Oliver كتبها
كلما رأيت سفينة يوحنا يملأنى رجاء بأن صيد اليوم وفير.لست وحدي الذى لاحظ ذلك بل كثير من صيادى طبرية شعروا  بذلك و تعجبوا .كنت أعرف بطرس فالصيادون دوماً يتعارفون.كنا نسمي هؤلاء الرجال صيادين يسوع.لأن المسيح كان يصطحبهم دوما و أحياناً يجمعهم قرب الشاطئ يكلمهم و يعلمهم شيئاً لا نعرفه نحن.الحقيقة أننى لم أحاول أن أعرف ماذا يقولون هناك.

كان الظلام باق و الفجر ينتظر القمر.اقتربت سفينتنا بخجل إلى سفينة هؤلاء الرجال الصيادين ذوى الرزق الخاص . كان شعورا غامضاً بالخير و البركة يملأنا عندما نقترب منهم..كنا نتعمد أن تبخر سفننا فى نفس التيارات التى تنجم عن مرور سفن يوحنا و رفاقه.كانت رؤية سفن تلاميذ يسوع بشيرا بالرزق الوفير.حسن أنهم عادوا.منذ وقت طويل لم نرهم يصطادون لكن معلمهم يسوع قد مات.كانوا حزانى دفعهم الحزن  إلى البحر.يأتى إلى مسمعي من سفينتهم أشعار الحداد و بعضاً من مراثى إرميا.

إنهمكت في الصيد المتضاعف كأن السمك يبحث عن سفينتي ليقفز فيها.يحب أن ينطرح في شبكتي و أنا أتساءل إذا كنت فقط أتلمس من بركتهم و لى هذا الصيد الوفير فكم و كم يكون ما لهم من الصيد؟ بركة لقاء سفن صيادي المسيح حلت على سفينتي.رغم أنى لم أسمع منهم اليوم لا مزمار و لا قيثار.
الشمس قادمة و الفجر أسرع خطاه نحونا.سأخرج قبل إنعقاد السوق لأفرز الصيد و أتاجر.رأيت من بعيد أشرعة سفن تلاميذ يسوع خارجة هى الأخرى .حتماً هم إكتفوا بالصيد و تهيأوا مثلى للتجارة.

وصلتُ قرب الشاطئ  متعباً فلا صيد بلا تعب.لملمت شبكتى و هممت أن أخرج من سفينتى لكن قدماى تسمرتا. هل حقاً هذا ما أراه.رأيت معلمهم يسوع واقفاً كمن ينتظرنى أو ينتظرهم.تلاقت عيناى بعينيه من بعيد .ألم أراه مصلوباً ؟ ألم أبصره محمولاً للدفن؟ ألم نتأكد من موته قدام الجميع فمن إذن هذا الذى أراه؟ إنه يشبهه أو إنه هو ؟أو أنا أتوهم أنه هو من فرحة الصيد الوفير؟  عيناي لا تقدران على مفارقة عينيه.كأنه ثبتني على صخرة نسميها هنا صخرة اللقاء.عندها نلتقي بعد خروجنا من البحر.هل سيقول لي شيئاً مما كان يقوله لتلاميذه؟ آه على عقلي الذى ضاع.أنا أنتظر ميتاً ليكلمني ؟ أهو حى أم أنا ميت؟

وصل تلاميذه إلى الشاطئ.لم يلملموا شباكهم.كان بطرس يكلمه فلم أتبين ما قال دخل  المسيح خطوات قليلة فى المياه و صاح فيهم فعادوا إلى البحر.كأنهم لم يصطادوا بعد.إذن أنا لا أتوهم أنه معلمهم؟ما زال عقلي يعمل رغم أنه لا يفهم.رأيته ميتاً منذ أيام و الآن هو حى قدامى ؟سر هذا المعلم أعمق من البحر.

تقدم نحوى يسوع.ساعدنى لأفرغ الشبكة قال لى كلمة واحدة حين إقترب منى.قال (سلام).فأحسست أن كل البحر سلام و النسيم سلام و الأرض سلام و الصيد سلام و أنا بعقل متيبس و لسان متلجم و عينين لا أبصر بهما ما أراه.كانت لمساته تفعل الكثير .كنت خائف و مرتبك بل مرتعد.أفرغت الشبكة في صمت و أعطيت يسوع أفضل ما جمعته الشبكة.أخذ السمكات و مضي و أنا متسمر فى أفق المسيح.

عاد المسيح إلى صخرة اللقاء و أشعل ناراً ليشوى السمك.إنه يعد وليمة لأحباءه.تداركت نفسي.كأنما أنا عائد من سفر بعيد.جريت نحو السفينة أخذت خبزاتى و هرولت نحو يسوع .وضعتها قدامه بخوف ,كنت أود أن يمسكنى ألا أذهب عنه.لكن يكفنى أنه منحنى سلاماً كأننى أحد تلاميذه.مع أننى ما زلت لا أفهم كيف أنه كان قدامى ميتاً منذ أيام و الآن هو قدامى حي يتحرك و يتكلم و يمنحنى سلاماً.

قبل أن أبتعد سمعت صوتاً صارخاً.يا يوحنا يا يوحنا هو الرب هو الرب .فذاب قلبي داخلى و لم أقوى على أي خطوة.توقفت بل توقف كل شيء داخلى و خارجى.أنا رأيت الرب؟ أهذا هو الرب الذى معى؟

توقفت لأرى و أشهد.اقتربت أشرعة سفن صيادي يسوع  من الشاطئ.كانوا يجرون شباكهم بتثاقل.لأن معلمهم سخى.تركت نفسي للمشهد.صرت فيه كأننى أرانى من بعيد على صفحة مياه بحر طبرية.كنت فقط أتحرك بقوة ليست قوتى و عقل آخر ليس عقلي. وصلنا بالسمك إلى الشاطئ. خجل بطرس من معلمه لأنه خلع رداءه فى البحر و أنا خجلت من نفسي لأسباب لم يقرأها عقلي. كان يسوع يشوى السمك و كان عنده خبز أكثر مما كان فى سفينتي.

سمعته يدعوهم لوليمته قائلاً: هلموا تغدوا .كان غذاء الصبح و خبز الصبح و كان وجه المسيح الحى وجه الصبح ذاته.

 لا أدرى هل أنا عدت إلى سفينتي أم قد ودعتها. أظن أنى تركت شبكتي و صرت في شبكته صيداً متعلقاً .حتى صار قلبي ينبض له و ليس لي قائلاً :قدوس الحى الذى قام الذى لا يموت.