كمال زاخر
الشخصيات العامة لا تعامل معاملة الناس العاديين فى التناول لمواقفهم وقراراتهم، لانها ترسم ـ وتؤثر فى ـ حياة الناس والهيئات التى يعملون او ينتمون لها، كما فى الحياة العامه.
فمازلنا نحلل ونتفق ونختلف على شخصيات عامة (دينية وسياسية وثقافية وفنية وادبية....) غابت عن الحياة من عقود، بل ومن قرون، ومازالت الابحاث تكشف عن وثائق تبررها او تدينها، وقد تعيد كتابة سيرتها مجدداً بما يغاير ما استقر عنها قبلاً.
المشكلة فى التأثر الوجدانى، المتراوح بين الحب الجارف والكراهية البغيضة، التى تحكم التحليلات المعاصرة للشخصيات محل الطرح، والتى تأتى متأثرة بعوامل عديدة، منها:
* الانبهار الشخصى،
* الصورة الذهنية التى تتشكل بفعل حجم المعلومات التى تتعلق بها، حقيقية أو مصنوعة،
* الهوى الايديولوچى، وتأثير الشعبوية،
* المصالح الشخصية أو الفئوية أو توظيفها فى احتراب الفرقاء.
خاصة فى المجتمعات التى تحجب فيها المعلومات، او يحظر فيها شهادات المعاصرين، ربما بسبب غياب ثقافة تدوين المذكرات الشخصية، أو كتابتها بأغراض غير أمينة أو غير موضوعية ، أو ربما تحجب وتمنع الشهادات المعاصرة بسبب القمع السلطوى كل فى دائرته، او بسبب التخوف من ردة الفعل من العوام الذين قد يرونها - الشهادات المعاصرة - تهدد ما وقر عندهم عن تلك الشخصيات ربما الى مستوى اليقين.
وقد يحدث هذا بتأثير - واحيانا تحريض - المحتربين عبر آليات مخاطبة وتشكيل الوعى العام.
ورأينا مثل هذا فى قبول ورفض شخص المسيح فى المجتمع اليهودى المعاصر له فى مواقف عديدة، ورأينا الانقلاب الشعبوى من التأييد الجارف الى درجة استقباله كما الملوك عند دخوله اورشليم؛ خلصنا يابن داود، الى الاحتشاد الشعبوى الصارخ؛ اصلبه اصلبه، بعد الاستقبال الثورى بأيام قلائل !!.
ربما لهذا نرصد أمرين؛ ان الكنائس التقليدية تشترط فى عرفها مرور ما لا يقل عن خمسين سنة على انتقال ورحيل شخص حتى تعلن قداسته بعيدا عن ضغط اللحظة.
والأمر الثانى عند المؤرخين فى توثيقهم للأحداث التى تتحول الى تاريخ، انهم يعتمدون على مدخلات عديدة منها السير الذاتية إن وجدت، وشهادات المعاصرين، برؤى مختلفة، والدراسات التحليلية ذات الصلة، ومن كتابات المؤرخين ومقارنتها نقترب من الحقيقة الى حد كبير.
لهذا فما يحدث ويثار ونختلف فيه، حول شخصيات معاصرة ومؤثرة، بحجم قداسة البابا شنودة والأب القمص متى المسكين، أمر طبيعى وصحى رغم حدة الطرح وانحيازاته عند الفرقاء.
ظنى انه سيأتى جيل ـ ربما بعد عقود ـ لا تحكمه احكام اللحظة؛ قربنا وبعداً، تعاطفا او دفاعاً عن مصالح استقرت وبقاؤها رهن بقاء الصورة اليوتوبية لمن يناصروه.
ذاك الجيل المنتظر سيتناول هذه الأمور بكثير من الموضوعية وقليل من الصخب الوراثى والايديولوچى.