عيد اسطفانوس
نعم كالزلازل والبراكين والفيضانات والاعاصير والانهيارات الارضيه فتلك ظواهر ضروريه لحفظ توازن الكوكب ، تتحرك القشره الأرضيه لتخف الضغوط على أجزاء منها وتهب الأعاصير وتهطل الأمظار بغزاره ليعتدل اختلال الميزان االبيئى نتيجة عوامل طبيعية وأيضا نتيجة أنشطة بشرية جائره ، وهى كلها ظواهر بدأت مع نشأة الكون ،ورغم مآسيها وآثارها المدمرة تأقلم معها سكان كوكبنا تهدم بيوتهم وتحصد أرواحهم لكن لا مفر من التعايش معها باعتبارها ضروره كونيه ولا أحد يستطيع ايقافها .
والحروب على مر التاريخ الانسانى لم تك تحتاج الى أسباب جوهريه لاندلاعها بل على العكس معظمها كان يمكن تفاديه لكن الصراع الانسانى النابع من غريزة الوجود والبقاء والسيطره والاستحواذ كان هو المحرك الآول ،عامل آخر مهم وهو التوازن البيئى فكل المخلوقات على الأرض تتقاتل فى صراع أزلى وسيظل أبدى انصياعا لمبدأ البقاء للأقوى وانقرضت فصائل من الحيوانات والنباتات والطيور وانقرضت أمم وحضارات وانمحت ثقافات ولغات .
وبواكير الحروب كانت كلها بسبب البئر والمرعى الماء والكلأ ،حروب بين قبائل رحل بنظام الاغاره ميدانها بقعه محدوده من الجغرافيا ،وكان القتال بالالتحام قبل اختراع النبال والسهام والمنجنيق ،وكلها أيضا كانت تتوقف وتعقد المعاهدات والتصالحات الى أن وصلنا لما نحن عليه الآن الحرب عن بعد والميدان الكوكب كله ليس هذا فقط بل واصطبغت بصبغه دينية ،ومن هنا انتفى عنها صفة الظاهره الكونيه وأصبحت نشاط بشرى مدمر بامتياز مما دعم استمراريتها وصعوبة توقفها فى بؤر كثيره من العالم فاضفاء صفة القداسة على تلك الصراعات جعل من السماء طرفا ثالثا كل يدعى انها الراعى الرسمى تمنحه البركه والعضد وترسل له كتائب من الملائكه لتحارب فى صفه.
وتهرق دماء وتزهق أرواح وتدمر مدن وتظل جذوة الصراع مشتعلة تغذيها نصوص يطوعها أمراء حروب محترفون أغلقوا كل السبل للسلام وحقن الدماء البريئه ،وجعلوا من القتل والعداوه والكراهيه مهنه ورساله مقدسه تبث على مدار الساعه تغذيها ميديا مسعورة برنامجها الرئبس هو الكراهية ونجومها شخوص يعتاشون ويتكسبون ويعيشون مرفهون على حساب أبرياء مطحونين موظفون كوقود لصناعة جهنم على الأرض والنتيجه مخيمات فى عراء قاحل أو فى زمهرير قارس طوابير طويله من أجل شربة ماء أو حفنة دقيق .
والخلاصه انها أى الحرب لم تعد ظاهرة كونيه طبيعيه بل أصبحت ظاهره بفعل فاعل ، فاعل خبيث استوطن منطقتنا المنكوبه ترك الكوكب كله لأنه لم يجد سوقا رائجه فيه لبضاعته لكن وجدها عندنا ، وجد ميدان رحب اتسع لكل الموبقات التى ترتكب ضد الانسانيه قتل وتهجير وابادة وفقر ومخيمات ومخدرات وغرق فى مستنقع الغيبيات الازلى ،كل ذلك حول الحرب الى ظاهره تخصنا نحن فقط واصبحنا فرجه مجانيه لكل الكوكب.
عيد اسطفانوس