ايامنا حضور متجدد ودائم فى المسيح 
كمال زاخر
نحتفل معاً الأحد القادم بعيد حلول الروح القدس (العنصرة) على الرسل والذى يحسب عيد تأسيس الكنيسة، القائمة والدائمة الى الأبد، كعروس تتزين لعريسها، الرب يسوع المسيح، والمقاوِمة لكل الأنواء فى صمود صار احد اهم سماتها. 
 
وبحسب ما سجله سفر أعمال الرسل (أحد اسفار العهد الجديد وكاتبه هو القديس لوقا الرسول) نقرأ:
 "وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا."
 
ويذكر كتاب معجم المصطلحات الكنسية ـ الذى اعده وأصدره الراهب القس اثناسيوس المقارى، طبعة ثالثة ٢٠١٢م. ـ فى معنى "العَنصَرة" (أنها لفظة عبرانية معناها اجتماع أو محفل، واستخدمت لتشير إلى عيد الخمسين اليهودى؛ الذى كان يجتمع فيه كل ذَكَر من اليهود من كل بقاع الأرض إلى أورشليم للاحتفال بالعيد، ويقع عيد الخمسين اليهودى بعد سبعة أسابيع كاملة من عيد الفصح اليهودى، لذلك سُمى "عيد الأسابيع".) 
 
(وقد اطلقت الكنيسة هذا الاسم على عيد الخمسين المسيحى الذى فيه حل الروح القدس على المجتمعين فى علية صهيون، فصار يُدعى فى العهد الجديد "عيد العنصرة" فى العبرية، أو "عيد البنديكستى" فى اليونانية.) 
 
ويستطرد "ويعتبر عيد الخمسين، العنصرة أو البنديكستى، العيد الثانى فى الكنيسة بعد عيد القيامة. ومنذ عصور المسيحية المبكرة أُطلقت كلمة بنديكستى أو زمن العنصرة ليس على يوم العيد نفسه فحسب بل وأيضاً على طيلة الأسبوع الذى يليه." 
 
ويأتى حدث حلول الروح القدس بعد الصعود - اليوم الذى صعد فيه المسيح للسماء بعد قيامته من الاموات باربعين يوماً - والصعود بحسب سفر اعمال الرسل هو: »الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ (المسيح)، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ.، اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ »
وبالفعل حل عليهم الروح القدس بعد عشرة أيام من حدث الصعود. 
 
صيام الرسل وارتباطه بالعنصرة:
كانت الكنيسة الأولى تمارس هذا الصوم (صوم الرسل) بعد صعود المسيح مباشرة وحتى حلول الروح القدس، أى عشرة أيام فقط، ثم مر الصوم بمراحل مختلفة فى مدته حتى قننه البابا خريستوذولوس (القرن الحادى عشر) فى مجموعة قوانينه، وفيها حدد ان تكون بدايته اليوم التالى لعيد العنصرة وهو تاريخ غير ثابت لارتباطه بعيد القيامة وهو غير ثابت بينما نهايته محددة بتاريخ محدد لذلك تتأرجح مدة  هذا الصوم ما بين ١٥ و ٤٩ يوماً.
ء———————————
مطلب تدبيرى:
(لعل الكنيسة ترد هذا الصوم الى أصله كما كان فى كنيسة الرسل، وتضبط حسابات السنة الليتورچية مجدداً، اتفاقاً مع ما قاله الرب يسوع المسيح ردا على من سألوه "لماذا لا يصوم تلاميذك؟!" 
فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَصُومُوا وَالْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَصُومُوا. وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ،
فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ." مرقس ٢ : ١٩ - ٢٠) 
ء———————————
وهكذا استطاعت الكنيسة أن توقع الأحداث الكبرى
 على ايام السنة، واسمتها السنة الليتورچية والتى فيها يصير الرب يسوع المسيح فى ذهننا على مدار ايامنا... امسنا ويومنا وغدنا.