محرر الأقباط متحدون
شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في احتفال منح الجائزة الأدبية للسفراء المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، وشدد على ضرورة متابعة النشاط الدبلوماسي من أجل تحقيق السلام، لافتا إلى أن المسؤولية ملقاة على عاتق الجميع. وتحدث نيافته عن الوضع في لبنان مشدداً على أهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، آملا أن يلعب المكون المسيحي دوراً ناشطاً على هذا الصعيد.
نُظم الاحتفال بنسخته الخامسة في مقر سفارة إيطاليا لدى الكرسي الرسولي وكانت الجائزة هذا العام من نصيب الصحفي الإيطالي بييرو داموسّو الذي أصدر كتاباً بعنوان "أتستطيع الكنيسة أن توقف الحرب؟ تحقيق بعد ستين سنة على صدور الرسالة العامة "السلام في الأرض". أكد الكاردينال بارولين في مداخلة ألقاها للمناسبة أن العمل الدبلوماسي يبدو أنه يحقق نتائج صغيرة جداً أحيانا كثيرة، لكن ينبغي ألا نتعب وألا نستسلم، لافتا إلى أن السلام هو واجب كل واحد منا، انطلاقاً من الواقع المعاش والحياة اليومية، في كل مدينة وبلد وفي العالم بأسره.
بعدها توقف المسؤول الفاتيكاني عند السياق التاريخي الذي رافق صدور الرسالة العامة "السلام في الأرض" للبابا الراحل يوحنا الثالث والعشرين، وأكد أن السلام الكوني خير يعني جميع الأشخاص، بدون أي استثناء مذكراً بالرسالة الإذاعية الشهيرة التي أطلقها البابا رونكالي في الثالث عشر من أبريل نيسان ١٩٦٣، يوم سبت النور، وتحدث فيها عن أهمية تحقيق السلام مع الله، ومع جميع الشعوب والعائلات. واعتبر بارولين أن الرسالة العامة جاءت بمثابة وصية لهذا الحبر الأعظم، مشيرا إلى أن الكلمات التي تتضمنها هي إرث لا بد أن نحافظ عليه وننميه، من خلال تحمل مسؤولياتنا الخاصة.
كما سلط نيافته الضوء على ضرورة أن نثابر في النشاط الدبلوماسي، إزاء الصراعات المسلحة العديدة الدائرة اليوم في مختلف أنحاء العالم، تحركنا القناعة بأن هذا النشاط سيحمل ثماراً، وأكد أيضا على أهمية العمل بتآزر كي نكون فعلاً صانعين للسلام الذي يتحدث عنه البابا فرنسيس. هذا ثم أشاد المسؤول الفاتيكاني بكتاب الصحفي داموسّو معتبرا أنه يوقظ في النفوس الرغبة في صنع السلام ويفعل ذلك بطريقة مثيرة للاهتمام، إذ يطالع القارئ بشهادات عدة، ويتناول مختلف أبعاد السلام.
وقد قدّرت لجنة التحكيم هذا العمل مؤكدة أن الكنيسة، ومع أنها لا تتمتع بالنفوذ الكفيل في وقف الصراعات، يمكنها أن تحاكي ضمائر البشر وتعمل من أجل هدم جدران الحقد والعداوات، وتدل إلى الأخوة كطريقة آمنة لتحقيق العدالة والتضامن والاشتمال والاعتناء بالأرض. وأضافت لجنة التحكيم أنه من خلال هذا المجلد يسلط المؤلف الضوء على قوة صلاة شعب الله القادرة على إطلاق مشاريع شجاعة من أجل التلاقي والتفاوض.
قبل بداية حفل تسليم الجائزة، كانت لأمين سر دولة حاضرة الفاتيكان دردشة مع الصحفيين، تحدث خلالها عن الأوضاع الراهنة في أوكرانيا والشرق الأوسط، وأكد أن الحرب لا يمكن أن تُعتبر عادلة وقال بهذا الصدد: نعلم أن ثمة نقاشاً كبيراً يدور اليوم حول مفهوم الحرب العادلة، مؤكدا أن الحرب العادلة هي حرب الدفاع عن النفس، لكن إذا ما نظرنا إلى الأسلحة المتوفرة اليوم يصبح هذا المفهوم صعبا للغاية، ولفت إلى أنه لا يوجد حتى الساعة موقف نهائي بهذا الشأن، إذ تتم إعادة النظر في هذا المفهوم.
بعدها سُئل الكاردينال بارولين عن الأوضاع الراهنة في لبنان، الذي زاره مؤخراً، وعن الحلول الممكنة اليوم، وأجاب نيافته أن الحل الأول يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية، ولا بد أن يكون لهذا البلد رئيساً من أجل إنهاء الأزمة المؤسساتية التي تضر بالبلاد كلها. وتمنى أن يلعب المكون المسيحي دوراً ناشطاً على هذا الصعيد. وأضاف أن الحل لن يكون سحرياً، لكن لا يستطيع لبنان أن يواجه المشاكل بوجود مناصب شاغرة.
وأكد المسؤول الفاتيكاني بعدها أن الكاردينال الراعي يلعب دوراً ناشطاً على هذا الصعيد وقد حاول دائما أن يوحد المسيحيين، ويبدو أن هناك رغبة من قبل الأحزاب المسيحية في توحيد الجهود، وفي اقتراح مرشح أو أكثر يحظى بالتوافق. ورداً على سؤال أحد الصحفيين بشأن الحوار مع المكون الشيعي قال نيافته إن المشكلة هي قبل كل شيء من طرف حزب الله، لأنهم يلعبون دورهم السياسي ولديهم مشرحهم الخاص، ولفت إلى أن الحل يتطلب وجود مرشح يحظى بموافقة جميع الأفرقاء اللبنانيين.
وتحدث نيافته في الختام عن الوضع في أوكرانيا معلقاً على اقتراح رئيس الوزراء المجري أوربان للرئيس زيلينسكي بشأن وقف إطلاق النار تمهيدا للمفاوضات. وقال بارولين إن الأوكرانيين طالما رفضوا هذا الأمر نظراً لغياب الضمانات، معرباً عن أمله بالتوصل إلى هدنة بين الطرفين قبل البدء بمفاوضات سلمية.