هاني لبيب
هذا هو المقال رقم 300 لى على صفحات جريدة «المصرى اليوم»، والذى يتزامن مع الاحتفال بمناسبة مرور 20 سنة على إصدارها، والتى استطاعت خلال كل تلك السنوات أن تصبح ضمن مكونات المعادلة الرئيسية للرأى العام فى المجتمع المصرى.
مازلت أصمم على الانحياز إلى أن أهم ما يميز جريدة «المصرى اليوم» هو صفحات الرأى والثقافة.
صفحات الرأى التى تضم مقالات وأعمدة للعديد من رموز الفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد لمختلف الاتجاهات الفكرية، حتى جاوز عددهم أكثر من 100 كاتبة وكاتب.
وعلى الجانب الآخر، نجد صفحات الثقافة المميزة والمتنوعة جدًّا بين محاورات ثقافية ومراجعات كتب وأشعار ونقد.
وسوف أنحاز هنا بالدرجة الأولى إلى مقالات الرأى، كونها تمثل جدوى الكتابة الحقيقية؛ لأن كتابة رأى أو وجهة نظر هى تعبير مباشر عن موقف فكرى محدد غير قابل للتأويل ضد ما يريد كاتبه.
كما أن أصحاب الرأى لا يملكون سوى التعبير عن رأيهم بالكتابة لأن ترجمة هذا الرأى إلى واقع عملى هى مهمة ودور منوط به السياسيون والتنفيذيون.
ومع ملاحظة أن صاحب الرأى الحقيقى هو الذى يتمسك برأيه طبقًا لأسباب حقيقية ومنطقية، وهو من أكثر المُعرَّضين للهجوم والتشهير بسبب مواقفه التى يتبناها.
مقالات الرأى هى التطبيق العملى لمبدأ قبول الاختلاف واحترام التنوع وتقدير التعددية، وما ينتج عنها من تنوع وثراء فكرى من شأنه أن يُحدث نهضة فكرية وثقافية معتبرة.. بعيدًا عن العنعنات وعن الفكر الذكورى المسيطر والتدين الوهمى واللاعقلانية وترويج الخرافات.
لا أومن ككاتب بمقولة إن «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية» لأنها تمثل مساحة صدام مع أصحاب الرأى الواحد.. أحاديى النظرة.. رافضى الاختلاف إلى درجة التكفير.
ولا أثق فى مقولة ادعاء «الحياد والموضوعية»، بقدر ما أثق فى الإيمان بأفكار واتجاهات محددة، والقناعة بأهميتها وأفضليتها عن غيرها، وهى جميعها مساحات للانحياز التام لما أقبله وأقتنع به وأفصح عنه بالكتابة، والرفض التام لغيره، فى إطار التقدير التام للاختلاف والتنوع، وعدم مصادرة أى رأى، مهما كانت درجة اختلافى معه.
على مدار 300 مقال.. كتبت فى العديد من الأفكار والقضايا، وعلى سبيل المثال: المواطنة، والحوار بين أتباع الأديان، وإصلاح المؤسسة الدينية، والإعلام والميديا الجديدة والسوشيال ميديا، وحدود حرية الرأى والتعبير، وعن علاقة الدين بالعلم والسياسة، وقضايا الجندر «النوع الاجتماعى» فى المساواة والتمكين، وعن الأحزاب والمعارضة والمجتمع المدنى فى السياسة، والعلاقات الدولية سواء على مستوى الجوار والعالم، وجدوى بقاء الجامعة العربية واستمرارها كما هى عليه الآن، والكتابة عن الكثير من الشخصيات والرموز المصرية، بالإضافة إلى سلسلة المقالات الطويلة التى جسدت حالة من الاشتباك والجدل والاختلاف عن الثقافة بمجالاتها ومؤسساتها المتعددة، والسياسات الثقافية المتبعة والمفترضة، والاستثمار الثقافى الذى يُمكِّننا من الحفاظ على ريادة مصر الثقافية.
نقطة ومن أول السطر..
كتابة المقالات شغف لكل كاتبة وكاتب، وصناعة الأفكار بالنسبة لهما حياة.
وكتابة المقالات على صفحات «المصرى اليوم» هى قيمة.. يعتز بها أصحابها.
كاتبات وكتاب.. يستطيعون صناعة الأفكار وإنتاجها بالرصد والتحليل، والإسهام فى تقديم وجهات نظر متعددة.. لحلول ومبادرات وسيناريوهات جديدة عملية.. قابلة للتنفيذ لصالح المجتمع وتطوره.
نقلا عن المصري اليوم