محرر الأقباط متحدون
استضاف بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا وفداً من هيئة "مساعدة الكنيسة المتألمة" قام بزيارة إلى الأرض المقدسة وشكر ضيوفه على الدعم الذي تقدمه الهيئة لصالح الكنيسة في المنطقة، مشجعا المسيحيين حول العالم على الصلاة معا والابتعاد عن السجال السياسي.
الوفد الكنسي زار الأرض المقدسة بهدف التعبير عن تضامنه مع الجماعات المسيحية المحلية وتقييم المشاريع الواجب تنفيذها من أجل مساعدة الكنيسة في المنطقة. حدث غبطته ضيوفه عن الاستقطاب الراهن لافتا إلى أن الاقتراب من الفلسطينيين يُشعر الإسرائيليين بالخيانة والعكس صحيح، كما أن المسيحيين في إسرائيل يفكرون بهجمات السابع من أكتوبر فيما المسيحيون الفلسطينيون يفكرون فقط بما يجري في غزة، وكل طرف يريد أن يحتكر المعاناة، كما قال.
تابع البطريرك بيتسابالا مؤكدا أن الوضع ليس سهلاً، لأن هناك كاثوليك إسرائيليين يخدمون في الجيش الإسرائيلي في القطاع، فيما يوجد كاثوليك في غزة يتعرضون للقصف. واعتبر أنه من الأهمية بمكان أن نتخلى في الوقت الراهن عن السياسة ونصلي معاً، لأن الجراح تنزف والوقت ليس ملائماً للحديث في السياسة. وأضاف أن الاعتراف بمعاناة الآخر ليس أمرا بسيطاً عندما يعاني المرء بدوره.
هذا ثم لفت غبطته إلى ضرورة ألا تنزلق الكنيسة إلى هذا الصراع، ولا يمكنها أن تكون جزءاً من الصدام السياسي والعسكري، بل يتعين عليها أن تكون بنّاءة اليوم مع أنه ليس من السهل أن نجد الوسيلة لذلك. ومما لا شك فيه أن البطريركية تبذل كل ما في وسعها من أجل مساعدة الجماعة المسيحية في غزة، لكن الأوضاع الراهنة جعلت هذه المهمة صعبة جدا، كما أن الواقع المتغيّر ميدانياً يحول دون وضع خطط على المدى البعيد.
وقال غبطته إنه من الصعب جداً أن نقوم بمشاريع من أجل مستقبل غزة، لكن ثمة أولويات، لافتا إلى أن المدارس دُمرت وبعضها تحولت إلى ملاجئ، وقد فقد الأطفال سنة دراسية، لذا تسعى البطريركية إلى توفير مكان يتعلمون فيه وإلى إيجاد المعلمين، وهي تتعاون مع ما تبقى من السلطة الوطنية.
مضى البطريرك بيتسابالا إلى القول إن ما يجري في القطاع ليس الأزمة الوحيدة في الأرض المقدسة، مشيرا إلى أن العالم يصب اهتمامه على غزة، حيث الوضع كارثي، وحيث تُرتكب جريمة بكل معنى الكلمة، لكن الوضع مأساوي أيضا في الضفة الغربية. وأوضح أن معظم المسيحيين هناك يعتمدون على القطاع السياحي، وقد فقدوا فرص العمل بسبب غياب الحجاج، كما أن الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل، سُحبت منهم الرخص اللازمة. وأشار إلى أن المنطقة تشهد اليوم أعلى مستويات من البطالة في تاريخها، التي وصلت إلى نسبة ثمانية وسبعين بالمائة، ويعاني منها المكون المسيحي بنوع خاص.
تابع غبطته حديثه للوفد الزائر لافتا إلى صعوبة العيش في القدس والأرض المقدسة عموماً، مع أنها أماكن رائعة، انطلقت منها المسيحية، لكن الوضع صعب خصوصا في ظل الحروب، وإزاء التحديات الكبيرة الراهنة. وشاء البطريرك بيتسابالا أن يعبر عن امتنانه لهيئة "مساعدة الكنيسة المتألمة" وجميع الأشخاص الخيرين الذين يتعاونون معها، على المساعدة المقدمة للكنيسة في الأرض المقدسة كي تبقى على قيد الحياة، وتواصل نشاطاتها الرعوية على الرغم من الأوضاع الطارئة، وهذه المساعدة تساهم في تمويل العديد من البرامج الرعوية وفي تثبيت إيمان الأشخاص.
وقال بطريرك القدس للاتين في ختام كلمته: إن هذا الدعم الذي تقدمه الهيئة يشكل مصدر بركة بالنسبة لنا، على غرار الدعم الذي تقدمه الكنيسة الجامعة إلى الكنيسة الأم في القدس.