافة الانبا باسيليوس ( مطران القدس ) ، نيافة الانبا اثناسيوس (مطران بني سويف ) ، نيافة الانبا يؤانس (اسقف الغربية ) ، نيافة الأنبا بيمن (اسقف ملوي ) ، نيافة الأنبا صموئيل ( اسقف الخدمات ) ، القمص مرقس داود ، القمص بيشوي كامل ، القمص تادرس يعقوب ؛ القس منسي يوحنا ؛ الارشيدياكون .د. رشدي واصف ، الارشيدياكون رمسيس نجيب ، القمص صليب سوريال ؛ دكتور صموئيل قرمان ؛ دكتور رسمي عبد الملك … فطوروا العمل والعلم اللاهوتي ليصير شهادة للحق غير المتغير عن المسيح في العالم الحديث؛ وبلُغة العصر. ( هنا والان ) .
إلتزمت معاهد كنيستنا القبطية بالمنهج الآبائي الكنسي ، وبروح ونهج التقليد الأكاديمي الجاد والمنظم؛ كي توفر دراسة لاهوتية بمستوى أكاديمي علمي، علمًا لاهوتيًا فعالاً يمجد الله؛ لأن اللاهوتي الحق هو الذي يصلي ويشهد لله.. فاللاهوت الحقيقي معرفة اختبار حقيقي في المسيح يسوع، تصل إلى فهم وإدراك الله، وهي قائمة على( العشرة والخبرة الحياتية ) الشركة في الله حسب قانون الكنيسة؛ لأن اللاهوت ليس نظرة عابرة على التعاليم، إنما هو تذوق داخلي لأسرار الله.. لذلك اعتبرت مدرسة الإسكندرية اللاهوتية أن دراسة اللاهوت عبارة عن روح تُنقَل ومعرفة تسلَّم؛ عبر تعليم منهجي يخاطب القلب والعقل، بإيمان واقتناع، فعمدوا الفلسفة والثقافات وجعلوها مدخلاً وأرضية وقماشة مكونة للثقافة المسيحية؛ بتزويج الإيمان للفلسفة بعد توظيفه كحُلِيّ للعقل.
لم تستخفّ مدرسة الإسكندرية اللاهوتية بالأيدلوجيات المحيطة ولم تحتقرها لكن تفاعلت معها ، لذلك صارت عقل المسيحية وأول كرسي للتعليم المسيحي؛ حيث أتى اليها كثيرون طلبًا للاستنارة؛ باعتبارها أفضل نظام تعليمي مسيحي قائم في ذاك الزمان؛ يقدم دراسة موسوعية شاملة، لا يفصل بين الدراسة والحياة التقوية، ويهتم بالبحث العلمي وتقديم المشورة والمناقشات؛ عبر التلمذة والعلاقة الشخصية بين المعلمين والتلاميذ.
لذلك ترى المعاهد اللاهوتية القبطية أن الاجتهاد اللاهوتي هام وحيوي للكنيسة، فبدون التدقيق اللاهوتي والنمو الدراسي الرصين ، لا تكون الكنيسة قادرة على تكميل مهامها الدفاعية و الكرازية والرعوية، فالاجتهاد يحفظ شخصيتها وينمي مضمون إرساليتها ويدفعها للامتداد والتقدم المستمر إلى ما هو قدام.. الاجتهاد اللاهوتي وحفظ التقليد ، يضبط ويقيِّم ويحكم استمرارية حياة مؤسسات الكنيسة قبالة التيارات والشطحات والهرطقات والضغوطات والأيدلوجيات المحيطة؛ لإثراء رسالتها وغايتها ووعيها ووجودها ودورها المسكوني على مسرح التاريخ، بالفهم والدفاع والتقييم والشرح والتجديد، فلا تستهويها الأفكار الغريبة ولا تذبل من الجمود، دائمة الشباب؛ متجددة بإكتشاف الأعماق والشروحات الإيمانية والعقيدية، ومداومة ذوقها وتقديم غناها خلال المناهج الأكاديمية ، المقنعة للعقل والمشبعة للقلب . وجميعنا نتطلع واقفين علي المراصد نرقب ونرصد بانسكاب ، خاضعين لصوت الروح ومايقوله لكنيستنا القبطية الرسولية الفاخرة ، لننقشه في قلوبنا وندونه علي الواح قلوبنا .. ونركض الي رؤية متجددة ستاتي اتيانا ولا تتاخر ( حبقوق ٢ : ٣ ) ، لان اخرون تعبوا واسسوا وجاهدوا ودافعوا وحفظوا حتي النفي ، في صنعها وتسليمها . ونحن ندخل اليوم علي اعراقهم واتعابهم ضمن علامات زمان النهضة التي ننتظرها جديدة علي المراصد وعلي الحصن ، بكل غيرة ووفاء قبطي مدروس وموثق لبنيان المحبة والوحدة والمعرفة اللاهوتية .