د. ماجد عزت إسرائيل 
فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ تُمِّر عَلِّينَا الذِّكْرَى السِّتَّةِ عُشُرُ عَامَّا عُلِّي رَحِيل الْمُؤَرِّخ رؤوفُ عَبَّاسُ حَامِ (1939-2008م)، وَيُشْهِد التَّارِيخ عَلَى مَوَاقِفُ عَظِيمَةٌ لِهَذَا الرَّجُلُ؛ فهُوَ صَاحِبُ مَشَّيْنَاهَا خَطّيّ، وَالْعَدِيد مَنْ المُؤَلَّفَاتٍ وَالْكُتُب الْمُتَرْجِمِة. وَحَقَا  نَجَحَ فِي صُنْعِ الْعَدِيدِ مِنَ الْفُرَصِ الَّتِي لَمْ يَنْجَحِ الْمُهَاجِمُونَ فِي تَرْجَمَتِهَا إلَى أَهْدَافٍ. وَأَيْضًا صَاحَب مَدْرَسَةِ فِي التَّارِيخِ الْحَديثِ وَالْمُعَاصِرِ تَهَتَّمَ بِدِرَاسَته دِرَاسَةً مَوْضُوعِيَّةً عِلْمِيَّةً، وكذلك مَشْهُود لَهّ بِمَوَاقِفَة الْإِنْسَانِيَّةُ، وَالْاِجْتِمَاعِيَّة،وَالْاِقْتِصَادِيَّةِ الَّتِي تَهْدِفُ إِلَى الْحَدِّ مِنَ التَّهْميشِ الْاِجْتِمَاعِيِّ وَتَعْزِيزُ التَّنْمِيَةِ الْاِقْتِصَادِيَّةِ الْمُسْتَدامَةَ. وَيَسْتَشْهِد الْجَمِيع مِنْ الكتابِ وَالْمُؤَرْخِين بِمَوَاقِفَة الْوَطَنِيَّةِ، لَعَلَّ أبرَزَها ما قالَهُ مع نَفسِهِ عِدة مرات أنَّ المكان الذي يَرعاهُ ويَهتَم بشؤونهِ فِي كِتَابَاته هُوَ: وَطَنُهُ الذي يبحثُ عَنهُ. وُفِّي هَذِهِ السُّطُور الْقَلِيلَةِ نُرَصِّد بُعِض الْمَوَاقِف وَاللَمَحَاتٌ وَنُهَدِّيهَا عَلَى لِسَانِهِ إِلَى الشبابِ.. عَسَّاهُم يُجِيدُون فِيهَا مَا يُفِيدُ وَإِلَى الَّذِينَ يُسَمَّمُون أَمَامَهُم الْآبَار لِعَلّهُم يَتَّعِظُون. 
   
من هو الراحل الدكتور رؤوفُ عباس حامد؟  
ولد الدكتور رؤوفُ عباس حامد "في 24 أغسطس 1939م،في مدنية بورسعيد، ثم أنتقل إلى مدنية القاهرة وحصل على الثانويةعام 1957م وتخرج في كلية الآداب جامعة "عين شمس"عام1961م، وحصل على درجة الماجستير عام1966م، وكانت أطروحته"تاريخ الحركة العمالية المصرية1899-1952م"،وحصل على الدكتوراه في عام1971م،وكانت أطروحته "الملكيات الزراعية الكبيرة فى مصر 1837-1914"وعين معيدا في كلية الآداب جامعة القـاهرة،وتدرج فى السلم التدريسى الوظائفى،حتى حصل على منصب أستاذاً في عام1981م، ثم رئيساً لقسم التاريخ،ثم وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا، وتولى منصب رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية حتى رحيله عن عالمنا الفانى في 26 يونية 2008م، ودفن في ذات اليوم في مقابر العائلة في طريق الجيزة الفيوم.
 
أما حياته الاجتماعية فالدكتو رءوف عباس حامد تزوج السيدة "سعاد الدميرى "وأنجبت له أبنه الوحيد المهندس حاتم. عرف عن الدكتور الراحل رؤوفُ عباس حامد، حبه للعمل العام فكان عضو باللجنة المصرية للتضامن الأسيوى والأفريقى، وأيضًا بالجمعية القومية للوحدة الوطنية،وكذلك حركة كفاية، وحركة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات المصرية،وعلى المستوى الدولى المجلس الدولى للأرشيفات التاريخية بباريس. ويرجع الفضل إلى الدكتور رؤوفُ عباس فى أنشاء مبنى الجمعية التاريخية بمدينة نصر، ففي نهاية التسعينيات من القرن العشرين انشغل بموضوع بناء مقر جديد للجمعية المصرية للدراسات التاريخ (تأسست في‏ 20‏ يوليو‏ 1945م، وكان مقرها بشارع البستان بباب اللوق) وذلك عقب صدور قرار إزالة للعقار، فاتصل به الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة بدولة الإمارات بعد أن قرأ عن الموضوع في صحيفة لأهرام؛ وتبرع لشراء أرض بمدينة نصر لبناء مبني حديث وتجهيزه وتقديمه هدية منه إلي مصر، فهو خريج جامعة القاهرة، وانتقلت الجمعية لمقرها الحالى.ولا أحد ينكر دوره فى تحقيق هذا الحلم بافتتاحها في 23 مايو2001 م. ومن أهم مؤلفات الراحل الدكتور رءوف عباس نذكر على سبيل المثال الحركة العمالية في مصر (1899 – 1952م)، والملكیات الزراعیة المصریة ودورها فى المجتمع المصرى 1837-1914م، مذكرات محمد فريد، المجلد الأول،دراسة وتحقيق 1975م،الحركة العمالية المصرية فى ضوء الوثائق البريطانية 1924 – 1937م، المجتمع اليابانى في عصر مايجى1980م،وجامعة القاهرة،ماضيها وحاضرها، مشيناها خطي- سيرة ذاتية،وهي تعد من أهم الدراسات التى تناول فيها الراحل المجتمع المصر من كل جوانبه، وأيضًا تعد مصدراً للباحثين فى الدراسات المعاصرة. بالأضافة للعديد من الكتب المترجمة من اللغات الأجنبية. ومن أهم القضايا التى أهتم الدكتور رؤوفُ عباس حامد البحث العلمى ومشاكله في مصر وعالمنا العربى، وتطوير التعليم الجامعى فى الجامعات المصرية،وكان لديه إيمان مطلق بمبادىء ثورة 23 يوليو1952م،فاهتم بقضية العدل الاجتماعى بين جميع فئات المجتمع المصري،وأيضًا قضية أقباط مصر،وكذلك قضية التنمية الاجتماعية والاقتصادية للشعب المصرى المكافح، وكانت لدى الراحل رؤوفُ عباس رؤية سياسية خلاصته "فساد السلطة الحاكمة"،ولذلك توقع غضب الشعب وثورته ضد الحاكم المستبد،وهذا ما تحقق في ثورة 25 يناير2011م، و30 يونيو 2013م.ولدوره المتميز كرمته الدولة وبعض المؤسسات العلمية فحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأول،مصر فبراير 1983م، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الإجتماعية،مصر،عام 2000م،وأختير ليكون ضيف الشرف الذي تكرمه جمعية دراسات الشرق الأوسط بأمريكا الشمالية فى مؤتمرها السنوى نوفمبر 1990م.
 
المؤرخ الراحل رؤوفُ عباس حامد وحركة الترجمة (1939-2008م)
الدكتور رؤوفُ عباس وهو صاحب مدرسة فى تاريخ مصر الاقتصادى والاجتماعى، وأيضًا رائد من رواد حركة الترجمة في مصر والعالم العربي. وساهم فى تكوين بعض الباحثين سواء داخل مصر أو خارجها.هو مفكر ومؤرخ مصرى عربي، متميز عميق الانتماء إلى الوطنيه المصرية والعروبة والحضارات فى شتى بلدان العالم، ولذا سعى فى حياته لتقارب الحضارات، وأندماجها من خلال دراساته وأبحاثه أو زياراته للبعض منها.ومن أجل ذلك قام دكتور رؤوفُ عباس بترجمة العديد من الإصدارت من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، وتتميز ترجمته بالدقة ونقل كل ما يريد أن يذكره المؤلف بكل أمانه ولا أبالغ أن ترجمته تعطى أكثر مصدقيه للقارىء البسيط. كما أنه كان يختار ما يترجمه بهدف خدمة العلم والحركة الثقافية وهو ما يعود بفائدة على الوطن العزيز. 
 
 وقد قام الدكتور رؤوفُ عباس بترجمة العديد من أمهات الكتب من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية نذكر منها يوميات هيروشيما لمؤلفها  م. هاتشيا في عام 1977م، ودراسات فى تطور الرأسمالية للمؤلف مورس دوب في عام 1978م، ومصر للمصريين : أزمة مصر الإجتماعية والسياسية 1878-1882م، للمؤرخ الألماني ألكسندر شولش عام 1983م، والتاريخ الاقتصادي للهلال الخصيب 1800-1914، شارل عيسوى، عام 1989م، وتجار القاهرة فى العصر العثمانى – سيرة أبو طاقية شاهبندر التجار، للمؤرخة نللى حنا 1997م، وأيضًا لذات المؤرخة ترجم ثقافة الطبقة الوسطى فى مصر العثمانية عام 2003م، وتوجهات بريطانية – شرقية: مذكرات السير رونالد ستورس للمؤلف رونالد ستورس في عام 2004م،وفراعنة من؟ المتاحف والآثار والشخصية الوطنية المصرية من 1798- 1914م للمؤلف دونالد ريد عام 2005م ، واللورد كرومر – الإمبريالى والحاكم الإستعمارى للمؤلف روجر أوين عام 2005م ، وبرلمان الإنسان – الأمم المتحدة: الماضى، الحاضر، المستقبل، للمؤلف بول كينيدى2008م. وكان هذا العمل آخر ترجمة للدكتور رءوف عباس قبل رحيله عن عالمنا الفاني في (26 يونية 2008م). حقا “الْحَيَاةُ الصَّالِحَةُ أَيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ، أَمَّا الاِسْمُ الصَّالِحُ فَيَدُومُ إِلَى الأَبَدِ.” (سفر يشوع بن سيراخ 41: 16).
 
  وهنا نريد إلا ننكر دور الدكتور رؤوفُ عباس في تشجيعه لنا لترجمة كتاب جابرييل باير” طوائف الحرف في مصر العثمانية ونقله إلى اللغة العربية. ففى ذات يوم في عام 2004م وفى أثناء عملى رن  موبيلى  الشخصى  حيث كانت مكالمة من  الدكتور رءوف عباس، وقال: لكاتب هذه السطور أين أنت؟ قلت له بالعمل، فقال رحمة الله عليه متى تنتهى من العمل قلت له فى الثالثه،فقال لى أنا فى انتظارك بالجمعية حتى السابعة، فذهبت للجمعية ووصلت فى الخامسة ووجدته يجلس فى مكتبه وحده رحمه الله ،وأنا كنت مشتاق لسماع ما يريده منى، وإذا به يحدثنى عن كتاب جابرييل باير عن طوائف الحرف، ويطلب مني أن أبلغ زوجتى بترجمته باعتبارها متخرجة في كلية الأداب قسم اللغة الإنجليزية وأن اساعدها فى الصياغة التاريخية…..وقال لى هذا كتاب مهم لمرحلة التاريخ العثمانى، وبهذا العمل يكون قد نجحنا فى ترجمة بعض مؤلفات باير ونقلها للعربية، وبالفعل بدأت زوجتى في الترجمة وراجع الراحل الفصل الأول والثانى منها- وما بين 2005-2008م) توقفت فكرة ترجمة هذا الكتاب.
 
رؤوفُ عباس حامد والقضية القبطية(1939-2008م)
 رؤوفُ عباس حامد هو مفكر  ومؤرخ مصرى عربي، متميز عميق الانتماء إلى الوطنية المصرية والعروبة والحضارات فى شتى بلدان العالم،ولذا سعى فى حياته لتقارب الحضارات، وأندماجها من خلال دراساته وأبحـــاثه أو زياراته للبعض منها ،أو من خـلال تشجيعه طلابه بتسجيل الرسائل العلمية حولها،ولكن ظلت حضارة مصر وتراثهــا الثقافي، وشعبها هـم الشغل الشغال فى حياته،وكان يدرك أن أقبـــاط مصر هم جـــزء لا يتجزأ من شعــبها الأصيل وحضاراتها العريقة.
 
كان لنشأة رؤوفُ عباس حامد  فى  حى شبرا ـــ كلمة شبرا تعنى باللغة القبطية العزبة أو القرية،وهى تقع شمال مدنية القاهرة،وزادت شهرتها ببناء محمد على باشا (1805-1809م) قصره الشهير،وبها العديد من المناطق الأثرية مثل الخازندار،ومارجرجس الجيوشى،وسانت تريزا،وغالبية سكنها من الأقباط ــ تأثير كبير على علاقاته وإدراكه بالقضية القبطية، ففى حى شبرا نشأ كطفل وألتحق بمدارسها  وتصادق ولعب،ودخل كـــنائسها مع بعــض زمـلائه من الأقباط،دون أدنى تميز طائفى أو تفرقه،فمن خلال أحتكاكه المباشر مع العديد من الأقــــباط عرف العديد عن مشاكلهم وقضاياهم بمصر،ولذا سعى من خلال وظيفته بالجامعة إلى الفك العـــديد من شفرات المسألة القبطية،لأيمـــانه الشديد بحقوق المواطنة المصرية دون تميز أو تفرقه.
على أية حال،سعى رؤوفُ عباس كمؤرخ وأستاذ بالجامعة على وضع حلول للقضايا القبطية عن طريق البحث العلمى،من أجل أن  يتقبل الآخر شريكه فى الوطن دون تمـــــــيز أو عنصرية، من خلال تخريج طلاب من الجامعـــة يؤمنون بحقوق المواطنة  ومبدأ المساواة بين جـــميع الأفراد،دون تفرقة عرقية أو دينية، ففى مجال الدراسات القبطية بالجامعة المصرية،لا يوجد كرسى (قسم) لها، مع العلم أن  شتى جامعات العالم يوجد بها أقسام وفروع لدراسة اللغة القبطية وتراثها الثقافى، فسعى رؤوفُ عباس بتوجيه أحد طلابه"محمد عفيفى عبد الخالق" ــ حاليا رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة ــ بتسجيل أطروحته للدكتوراه حول القضية القبطية تحت اسم"الأقباط فى العصر العثمــــانى"،وهـذه الدراسة تعد من بين الدراسات الفريدة، التى تضع حلول علمية لمشاكل الأقباط وعلاقاقتهم  بالسلطة الحاكمة،كمـــا أن كاتب هذه السطور شجعه على "دراسة الأقباط والحياة الاقتصادية والثقافية.
 
وكان لرؤوفُ عباس مواقف وطنية من القضية القبطية يسجلها لنا التاريخ نذكر بعض منها،ففى مقاله بجريدة "الأهالى" بتاريخ 10 نوفمبر1993م،تحت عنوان خطاب مفتوح إلى وزير التعليم"حسين كامل بهــاء الدين""حــذار إنهم يتلاعبون بمستقبل الوطن ويشكون فى أمانة الأقبـــاط بالجامعة" فذكر قــــائلاً" المسألة التى أكتب لك عنها تتعلق باتجاه فى وزارتك يمس سلامة هذا الوطن وأمنه ومستقبله،ويتصل بدور التعليم فى مصر،وما يقع على عاتقه من تأمين غدا أفضل للمصرين دون تميز".
 
 وخلاصة ما جاء فى نص الخطاب الذى أرسله رؤوفُ عباس حامد" اتصل بى صباح الخميس 28 أكتوبر 1993،أحد مستشارى الوزارة يدعونى إلى إعــــــداد امتحان الثانوية العامة لمادة التاريخ،فاعــــتذرت، عن عدم قبول المهمة لظروفى الخاصة،فاقترح على ترشيـــح آخـر، فرشحت الدكتور"يونـــان لبيب رزق" ولكن الـــمستشار ضحك ضحكة صفراء ذات مغزى،وطلب منى ترشيح آخر،ولما سألته عن السبب قال" إن تعليمات الأمن تقضى بعدم إشراك (أهل الذمة) فى وضع الامتحانات العامة" وفى خاتمة خطابه عبر عن تأيده لحقوق المواطنـــة، وحرصه على سلامة وحدة هذا الوطن حيث ذكر قــائلاً" لقد تابعت بإعجاب شديـــد،وتقدير عظيم مواقفــك الجسور فى مواجهة من يريدون إعادة مصر إلى عصور التخلف،ويسعون لشق الصف الوطنى،بالعـمل على تطهير التعليم منهم،ولكنى لا أخفى عليـك مخاوفى من دلالات هذه الواقعة،وما تبشر به من سوء يهدد هذا الوطن".
 
وكان لرؤوفُ عباس الفضل في تعين أول معيدة قبطية في قسم التاريخ كلية الآداب جامعة القاهرة، تدعى"مرفت صبحى" ــ حاليا دكتورة بذات القسم ــ  فقد اعترض بعض الأساتذة و على رأسهم الدكتور"حسنين ربيع" أستاذ تاريخ العصور الوسطى، بل الأدهش من ذلك قـــاموا بترشيح آخرين، رغم تفــــوق الطالبة القبــــــطية  عليهم،وهذا ما دفع بـ"رءوف عــباس لتقديم استقالة مسببة إلى عـــميد الكلية "عبد العزيز حمــــودة"، ومن هنا سوف يتم التــــحقيق فيها ويظهر التعصب الدينى لدى هولاء وينفضح آمرهم فى الجامعة،وهذا ما ذكره "رؤوفُ عباس فى مذكـــــراته"مشيناها خطى" قائلاً"هنا قرر صاحبنا أن يلقن العميد دراساً قاسياً،فكتب على الفور خطاب استـــقالته تحت عنوان، التعصب وراء ستار الصالح العام من خدمة جامعة،،دينها التعصب الأعمى، ومبدأها التميز بين المصريين على أساس الدين ".
 
كما ذكر رؤوفُ عباس فى مذكراته"مشيناها خطى،أن التعصب الأعمى والعنصرية الدنية،كانت السبب فى تخلص قسم التاريخ عام 1944م، من الدكتور"سوريال عطيــة"أستاذ تاريخ العصور الوسطى بنقله لجامــــعة الإسكندرية، ثم هجرته بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية،وتفوقه وإنشائه مركزأ للدراسات القبطــية بولاية يوتا،وهـــذا ما ذكره الدكتور "حسنين ربيع "وكتبه  بأمانه ووطنية رءوف عباس فى مذكراته قائلاً"إن القسم تخلص من هؤلا ــ  يقــــصد الأقباط ــ  منذ أكثر من خمسين عاماً،فلا يجب عودتهم مرة آخرى..".
 
 وأخير،كان رؤوفُ عباس يؤمن كل الأيمان بالقضية القبطية، ويضعها فى مقدمه أعماله وتصرفاته فى الحياة اليومية، وكان إنسانيا عميق الالتزام بقضايا وثقـافة وطنـه،ودائما ما كان  يسعى لتحقيق العدالة الغـــائبة لأقباط مصر،وخاصة فى مجال عمله بقدر ما يمتلك، وبعد خمس أعوام على رحليه، هل تجد القضية القبطية من ينصفها؟
 
الوطنية والمواطنة في حياة رؤوفُ عباس حامد
في كل لحظة وكل يوم من حياته وفي كل موقف،وفي كل مناسبة واحتفال، وفي كل كلمة أو بحث وكتاب، أكد الراحل الدكتور رؤوفُ عباس حامد (1939-2008م) على الوطنية والمواطنة فقال فيها الكثير وأكد عليها بمواقفه معبرًا عن حلمه بوطنه وبأحلامه وتمنياته لبلده العزيز مصر.هنا يجب أن نوضح معنى كل من الوطنية والمواطنة، وطبقاً لما ورد في القواميس العربية فالوطنية تعني حب الوطن، والشعور بارتباط باطني نحوه فهو حب الأمة للوطن هو قطعة معينة من الأرض يرتبط بها الفرد وتتعلق بها عواطفه وأحاسيسه.
 
 وإذا جاز التعبير هنا فنقول: الوطنية تعني المشاعر العاطفية والوجدانية التي تتكون عند الفرد تجاه الوطن أو الأرض التي يحبها.كما أنها الشعور بالالتزام ببلد أو أمة أو مجتمع سياسي،والوطنية حب البلد بينما القومية هي الولاء لأمة واحدة،وغالباً ما يتم استخدام القومية كمرادف للوطنية، ولكن الوطنية ظهرت قبل القومية التي ظهرت في القرن التاسع عشر بألفي عام تقريباً،وهناك بعض المواقف المرتبطة بالوطنية نذكر منها على سبيل المثال الرغبة في الحفاظ على طابع الوطن ومقوماته الثقافية.والتغنى والفخر بإنجازاته والتضحية من أجله.
 
 أما المواطنة فهي الصفة التي تُمنح للمواطن والتي تتحدد بموجبها عدة أمور منها؛الحقوق، والواجبات. ومن هنا فإن للمواطنة خصوصيّة ليست لأي صفة أخرى، فهي تتضمن انتماء المواطن لوطنه النابع من حبه له، وخدمته له في كافة الأوقات والأحيان،واحترام المواطنين الآخرين الذين يعيشون معه على الأرض ذاتها،والذين يتقاسم وإياهم الغذاء،والشراب،والماضي،والحاضر، والمستقبل. هنا نؤكد دون النظر إلى اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. والوطنية كما تعرفها دائرة المعارف البريطانية هي: ”العلاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة“.وتؤكد هذه الدائرة على هذا المفهوم قائلة:” المواطنة على وجه العموم تسبغ على المواطن حقوقاً سياسية، مثل حق الانتخاب وتولي المناصب العامة“.
 
ومن العوامل التى تؤكد على المواطنة يأتى على رأسها جذور العائلة والولادة على أرض الوطن، وجنسية الوالدين. الخلاصة.. المواطنة هي الممارسات والسلوكيات والأفعال التي يجب على الفرد أداؤها في صورة منسجمة مع قوانين الوطن وأنظمته وأمنه وسلامته وحمايته. وعلى هذا فإن وطنية الراحل الدكتور رءوف عباس حامد بدأت منذ مولده في أحد مساكن السكة الحديد بمدينة بورسعيد الباسلة،وشاهد الوجود البريطانى بمنطقة قناة السويس، وكانت طفولته مع بداية الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) وكان يحلم بالدفاع عن وطنه وتطهير البلاد من المستعمرين البريطانيين وغيرهم. وعندما قامت ثورة (23 يوليو 1952م) لم يكن مجرد مراقب لها بل كان من صنائعها،وواحداً من جماهيرها.
 
  وعاش فترة النكسة عام 1967م حياة حزينه على وطنه وقد أكد في كتابه “مشيناها خطى” ذلك حيث ذكر قائلاً:” … ولم تمض نحو سبعة شهور حتى وقعت هزيمة يونيو 1967،ولا يعنى ذلك أن عائلته كانت حقاً نذير شؤم على العالم ومصر.فلا علاقة بين مولد طفل برىء – يقصد هنا مولد ابنه م.حاتم في 24 أكتوبر 1966م- ووقوع حادث جلل بهذا الحجم المفزع، ولكنه يعبر عن حالة نفسية مزاجية تلخص معاناة السنوات الخمس والعشرين الأولى من عمره”.وعندما فكر الراحل الدكتور رؤوفُ عباس حامد بعد أن تخرج فى كلية الآداب جامعة”عين شمس”عام 1961م، مواصلة دراساته العليا، سجل رسالته للماجستير عن: “تاريخ الحركة العمالية المصرية 1899-1952م “وحصل على درجة الماجستير عام 1966م،وعبر في رسالته عن وطنيته وحبه لمصر وعمالها ولثورة 23 يوليو 1952م وإنجازاتها.وأيضًا عند اختياره لأطروحته للدكتوراه والتى كان عنوانها:”الملكيات الزراعية الكبيرة فى مصر1837-1914″، فلا نبالغ القول أن كل أعماله تتعلق بوطنه الحبيب مصر.
  
وفي ذات السياق ترك لنا تراثا يعبر عن تعلقه بالمجتمع المصرى عندما كتب لنا مؤلفه “شخصيات مصرية في عيون أمريكية”، و”تاريخ جامعة القاهرة”.وفي نهاية التسعينيات من القرن العشرين انشغل الراحل الدكتور رؤوفُ عباس حامد بموضوع بناء مقر جديد للجمعية المصرية للدراسات التاريخية (تأسست في‏ 20‏ يوليو1945م، وكان مقرها بشارع البستان بباب اللوق) وذلك عقب صدور قرار إزالة للعقار، فاتصل به الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة بدولة الإمارات بعد أن قرأ عن الموضوع في جريدة الأهرام وتبرع لشراء أرض بمدينة نصر لبناء مبني حديث وتجهيزه وتقديمه هدية منه إلي مصر، فهو خريج جامعة القاهرة، وانتقلت الجمعية لمقرها الحالى ـ ولا أحد ينكر دوره فى تحقيق هذا الحلم بافتتاحها في 23 مايو 2001 م هكذا هي الوطنية.
 
وهكذا، سعى رؤوفُ عباس حامد كمؤرخ وأستاذ بالجامعة على وضع حلول للقضايا القبطية أو تحقيق مبدأ المواطنة عن طريق البحث العلمى،من أجل أن يتقبل الآخر شريكه فى الوطن دون تمـــــــيز أو عنصرية، من خلال تخريج طلاب من الجامعـــة يؤمنون بحقوق المواطنة ومبدأ المساواة بين جـــميع الأفراد،دون تفرقة عرقية أو دينية، ففى مجال الدراسات القبطية بالجامعة المصرية، لا يوجد كرسى (قسم) لها، مع العلم أن شتى جامعات العالم يوجد بها أقسام وفروع لدراسة اللغة القبطية وتراثها الثقافى، ومن ثم رأينا رؤوفُ عباس يشجع أحد طلابه(محمد عفيفى عبد الخالق” رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة-سابقًا) على تسجيل أطروحته للدكتوراه حول القضية القبطية تحت عنوان “الأقباط فى العصر العثمــــانى”، وهـذه الدراسة تعد من بين الدراسات الفريدة، التي تضع حلولا علمية لمشاكل الأقباط وعلاقاتهم بالسلطة الحاكمة، كمـــا شجعني أنا على “دراسة الأقباط والحياة الاقتصادية والثقافية.
وكان للراحل رؤوفُ عباس حامد مواقف وطنية من القضية القبطية يسجلها لنا التاريخ نذكر بعض منها، ففى مقاله بجريدة “الأهالى” بتاريخ10 نوفمبر 1993 م،تحت عنوان خطاب مفتوح إلى وزير التعليم “حسين كامل بهاء الدين” “حذار إنهم يتلاعبون بمستقبل الوطن ويشكون فى أمانة الأقباط بالجامعة” فذكر قائلاً” المسألة التى أكتب لك عنها تتعلق باتجاه فى وزارتك يمس سلامة هذا الوطن وأمنه ومستقبله،ويتصل بدور التعليم فى مصر،وما يقع على عاتقه من تأمين غد أفضل للمصرين دون تميز”. 
 
وخلاصة ما جاء في نص الخطاب الذى أرسله رؤوفُ عباس حامد قوله:”اتصل بى صباح الخميس 28 أكتوبر 1993،أحد مستشارى الوزارة يدعونى إلى إعــــــداد امتحان الثانوية العامة لمادة التاريخ، فاعــــتذرت عن عدم قبول المهمة لظروفى الخاصة، فاقترح على ترشيـــح آخـر، فرشحت الدكتور”يونـــان لبيب رزق” ولكن الـــمستشار ضحك ضحكة صفراء ذات مغزى،وطلب منى ترشيح آخر،ولما سألته عن السبب قال” إن تعليمات الأمن تقضى بعدم إشراك (أهل الذمة) فى وضع الامتحانات العامة” وفى خاتمة خطابه عبر عن ؟؟ مواطنــــته وحرصه على سلامة وحدة هذا الوطن حيث ذكر قائلاً” لقد تابعت بإعجاب شديد،وتقدير عظيم مواقفـــك الجسور في مواجهة من يريدون إعـــــادة مصر إلى عصور التخلف،ويسعون لشق الصف الوطنى، بالعــــمل على تطهير التعليم منهم، ولكنى لا أخفى عليــــك مخاوفى من دلالات هذه الواقعة،وما تبشر به من سوء يهدد هذا الوطن”.
 
 وكان للراحل الدكتور رؤوفُ عباس الفضل فى تفعيل مبدأ المواطنة حينما ساهم في تعيين أول معيدة قبطية في قسم التاريخ كلية الآداب جامعة القاهرة، تدعى”مرفت صبحى” ــ حاليا دكتورة بذات القسم ــ فقد اعترض بعض الأساتذه وعلى رأسهم الدكتور”حسنين ربيع” أستاذ تاريخ العصور الوسطى، بل الأدهش من ذلك قـــاموا بترشيح آخرين، رغم تفــــوق الطالبة القبــــــطية عليهم،وهذا ما دفع بـ”رءوف عــباس لتقديم استقالة مسببة إلى عميد الكلية “عبد العزيز حمودة”، ومن هنا سوف يتم التــحقيق فيها ويظهر التعصب الدينى لدى هولاء وينفضح آمرهم في الجامعة، وهذا ما ذكره “رؤوفُ عباس فى مذكـــــراته “مشيناها خطى” قائلاً “هنا قرر صاحبنا أن يلقن العميد درساً قاسياً، فكتب على الفور خطاب استـــقالته تحت عنوان، التعصب وراء ستار الصالح العام من خدمة جامعة،،دينها التعصب الأعمى،ومبدأها التميز بين المصريين على أساس الدين”.
 
كما ذكر رؤوفُ عباس فى مذكراته “مشيناها خطى”، أن التعصب الأعمى والعنصرية الدينية وعدم تطبيق مبدأ المواطنة،كان السبب فى تخلص قسم التاريخ عام(1944م)،من الدكتور”سوريال عطية” أستاذ تاريخ العصور الوسطى بنقله لجامعة الإسكندرية، ثم هجرته بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية،وتفوقه وإنشائه مركزأ للدراسات القبطــية بولاية يوتا، وهــــــذا ما ذكره الدكتور”حسنين ربيع “وكتبه بأمانه ووطنية رءوف عباس فى مذكراته قائلاً:”إن القسم تخلص من هؤلا ــــــ يقصد الأقباط ــــــــ منذ أكثر من خمسين عاماً،فلا يجب عودتهم مرة آخرى…….”. وأخيراً، وفي ذكرى ..رحيل المؤرخ رؤوفُ عباس حامد، نطرح هذا السؤال: هل تجد الوطنية ومبدأ المواطنة من ينصفها أو من يسعى لتطبيقها على أرض الواقع؟
 
ذكرياتي مع المؤرخ الراحل رؤوفُ عباس حامد (1939-2008م)
  يعتبر الراحل الدكتور رؤوفُ عباس حامد (1939-2008م) من أهم المؤرخين المصريين الذين تركوا مدرسة متميزه مع الأستاذ الدكتور "عاصم الدسوقى" ـ متعه الله بالصحة والعافية ـ فى تاريخ مصر الاقتصادى والاجتماعى،وتكمن أهمية المؤرخ الراحل – رحمه الله- في موضوعيته وصدقه ووعيه الحضاري والفكري بالتاريخ الذي جعله نسيجا متميزا من بين المؤرخين والأدباء المصريين،ورمزا للحفاظ على التأريخ المصرى،والدكتور رؤوفُ عباس حامد هو مفكر ومؤرخ مصرى عربي، متميز عميق الانتماء إلى الوطنيه المصرية والعروبة والحضارات فى شتى بلدان العالم،ولذا سعى فى حياته لتقارب الحضارات، وأندماجها من خلال دراساته وأبحاثه أو زياراته للبعض منها. 
 
  وتعود معرفتى بالراحل الدكتور رؤوفُ عباس إلى بداية العام الدراسي عام 2001/2002 م،كطالب بالدراسات العليا جامعة القاهرة ،حيث كان رحمة الله يدرس لنا ،وتميز بدقة حضوره للمحاضرة، وتحضيره لها والمناقشة المستمرة، كما حرص على تلاميذه لتحسين اللغة الأنجليزية فاحضر لنا دكتورة أجنبية من أحدى تلميذاته لتدرس باللغة الانجليزية ،وكان يحرص دائما فى الحضور معها بعض الوقت،واشتهر بقوة شخصيته وأحاديثه الشديدة الاهتمام فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر،وكان دائما يشجعنا على كثرة التنوع فى القراءات فى شتى المجالات ،وكان يحدثنا عن أساتذته ودورهم فى تشجيعه وتعليمه وفضلهم فى بناء مدرسة التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، وفي نهاية التسعينيات من القرن العشرين انشغل بموضوع بناء مقر جديد للجمعية المصرية للدراسات التاريخ (تأسست في‏ 20‏ يوليو‏ 1945م ،وكان مقرها بشارع البستان بباب اللوق) وذلك عقب صدور قرار إزالة للعقار، فاتصل به الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة بدولة الإمارات بعد أن قرأ عن الموضوع في صحيفة لأهرام وتبرع لشراء أرض بمدينة نصر لبناء مبني حديث وتجهيزه وتقديمه هدية منه إلي مصر، فهو خريج جامعة القاهرة، وانتقلت الجمعية لمقرها الحالى ـ ولا أحد ينكر دوره فى تحقيق هذا الحلم بافتتاحها في 23 مايو 2001 م.
 
   ومنذ ذات التاريخ كنت دائما التواصل مع المؤرخ الراحل رؤوفُ عباس وأصبحت عضوا بالجمعية المصرية للدراسات التاريخ، وكنت أحرص على الحضور بشغف كل برامجها الثقافة من سيمنارات وندوات وشاركت بعد ذلك فى تقديم بعض الأوراق البحثية،وأيضا المشاركة مع الزملاء فى استلام مكتبات المتبرعين وكان يتم فرزها ما بين الكتب العربية والأجنبية وتصنيفها، واتذكر أننا كنا فى مأمورية لاستلام مكتبة وحرص الدكتور رءوف على انتظارنا إلى ما بعد الساعة السابعة مساء وعند وصولنا للجمعية أسرع باحضار العشاء والمشروبات وقدم شكره على تعبنا فى هذه المهمة. وفى ذات يوم كنت اتحدث مع والد زوجتى الراحل المهندس كمال يوسف جرجس- حصل على ليسانس في الاداب قسم تاريخ ـ عن الراحل فقال بالحرف الواحد "أن الدكتور رؤوفُ عندما يدخل للمحضرة لا تسمع صوت لأحد ولا نفس قط، لقوة شخصيته، واسترساله فى حديثه وشرحه للتاريخ بطريقة مثيرة الاهتمام، ومعلوماته وكفاءته فى هذا المجال ...وقال لى اتمنى لقاءه..قلت له سوف أخبره بذلك...وعندما حدثت المؤرخ الراحل قال لى مرحبا به في أي وقت ..وحدد معاد رحمه الله ،وتقابلنا فى الجمعية التاريخة، ودار حوار استمر نحو ساعتين حول ذكريات خلاصته ...كيف يحترم الطالب الأستاذ فى الجامعة ويحب معلمه وهذا ما دفع والد زوجتى لزيارته لرؤيته للتعبير له عن أخلاصه في العمل ". اتذكر موقف آخر مع الراحل المؤرخ رءوف عباس ،كنت فى بعض الأحيان اذهب للجمعية ومع أحد أولادي وفي تلك المرة كان معى أبنى الأصغر " مارسيلينو"، فقد شاهدنا المؤرخ الراحل على مدخل باب الجمعية التاريخية وإذ به يأخذ ابنى ويحمله على ذراعه ويدخل به إلى حجرة السيمنار بالدور الأرضى فاندهش الحضور وقال أحدهم: هل هذا ابن المهندس حاتم (ابن الدكتور رؤوفُ) فقال لهم: لا دا ابن ماجد! وأخذ يحمل الولد لفترة طويلة، واحضر لها الشكولاته والمشروبات،كما كان إنساناً يعبر عن محبته للآخر.وأيضًا بعد تسجيل أطروحتى لرسالة الماجستير عن "طوائف المهن التجارية 1840-1914م " والتى كانت تحت اشراف الأستاذ الدكتور أحمد الشربينى ـ الذى كان يسمح لطلابه ولا يعارضهم فى سؤال أساتذة آخرين ـ فأنا كنت دائما السؤال مع الراحل الدكتور رءوف عباس ـ وأيضا للتاريخ الدكتور عاصم الدسوقى أطال الله عمره ـ حول ذات الدراسة ودائما ما كنت استمع إلى نصائحه وأكثر من ذلك كان يمدنى بالكتب العربية والأجنبية، ومن حسن الطالع قام بمناقشتى فى سبتمبر 2005م بجامعة القاهرة. 
   
وفى الأعياد القبطية كانت أول تهنئه فى يوم العيد أتلقاها من الراحل المؤرخ الدكتور رءوف، ودكتور عبادة، وأيضا الدكتور عاصم الدسوقى،على التوالى،رموز وشخصيات وأساتذه بكل ما تعنيه الكلمة. وفى ذات يوم وفى أثناء عملى رن موبيلى الشخصى حيث كانت مكالمة من الدكتور رؤوفُ عباس ،وقال أين أنت قلت له بالعمل ،فقال متى تنتهى من العمل قلت له فى الثالثه ،فقال لى أنا فى انتظارك بالجمعية حتى السابعة، فذهبت للجمعية ووصلت فى الخامسة ووجدته يجلس فى مكتبه وحده رحمه الله ،وأنا كنت مشتاق لسماع ما يريده منى ،وإذا به يحدثنى عن كتاب جابريل بيير عن طوائف الحرف، ويطلب مني أن أبلغ زوجتى بترجمته باعتبارها متخرجة في قسم اللغة الإنجليزية وأن اساعدها فى الصياغة التاريخية ...وقال لى هذا كتاب مهم لمرحلة التاريخ العثمانى،وبهذا العمل يكون قد نجحنا فى ترجمة بعض مؤلفات بيير ونقلها للعربية، وبالفعل بدأت زوجتى الترجمة وراجع الراحل الفصل الأول والثانى منها ـ وبعدها حدثت ظروف لا داعى لذكرها الآن ـ فتوقف الترجمة.  وقد نشر هذا الكتاب في عام 2021م  وقد تم استكمال المراجعة عن طريق صديق عمره، وهو الدكتور عاصم الدسوقى،وأيضًا تم إهداء هذا الكتاب لروحة الطاهرة رحمه الله، وحقًا ذكرى الصديق تدوم إلى الابد .