الأب رفيق جريش
أعلم أن البعض لن يعجبه ما أكتبه اليوم، وهو عن تصميم المسؤولين عن التعليم على تأكيد «أن الامتحانات والأسئلة فى متناول الطالب المتوسط».. هذه المقولة التى أجدها غريبة.. فهل نحن فى مصر فى احتياج لأن يكون الطالب متوسط الفهم والدراسة ثم نفتح له أبواب الجامعات والمعاهد مجانًا ومع كثرة الأعداد تكون النتيجة أن الطالب المتوسط يظل فى الغالب متوسط الفهم والدراسة فيخرج إلى المجتمع متوسطًا فى كل شىء فى العمل والخدمة والأسرة وما إلى ذلك!.
وفى ظل ثانوية عامة تصارع الغش بكل أشكاله وألوانه وإن لم يكن الغش، فالجو العام مظلم بسبب المال المسكوب فى الدروس الخصوصية واستغلال أولياء الأمور فى ذلك، ناهيك عن الشد العصبى الذى يعيشه الأهل والطلاب على حد سواء.. كل ذلك فى الغالب لا يفرز طالبًا سويًا ولا يفرز الشاطر من الخائب ولا يفرز المجتهد من الكسول فالامتحان هدفه قياس الفارق بين الطلاب ومن استوعب المناهج.
مجتمعنا اليوم فى أمس الحاجة إلى طالب فوق المتوسط بل طالب من الفئة الجيدة التى تحصل العلم وقادرة على هضم المناهج وناشطين فى تحصيل الدرس وقادرين على البحث العلمى وبلورة ذلك فى الابتكار الذى يكون مفيدًا للمجتمع هؤلاء يستحقون «مجانية التعليم» ولتفتح لهم أبواب الجامعات والمعاهد العليا، بل يجب تشجيعهم ورعايتهم ماليًا ومعنويًا ودراسيًا فى بلادنا.
يجب أن يكون معلومًا للطالب والطالبة وذويهم أن الامتحانات فرصة للطالب فوق المتوسط حتى يجتهد ومن يستحق فعلًا مجانية الجامعة، ويجب على الدولة أن تفكر جديًا فى التخلص من رعب الثانوية العامة والتوسع فى امتحانات القدرات واللغات للمزمع دخولهم إلى الجامعة وربما إلغاء مكتب التنسيق.
نحتاج إلى نقلة جدية فى الرؤية حول مواضيع التعليم والتعليم الخصوصى، فليس الحل هو الالتحاق بالجامعات الأجنبية ذات المصاريف الباهظة التى ليست فى متناول الجميع، بل تهدم مبدأ تكافؤ الفرص، ولا الحل يكمن فى أن يسافر أبناؤنا إلى الخارج للالتحاق بالجامعات هناك فيتغربوا عن بلادهم وأهلهم وتقاليدهم. أظن أن تعديلًا فى الرؤية يحتاج الاستعجال فى اتخاذ القرارات المناسبة بدون خوف أو رعدة أو ارتعاش الأيدى. مصر تحتاج الآن إلى من هو الأكفأ والأنجح والأذكى والأكثر اجتهادًا لأن هؤلاء سيقودون الجمهورية الجديدة وقاطرة التنمية والتطوير فيها.
نقلا عن المصرى اليوم