مجدي جورج
اسفرت نتائج الانتخابات الاوروبية التي جرت بالامس الاحد 9 يونيو عن تقدم احزاب اقصي اليمين في معظم الدول الاوروبية .
ففي فرنسا حل حزب مارين لوبين اولا بنسبة تصل الي 31٪ ليحقق ضعف ما حصل عليه حزب ماكرون الذي حصل علي حوالي 15٪ بينما جاء حزب ملينشون اليساري ثالثا بحوالي 14٪ ولكن بفضل حزب الاسترداد( وهو حزب يميني اخر ) بقيادة زامور حقق اختراق نوعي وتخطي نسبة الخمسة في المائه فان اليمين يكون قد وصل لعتبة الاربعين في المائه وهو ما دفع الرئيس لحل البرلمان وتحديد اخر الشهر لعقد انتخابات برلمانية جديدة املا في كسر هيمنة اليمين والحوز ثانية علي ثقة الناخبين او حتي كشف اليمين امام الناخبين لو استطاعوا الوصول لمنصب رئاسةالوزراء .
الوضع كان مشابه في ايطاليا حيث حصل حزب اخوة ايطاليا بقيادة جورجيا مليوني علي حوالي 29٪ ليحل في المقدمة فاذا اضفنا لذلك نسبة حلفائها اليمنيين فان اقصي اليمين يكون قد تربع علي نتائج الانتخابات الاوروبية هناك .
في المجر الوضع مشابه لما سبق حيث حصل حزب اوربان رئيس الوزراء علي اعلي الاصوات وهو حزب معارض للتوجهات الاوربية والهجرة وحتي معارض لانخراط اوروبا في الحرب ضد روسيا .
في هولندا تكرر نفس الامر فحزب الحرية اليميني بقيادة فيلدرز حل في المقدمة وحصد اعلي الاصوات .
وفي اسبانيا حل اليمين ايضا في المقدمة متخطيا الحزب الاشتراكي الحاكم هناك ولكن اليمين هذه المرة ليس اقصي اليمين بل يمين الوسط ممثلا في الحزب اليميني الشعبي وان كان حزب فوكس الممثل لاقصي اليمين حل ثالثا في هذه الانتخابات .
وفي النمسا حقق حزب الحرية اليميني المركز الاول متخطيا جميع الاحزاب التقليدية سواء من اليمين او من اليسار .
في بلجيكا استقال رئيس الوزراء بسبب خسارة حزبه لمقعدين حيث لم يحقق الا حوالي 5.5٪ .
كل هذه النتائج بثت السعادة والفرحة في نفوس البعض وتوقعوا ان هناك انقلاب كامل في السياسات يمكن ان يحدث في فرنسا خاصة واوروبا عامة لتتخلص من سيطرة الحكام الغير قادرين علي السيطرة علي امور الهجرة والاقتصاد وغيرها فهل هذه السعادة لها ما يبررها وان فعلا اوروبا وفرنسا داخلين علي مرحلة تنظيف البلاد من الداخل والاهتمام بشؤون المواطن عوضا عن الانغماس في قضايا العالم المختلفة بصراعاته ومهاجريه وغيره ؟
الاجابة علي السوال ليس بالامر اليسير للاتي :-
اولا فرغم هذه النتائج الباهرة التي حققها اليمين الا ان الامور لازالت بعيدة كل البعد عن تحكمه في البرلمان الاوروبي فهو بالكاد وصل الي اقل من ربع المقاعد ومن المتوقع ان يجمع اليمين التقليدي واليسار بكل توجهاته علي منع اقصي اليمين من التحكم في اي لجان او تمرير اي قوانين تناسب توقعات ناخبيه .
ثانيا ان البرلمان الاوروبي رغم اهميته الا ان تاثيره علي السياسات الداخلية لكل دولة لازال غير كبير فالبرلمانات الموجودة في كل دولة هي التي تخطط وتقرر السياسات العامة لكل دولة علي حدة وهذه البرلمانات لازالت تتحكم فيها الاحزاب التقليدية سواء يمين او يسار .
ثالثا ان الاحزاب اليمينية والتي حققت اختراق كبير في هذه الانتخابات حققته لانها من جولة واحدة ولكن في الانتخابات البرلمانية العادية ( او حتي الرئاسية ) فان الانتخابات تجري علي جولتين لانه نادرا ما فاز احد المنافسين من الجولة الاولي وتعدي نسبة الخمسين في المائة لذا فان الحاصلين على اعلي الاصوات لو كان احدهما يميني فان الجميع يتكتل ضده ليس حبا في المنافس ولكن كراهية في ممثل هذا الحزب اليميني ( حدث هذا مع مارلين لوبين مرتين امام ماكرون وحدث ايضا مع والدها امام جاك شيراك ).
لكن هذا لا يعني عدم اهمية النتائج الاخيرة فهي تعطي مؤشر علي ضجج الناخب من الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الموجودة في بلاده وعلي توقه للتغير وربما يقوم هذا المواطن بالتغيير الفعلي والاصرار على ايصال اقصي اليمين للحكم نكاية في الاحزاب التقليدية التي خربت بلادها واهتمت بالخارج ومشاكله علي حساب مواطنيها وبلادها .
مجدي جورج
باحث اقتصاد دولي
فرنسا