حمدى رزق

Shall We Dance فيلم أمريكى إنتاج ٢٠٠٤، يحكى عن أب، محام ناجح، زوج سعيد، (مستر كلارك).

 

يلاحظ كلارك من نافذة القطار عند عودته إلى بيته كل مساء نافذة تطل على مدرسة للرقص، ويرى فتاة سمراء (بولينا) تقف شاردة ترقب الأفق بحزن، فيتعلق بتلك الفتاة فى عقله، ويقرر الانضمام إلى نادى الرقص، ليكتشف أن الرقص فى الحقيقة هو شغفه الكبير.

 

تذكرت الفيلم، وعنوانه البهيج، وأنا أطالع هجمة عاتية على طالبة ضُبطت ترقص فرحة فى حفل تخرجها، بثوب الخريجين وقبعة التخرج بكلية التربية الرياضية بجامعة أسيوط.

 

الطالبة «سمر عنتر» صارت حديث المساء والسهرة، صلبوها على (حوائط الفيس) معلقة كالذبيحة، وغرّدوا عليها كالبوم على (شجر إكس، تويتر).

 

ناهيك عن تنصل الجامعة من الحفل، الطالبة سمر عنتر برزت جريئة، لم تتقبل الانتقادات، رفضتها بشجاعة: «ما فعلته طريقتى للتعبير عن فرحتى بالتخرج فى وجود عائلتى وأصدقائى».

 

والسؤال: لماذا يكرهون الرقص فى بلد الرقص الشرقى، لماذا يشاهدون الراقصات بشغف ووله ليلًا، ويتمايلون على واحدة ونص، ويعقرون طالبة من عفتها نهارًا؟!.

 

ما ضركم، طالبة ترقص فى حفل تخرجها، كمَن ترقص فى حفل خطبتها، عادى وبتحصل فى مناسبات اجتماعية، رقصة بريئة عادية، ليست رقصة تعرٍّ، فيصورها متلصص، وينشر رقصتها، لينتفض مجتمع الفضيلة من قيلولته، ويقرر عقابها، يسومونها سوء العذاب، تلويمًا، وتجريحًا، على طريقة لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى!.

الطالبة تناشد مجتمع الفضيلة رفقًا، رفقًا بالقوارير، فحسب كانت حفلة تخرجى، وأنا طلعت رقصت عادى لا يوجد حاجة لافتة، الناس يرقصون فى الفرح.. هل الفرح يفرق عن حفلة التخرج؟!.

 

عندها حق، منهم لله، حولوا لحظة سعيدة فى حياة طالبة إلى جحيم مقيم، فقط لأنها رقصت فى لحظة انطلاق، عبرت عن سعادتها مرة برقصة، تقول: «رقصت فيها حاجة دى»؟!.

 

والسؤال لصاحب الفضيلة المتفضل علينا، كم مرة رقصت فى فرح، فى رحلة، فى الصالون، الزمبليطة فى الصالون، كم مرة نال منك الشغف كمستر كلارك، فاهتز وسطك، مَن منّا لم يرقص فى فرح ابنته وراقصها، لماذا هى ترقص مذبوحة من الألم؟!.

 

سمر فتاة رياضية، بطلة تايكوندو، لم ترتكب إثمًا، ولم تعتدِ على براءة أحد، ليست مجرمة وليست خاطئة وليست وليست، ما ذنبها لتسود عيشتها لأن عديم الضمير صورها خلسة، وقدمها وجبة ساخنة لمدعى الفضيلة، ولجماعة المحتسبين الجوالة فى الفضاء الإلكترونى تحصى على الناس أنفاسهم.

 

عجبًا، مجتمع الفضيلة يغضب وتنتفخ أوداجه لأن فتاة رقصت، ولم يأبه بعريه الأخلاقى الفاجع، مجتمع الفضيلة بينهم المتحرش فى دواوين الحكومة، والباصات، ومترو الأنفاق، وقطارات المحافظات، يلفظ رقصة طالبة فى حفل تخرجها!!.

 

حسنًا فعلت الطالبة «سمر»، حذرت كل مَن أساء إليها، وتوعدت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، هكذا يكون الرد، ويكون الصاع صاعين.

 

الطالبة الضحية، ضحية فقرنا الإنسانى، وتصحر نفسياتنا، للأسف مجتمع الفضيلة يرقص سرًّا، ويزعم عفافًا وهو يهز وسطه على موسيقى المهرجانات، كم من شريفة رقصت، وكم من متعففة رقصت.. ويل للمنافقين؟!.

 

الطالبة سمر ترد، تذود عن حياض حريتها الشخصية، وهنا مربط الفرس فى القضية، الحرية الشخصية حق مستحق، وليس مِنّة من مجتمع الفضيلة يهبها مَن يشاء، وقتما شاء.

 

 

تخيل لو أن مستر كلارك قرر الرقص فى شارع الفضيلة، كانوا رجموه بالطوب كإبليس على محطة القطار..!!.

نقلا عن المصرى اليوم