«ظلال من الشك وشعور بالاستقطاب ومخاوف عميقة من كلا الجانبين»، هذا ما أشارت الصحافة العالمية إلى أنه قد يكون مؤثرا كبيرا على سير الاستفتاء على مشروع الدستور الذى بدأ مرحلته الأولى أمس السبت، ومن المقرر أن يبدأ مرحلته الثانية الأسبوع المقبل.
«الناخبون المصريون يدلون بأصواتهم تحت ظلال الشك فى حالة من الحزن».. هكذا علقت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية على بدء الاستفتاء على مسودة الدستور المثيرة للجدل. الصحيفة أضافت أن التصويت ربما يحل المأزق الذى جمد السياسة المصرية لثلاثة أسابيع.
وقالت «وول ستريت جورنال» إن التصويت بـ«نعم»، سيصيغ الدستور فى شكله النهائى، فى إصدار أكثر إسلامية مقارنة بالدستور الذى كان يحكم مصر منذ 1971. وأن التصويت بـ«لا» سيجبر مرسى على تشكيل جمعية تأسيسية جديدة والتوصل إلى حلول وسط فى ما يتعلق ببعض المواد الأكثر صرامة فى المسودة.
من جانبها قالت شبكة «إن بى سى» الأمريكية إنه من المتوقع أن يتم التصديق على المسودة، نظرا إلى سجل الإخوان المسلمين فى الفوز بالانتخابات منذ سقوط مبارك، فضلا عن أن كثيرا من المصريين الذين سئموا من الفوضى، ربما يرضخون ويصوتون بـ«نعم».
فى مقال لإيان بلاك، الكاتب المتخصص فى شؤون الشرق الأوسط بصحيفة «الجارديان» البريطانية، وصف مصر بالمتوترة والمستقطبة قبيل الاستفتاء على الدستور الجديد.
ونقلت الصحيفة البريطانية حوارا له مع محمد البلتاجى، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة: «للأسف نجحت الثورة المضادة فى خلق هذا الشعور بالاستقطاب».
أضاف البلتاجى لـ«الجارديان»: «الأمر لا يتعلق فقط بهؤلاء الذين لا يتفقون مع وجهة النظر الإسلامية، لكن بالفلول وبلطجيتهم المأجورين». متابعا القول: «لا أعتقد أن المشكلة تكمن فى محتويات الدستور أو فى الإعلانات الرئاسية، هذه محاولة لقلب الطاولة».
وحول تصريحاته بأن 60% من المتظاهرين عند قصر الاتحادية من الأقباط، قال البلتاجى: «أنا أقوم بذكر الحقائق فقط»، رافضا التطرق إلى الآثار المترتبة على تحديد المعارضين السياسيين وفقا لانتماءاتهم الدينية.
بلاك نقل أيضا عن دبلوماسى غربى رفض تسميته وصفه لمرسى: «براجماتى نفعى لدود يقوم بعدد من التقديرات الخاطئة والرهيبة، لكن لا ينبغى أن يتم تشويه صورته».
«الاستقطاب سيد الموقف»، هذا ما عبرت عنه صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فى تقريرها عن بدء التصويت على الاستفتاء على مشروع دستور البلاد الجديد، وقالت إنه قد يثير اضطرابات كبيرة بعد أسابيع من التبارز بين الإسلاميين والتيارات العلمانية.
ونقلت «واشنطن بوست» إنه «رغم الصباح البارد، كانت الطوابير الانتخابية منتظرة أمام اللجان منذ الثامنة صباحا، ولكنها لم تخل من سخونة المناقشات حول رفض أو تأييد الدستور».
ورصدت الصحيفة نقاشات حادة بين عدد من الناخبين، حيث كان ضابط جيش متقاعد (60 عاما) يصرخ قائلا (سأصوت بلا لأن هذا دستور سيعمق الانقسامات الطائفية.. لو تم إقرار هذا الدستور يجب أن لا نطلق على مرسى لقب الرئيس بعد ذلك يجب أن ندعوه بـ«الأمير»)، وهنا رد عليه بعنف رجل يعمل مدربا للكرة: «أنت لم تقرأ حتى الدستور! فلماذا تعترض؟! نحن سنصوت بـ(نعم) لأنها الأفضل للبلد حاليا».
وأشارت الصحيفة إلى أنها لا تعتقد أنه سوف يفعل أى شىء لرأب الانقسامات السياسية التى انفجرت فى الشارع الذى شهد صدامات دموية فى الأيام الأخيرة.
أما شبكة «إن بى آر» الأمريكية فأشارت إلى أن نسبة المشاركة كانت عالية فى مراكز الاقتراع بالقاهرة، وأكدت أن هذا يبدو دليلا على أن المصريين يريدون أن يدلوا برأيهم فى دستور بلدهم المثير للجدل.
وتابعت الشبكة الأمريكية قائلة إن الأزمة فى الدستور أن الحكومة الإسلامية تراه يوفر خارطة طريق تحتاج إليها البلاد كثيرا للخروج من الأزمة الحالية، بينما تعتقد المعارضة أنه سيجعل الإسلاميين يرسخون قواعد الدولة الدينية فى مصر. ورصدت «إن بى آر» بعض المشكلات التقنية التى عانى منها الناخبون، حيث توجه بعضهم لمركز الاقتراع، ولكن المشرفين قالوا لهم إن أسماءهم ليست فى تلك اللجان، ورأت الشبكة أنه علامة على الفوضى والعجلة التى تم بها تجهيز تلك الكشوف.
ونقلت الشبكة تصريحات عن لس كامبل رئيس المعهد الديمقراطى الأمريكى فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأخذ رأيه عن مشاركة مراقبين أجانب فى الاستفتاء لضمان نزاهته، وقال: «كنا نأمل أن تمشى الأمور كما حدث فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لكن الآن من الصعب أن نجد الأمور مستقلة ومحايدة، لقد تم التعجيل بالاستفتاء بصورة كبيرة جدا، وكان من المنطقى أن يتم تأجيله حتى يتم بصورة شفافة».
وتابع قائلا «كان لا ينبغى أن يتم الدفع بتلك المسودة من الدستور المشوشة والغامضة، التى يمكن أن يتم تعديلها بعد بضعة أشهر، إنها مجرد مسرحية للسلطة فى مصر كى تمسك بزمام الأمور، فهى تسير بالشعب فى المسار الخاطئ وستتسبب فى مرارة يشعر بها الجميع؛ لذا قررنا الانسحاب من هذا الاستفتاء». أما شبكة «بى بى سى» البريطانية فنقلت عن مراسليها أن الأجواء حتى الآن هادئة؛ رغم بعض المشاحنات الخفيفة بين المعارضين والمؤيدين للدستور فى الطوابير الانتخابية. مراسل الشبكة البريطانية جون لين، قال إن أزمة الاستفتاء على الدستور الحالى ليس فى أنه مجرد التصويت على مواد غامضة أو مختلف عليها، ولكنه بمثابة تحديد لهوية مصر إما دولة دينية إسلامية وإما مدنية علمانية.
ومن جانبها قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأمريكية إن الاستفتاء لن يغير من الواقع شيئا؛ لأن هناك قطاعا كبيرا يرى الدستور الحالى لا يكفل حقوق الأقليات والمرأة والطفل، ويعتقد كثير منهم أنه «ليس مناسبا لمصر التى هى فى الواقع دولة حديثة منذ أكثر من 210 أعوام».