ديڤيد ويصا
بقرا كتاب بقالي فترة (لسه مخلّصتوش) ..
بيتكلّم عن ازاي الواحد يكوّن عقل يكون عنده تمييز ..
فيقدر يميّز اللي بيسمعه ويقراه ويفحصه ..
ويكوّن رأي بناءًا على بحث مش تلقين ..
لحد هنا تمام!
المشكلة انه لسببِ ما بيحُطّ العقل اللي عنده التمييز ده ..
كمناقض ومقابل للفهم الحرفي للكتاب المقدس ..
وبيقول ان الفهم الحرفي هو اللي ودّانا ورا الشَّمس ..
وهو اللي منعنا وحرمنا من نعمة التفكير والتمييز!
--
طب ليه أنا شايف دي مشكلة؟
لأن فعليًّا وعمليًّا ..
مفيش حاجة أساسًا اسمها الفهم الحرفي للكتاب المقدس ..
لكنه من وجهة نظري "اختراع" ..
من الكاتب لشيء مش موجود، عشان يهاجمه ..
ويحطُّه قصاد التفكير والتمييز والفحص، كما لو كان عدو ليه!
وعشان اكون واضح أكتر ..
مفيش حاجة اسمها فهم "حرفي" للكتاب ..
ولا حاجة اسمها فهم "رمزي" للكتاب ..
ولا طبعًا فيه حاجة اسمها فهم "روحي" للكتاب ..
لكن فيه حاجة اسمها فهم يعتمد على طبيعة النَّص اللي بنقراه ..
وكمان سياق السّفر وأحداثه والخلفية التاريخيّة بتاعته ..
وهو ده أساسًا علم "التفسير الكتابي" ..
اللي بيقرا النَّص في سياقه وبحسب معناه!
--
لو النَّص طبيعته وسياقه تلزمني افهمه فهم حرفي، يبقى المعنى حرفي ..
زي مثلًا النصوص اللي بتحكي عن أحداث حصلِت لأشخاص في زمن معيّن!
لو النَّص طبيعته وسياقه تلزمني افهمه فهم رمزي، يبقى المعنى رمزي ..
زي النصوص اللي اتكتبت بلغة الشعر أو المبالغة أو التشبيه وهكذا!
وينفع يكون فيه نص تاريخي بيحكي قصّة حصلِت فعلًا ..
لكن استخدم في وسط الكلام تشبيه مش حرفي ..
زي مثلًا (تكوين ١) وهو بيحكي خلق الله للكون ..
استخدم نص مفيش مسيحي بيفهمه بطريقة حرفيّة ..
بمن فيهم المسيحييّن اللي بيقروا الإصحاح كله قراءة حرفيّة ..
وهو ان "روح الله يرفّ على وجه المياه" (تك٢:١)
ده نص لا يمكن نفهمه بطريقة حرفيّة، مهما كانت توجُّهاتنا، وهكذا!
وطبعًا انا عارف ان فيه ناس هتستخدم الآية بتاعة "الحرف يقتل" (٢كور٦:٣)
بس دي آية برّه سياقها تمامًا وملهاش علاقة بالفهم الحرفي للكتاب ..
وانا شارحها من سنين (هنـــــا)!
--
ليه أنا بقول الكلام ده؟
لأني بشوف اننا كلنا، بدرجة أو أخرى، بتحكمنا توجُّهاتنا المُسبَقَة ..
فأحيانًا بنروح لأقصى اليسار، عشان زعلانين من ناس راحوا لأقصى اليمين ..
بينما الصَّح هو الموضوعيّة والاتّزان، اللي كلنا محتاجين نتدرّب عليها!
وفي الآخِر ..
التفكير لا يمكن يكون ضد احترام كلمة الله وفهم نصوصها زي ما هي ..
لأن زي ما الله أوحى بكلمته الصادقة، بحسب معناها اللي قصده ..
فهو بردو اللي خلقنا على صورته وادّانا نعمة التفكير عشان نفهم كلمته ..
ومش محتاجين "نخلق" أعداء وهميّة نهاجمها، عشان نثبت اننا صح ..
لكن محتاجين نقدّم قناعاتنا المبنيّة على فحص، بدون شيطنة المختلف!
ديڤيد ويصا