أبونا دانيال عايد
سواء كانت تجسيدا للوحة "وليمة الآلهة " لـ  Jan Harmensz van BILJERT أو كانت استهزاءا بلوحة " العشاء الأخير " لـ Leonardo da Vinci .. فنحن داخل مستنقع ثقافة النشاذ المُقزز

هذه الثقافة التي باتت تهدم كل المعايير و الثوابت سواء الأخلاقية أو الدينية أو الحضارية أو الإنسانية وحتى الفنية.. ثقافة تعتمد على كل ما هو غير مألوف بل ومرفوض لِلفت الإنتباه وحصد نسب أعلى في المشاهدات وبالتالي سرعة اكثر في الانتشار ثم التعود عليها لتصبح هي معيار الجودة و تتحطم المعايير الحقيقية لأي شئ، مما يؤدي لمزيد من الزيف و النشاذ وثقافة الفوضى والهمجية والقبح .

ثقافة إبليسية بإمتياز لأن الله هو الجمال المطلق وخالق الجمال، أما القبح والزيف و الكذب وتزييف الحقيقة هي أدوات إبليس منذ البدء لتدمير الإنسانية.
هذا الفكر الذي بدأ يتسلل للحياة الإنسانية مع انحدار قيمة الإنسان لدى نفسه، وفقدان معنى الحياة، واستباحة وتقنين الإدمـ_انات المختلفة، ثم انهيار الأسرة وبالتالي إنهيار القيم و فقد الهوية الجنـ_سية، لكي نحصد ثقافة ليس لها لون ولا طعم ولا اتجاه .

وقد وجدت هذه الثقافة من يدعمها من المـ_ختلين فكريا و المـ_هووسين سلوكياً واصبحت تدر ملايين الدولارات على أصحابها من الجهلة و عباد الترند الفاضح... وعندما لم تجد من يقاومها ولا يشجبها تشوهت الفنون البصرية والسمعية وسادت ثقافة القبح و الفضيحة.

أرجو ألا نلوم أُناس فقدوا هوياتهم بل وعقولهم أحيانا ليكرزوا بما هو مريض ومختل .. فما نراه اليوم هو صورة فجة عن مستقبل مظلم أصبحت فيه "الحرية" مجرد كلمة تستعبد كل من يخالفها، وتقيد كل من يريد ان يتحرر منها، بل واصبحت مستبيحة حتى الإنسان نفسه .

هؤلاء يظنون انهم يقدمون فنًا و هو بالحقيقة هذيان إنهيار الحضارة الإنسانية الذي بات وشيكا جدا لان أرخص عنصر فيه أصبح " الانسان".

ونحن لسنا أفضل منهم حالا ولكننا فقط متأخرون في علانية الوضع فالقبح و الزيف ضارب في مجتمع فاسد، اصبح فيه الدين شكلاً و الأخلاق سِتار يخبو من تحتهما موت الضمير وقبح الذوق وزيف المعايير .

وأخيرا لخص أمير الشعراء ذلك المشهد قائلا :
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
و إذا أصيب القوم في أخلاقهم.
فأقم عليهم مأتما و عويلا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.