ياسر أيوب
أسباب كثيرة قادت الولايات المتحدة الأمريكية لتتصدر قائمة بلدان العالم الفائزة بميداليات أوليمبية بعد امتلاكها ٢٦٢٩ ميدالية من أثينا ١٨٦٩ حتى طوكيو ٢٠٢٠.. منها الحرص الأمريكى طول الوقت على الفوز كدعاية سياسية واجتماعية وإعلامية.. والاعتماد على العلم كوسيلة أساسية لانتقاء اللاعبين وإعدادهم وتطوير أدائهم.. وتنوع أصول الأمريكيين وجذورهم، فيسهل تحقيق الانتصار الأوليمبى فى ألعاب كثيرة مختلفة.
لكن يبقى السبب الأهم هو أن اللجنة الأوليمبية الأمريكية هى الوحيدة فى العالم التى لا تتلقى أى دعم حكومى وتعتمد فقط على الرعاية التى تأتى بها الميداليات الكثيرة والانتصارات المتتالية.. وأدى ذلك إلى نظام صارم فى اختيار مَن يمثلون الولايات المتحدة فى أى دورة أوليمبية دون مجاملات واستثناءات أو خضوع لضغوط إعلامية وحكومية أو التفات لتاريخ ونجاحات قديمة.
وكانت حكاية العداءة أثينج مو، التى دارت وقائعها منذ ثلاثة أيام فقط، بمثابة دليل جديد على كل ذلك.. ففى التصفيات الأمريكية الأوليمبية لألعاب القوى فى استاد هايوارد فيلد بمدينة يوجين فى ولاية أوريجون.. وفى اليوم المخصص لسباقات الجرى، وفى الاختبار الأخير، سقطت مو على الأرض، ولم تُكمل السباق، فتم استبعادها من البعثة الأمريكية فى دورة باريس المقبلة.
ويبقى ذلك مجرد خبر عادى إلا إذا توقفنا أمام عدة حقائق أساسية.. فهذه البطلة الأمريكية المولودة منذ ٢٢ عامًا فى ترينتون، عاصمة ولاية نيوجيرسى، هى التى فازت بميدالية الذهب فى سباق ٨٠٠ متر فى دورة طوكيو الماضية.. وفازت بعد طوكيو بعام واحد فقط بميدالية الذهب فى سباق ٨٠٠ فى بطولة العالم لتصبح أصغر عداءة فى التاريخ تجمع بين الذهب الأوليمبى والذهب العالمى.
وكانت قد فازت فى طوكيو أيضًا بذهبية تتابع السيدات لسباق ٤٠٠ متر وبطولات أخرى كثيرة وأرقام قياسية أيضًا.. وشاركت مو فى التصفيات الحالية دون أن تراودها أى شكوك فى أنها ستفوز وستسافر لباريس لتعود من هناك بميدالية أوليمبية ثانية فى نفس السباق.. ولابد هنا من التوقف مرة أخرى للتأكيد على أن فوز مو بالذهب فى طوكيو ثم بطولة العالم لا يعنى أن تسافر تلقائيًّا إلى باريس دون تصفيات.
وبعد سقوطها وبكائها وتعاطف حتى زميلاتها وزملائها.. تقدمت مو بالتماس لأن تخوض السباق مرة أخرى لتثبت كفاءتها وتدافع عن حلمها الباريسى الذى ليس مستحيلًا.. ولا يزال الالتماس حتى الآن مرفوضًا رغم الاحترام لما حققته مو سابقًا لبلادها.. والتى ستسافر لباريس هى العداءة نيا أكينج، التى فازت بالسباق هذه المرة، بعدما سقطت سابقًا فى التصفيات وتم استبعادها من السفر إلى طوكيو.. ولم تعد مو تملك إلا انتظار سواء الموافقة المستحيلة أو تصفيات دورة لوس أنجلوس ٢٠٢٨.
نقلا عن المصرى اليوم